“الوثائق والمحفوظات الوطنية” تتمكن من ترميم وصيانة نسخة لخريطة “صورة الأرض” للإدريسي
وهج الخليج – العمانية
تمكّن فريق عمل الترميم والصيانة بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية من ترميم وصيانة خريطة “صورة الأرض” للشريف الإدريسي -المتوفى سنة 560 هجرية، وهي نسخة نادرة مجمّعة لخرائط رسمها العالِم العربي الشريف الإدريسي أحد كبار الجغرافيين ومؤسسي علم الجغرافيا في التاريخ، في عام 1154، حيث نجح فريق العمل في المحافظة على وحدة الخريطة بعد تعرُّضها لخطر التفتت والتكسر نتيجة لارتفاع مستويات الحموضة وفقدان الخصائص المائية بها، وذلك عن طريق تقنية الترطيب الموضعي باستخدام مستحلبات مادة النشا الطبيعية؛ لانتشال الخريطة من لوح خشبي كانت قد ألصقت فيه الخريطة باستخدام كميات كبيرة من غراء بلاستيكي بنّيّ شديد الجفاف؛ أدّى إلى تدهور الحالة المادية للخريطة وفقدان خصائصها المائية من شد وثني وطي.
وتعد خريطة “صورة الأرض” من أهم الخرائط التاريخية التي وضعها العلماء العرب المسلمون والتي توضح البلدان وجغرافية الأرض، كما تحتوي على تفاصيل دقيقة عن تلك الحقبة الزمنية وتوزيع البلدان والبحار والأقاليم، وتظهر سلطنة عُمان في الخريطة بشكل بارز باسم “عُمان”؛ إضافة لأشهر المدن العُمانية مثل مسقط وصحار ودما وقلهات وصور وظفار ومرباط وحاسك وقبة قبر هود، وسعال وسر عُمان (الظاهرة).
وحول مراحل الترميم والصيانة وعملية الترطيب الموضعي المُستخدمة في عملية الترميم يقول محمد بن حميد السليمي رئيس قسم الترميم بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية: تتطلب تقنية الترطيب الموضعي للوثائق مهارة فنية ومعرفة دقيقة بالمكونات المادية للوثائق من أحبار وألوان وحركة خطوط ألياف الورقة الطولية والعرضية، وهي تقنية مبتكرة في قسم الترميم بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية؛ لفك اللواصق الورقية المتلفة للوثائق، حيث قام الفنيون بتجزئة الخريطة إلى ثلاثة قطاعات ورقية وإضافة مادة “التايلوز”، وإطباق صفحة من مادة “البولي إيثيلين” على الواجهة الأمامية للخريطة، ومن ثم التخلُّص من الفقاعات المتكوِّنة بين الطبقتين نتيجة لمادة الترطيب، وبالتالي بدأت الخريطة تدريجيًّا في التفكك من الغراء اللاصق واللوح الخشبي والتماسك تلقائيًّا مع طبقة “البولي إيثيلين” طبقة الحماية المؤقتة لمنع أجزاء الخريطة من التبعثر الناتج عن ارتفاع مستويات الحموضة، مما ساعد على بقاء كافة تفاصيل الخريطة المكتوبة والمرسومة والحفاظ على ألوانها، كما أنّ عمليات التنظيف وإزالة البقع والتكلسات التي استُخدمت أثناء المعالجة ساعدت على إظهار الخريطة وتوضيح تفاصيلها، حيث تعامل معها المختصون كيميائيًّا باستخدام المشارط والقطن في مواضع كثيرة من الخريطة، وتمكّنوا من إزالة اللواصق البلاستيكية من سطح الخريطة، والحفاظ على كافة التفاصيل.