سلاح الجو السلطاني العماني.. إتقان القوة الناعمة بأدوات صلبة
بقلم:د. محاد الجنيبي
(@mahadjunaibi)
أقيم مؤخرا المعرض الدولي للطيران في قاعدة فيرفورد الجوية في المملكة المتحدة، الذي يعد أضخم عرض عسكري لعالم الطيران في العالم أجمع، وزاره ما يزيد على 200 الف زائر خلال 3 أيام، تفاعلوا بشكل ملفت مع 1500 منتسب لحقل الطيران من رواد الفضاء إلى الطيارين بمختلف تخصصاتهم والأطقم الأرضية والجوية إضافة إلى رواد التقنية المتطورة في عالمي الطيران والفضاء، الأمر الذي ساهم في إثراء معرفة الزائرين حول المهن الرائدة واكتشاف الفضاء و العلوم وتقنيات عالم الطيران.
إن هذا المعرض يمثل أهمية استراتيجية للمملكة المتحدة وحلفاؤها و تنطوي عليه العديد من الإيجابيات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، ويمثل فرصة نحو تعزيز العلاقات القائمة مع الدول المشاركة، وفرصة أخرى لتكوين علاقات جديدة و بناءة مع أطراف أخرى.
ما يثير الاهتمام هو مشاركة سلاح الجو السلطاني العماني في هذا المعرض ببعض الطائرات والأنظمة، وتحويل مشاركته التقليدية في المعرض إلى مشاركة غير تقليدية، لفتت الأنظار و دارت لها الأعناق، الأمر الذي يحقق رؤى العهد الجديد ورؤية عمان 2040 التي إنعكست على مشاركة السلاح من خلال إدارة الموارد المالية بشكل محكم واختيار الأشخاص بناء على الخبرات لا على العلاقات الشخصية، الأمر الذي أظهر مشاركة سلاح الجو بشكل يتفوق على نظرائه من الدول الأخرى حسب إفادة الخبراء والمتخصصين الأجانب.
إن إتقان سلاح الجو السلطاني العماني للعبة القوة الناعمة بأدواته الصلبة حقق العديد من الإيجابيات، أهمها تحقيق عاملي الجذب والتأثير، وذلك من خلال التعريف بعمان الماضي و الحاضر ومساهمة القوات المسلحة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، و إظهار الثقافة العمانية الأصيلة والتاريخ العسكري العريق الذي مد يد السلام للأشقاء و الأصدقاء، وهي الصورة المشرقة لقوات السلطان المسلحة، التي تمثل في حقيقتها القوة الصلبة العمانية، وهنا يتحقق المزج الحقيقي بين القوة الصلبة والقوة الناعمة وهو ما يطلق عليه القوة الذكية حسب نظرية القوة الناعمة للبروفيسور جوزيف ناي.
رغم عدم درايتنا الكافية بعالم الطيران والمؤسسات الاستراتيجية ذات الصلة إلا أننا ومن خلال قراءتنا المتواضعة نجد أن سلاح الجو السلطاني العماني أصبح في حلة جديدة وفكر استراتيجي أعمق يتناغم مع متطلبات الأمن القومي في العهد الجديد، ولا بد أن نذكر هنا إنجاز مهندسي السلاح في تحقيق أحد أصعب برامج الصيانة العميقة الخاصة بطائرات السي 130 خلال العام المنصرم إبان جائحة كورونا و تقييد حركة الطيران حول العالم، الأمر الذي ساهم في خفض تكلفة الصيانة ودعم خطط الترشيد، ورفع الروح المعنوية في ظل مآسي و إحباطات جائحة كورونا وتبعاتها.
حفظ الله عمان وقائد قواتها الأعلى سلطان العهد الجديد وشد عضده بأخيه الشهاب الأمين، وثبت الله الشرفاء من أبناء عمان وقادة مؤسساتها ومكنهم من أداء واجباتهم ومهامهم بأمانة واحترافية وحفظهم من شر الفساد والإفساد، قال تعالى” لمثل هذا فليعمل العاملون” الأية 61 من سورة الصافات.