“غرفة تينة” ما بين الطبيعة والعزلة
وهج الخليج – مزنة الهادية
شاب عُماني حول ذكريات طفولته إلى واقع وقصة ستظل تروى، بعد المشي مسافة 800 متر بين أشجار النخيل والمانجو ستصل إلى غرفة معزولة ومبنية على صخرة صلبة كانت تستخدم لتجفيف الليمون قديما.
وعبر صحيفة وهج الخليج نقترب أكثر من المهندس سلطان العبري صاحب غرفة تينة في مسفاة العبريين بولاية الحمراء للتعرف على تفاصيل هذا المكان.
في البداية عند سؤالنا سلطان عن قصته مع تينة، أجاب: بأن غرفة تينة هي فكرة تترجمت لارتباطي بالمكان في الطفولة وتحديدا بنفس الموقع تقابل تينة 3 قمم جبال منفتحة على شروق الشمس من جهة الشرق ومكشوفة على قمة جبل شمس من جهة الغرب وتقابلها من جهة الشمال مصيف جدي وفالق جبلي يسمى”الفالق العظيم”، ويعود سبب اختيار اسم تينة نسبةً إلى الشجرة الأم الموجودة في البيت القديم للعائلة في الجهة المقابلة للقرية والتي لا زالت تثمر بنفس العطاء، تسمية تينة ساعدت على خلق تجربة فريدة لزائر الغرفة بأنها جزء من الطبيعة المحيطة.
وعن تصميم الغرفة، قال سلطان: تصميم الغرفة هو تصميمي الشخصي حيث استلهمت الأفكار من طبيعة المكان والبيئة المحيطة من قرب الطبيعة والهدوء التي ساعدت على استخدام الخامات المحلية والتي كانت العنصر المميز في المشروع.
بعد أن حول سلطان تلك الصخرة إلى غرفة فندقية يرتادها الناس من مختلف المناطق، قمنا بسؤاله عن ردود أفعال الأهالي وسكان المنطقة، ومن جانبه أوضح: أهلي وسكان المنطقة نشأوا على أعراف وتقاليد إسلامية يعتزون بها وكان واجباً علينا الأخذ في الإعتبار احترام تلك الخصوصيات وتوجيه الزائرين نحو الالتزام باحترام أعراف وتقاليد وخصوصيات المكان وأهله، إلا أنه ورغم ذلك ولإختلاف طبيعة الزوار بإختلاف جنسياتهم فإننا نواجه في بعض الاحيان مخالفات تتمثل في عدم الالتزام بالزي المحتشم وعدم احترام خصوصيات المكان رغم التأكيد على ذلك ورغم أنه حق من حقوق سكان المنطقة ويجب احترامه من قبل الجميع.
الإقامة في تينة وسط المزارع والطبيعة بعيدا عن صخب المدينة والجلوس على الشرفة وقت الليل وتأمل القرية المقابلة بانإراتها الخافتة تعد تجربة مختلفة وعند سؤالنا سلطان عن انطباعات الناس والزوار عن تينة قال: الأغلبية من زوار الغرفة شدهم المكان بشكل كبير وانبهروا بما شاهدوه فالصور لا تعكس المعنى الحقيقي لجمال الغرفة والمكان ككل حيث أن خوض التجربة بالنسبة لهم كان استثنائيا وغير معتاد في السلطنة، وأفضل وقت من السنة لزيارة تينة من ناحية الطقس هو من بداية شهر أكتوبر وحتى نهاية شهر مارس من كل عام.
الغرفة تكفي لشخصين فقط، فعند سؤالنا سلطان عن الفكرة من ذلك، أجاب: بأن الانفراد والانعزال والخصوصية هو الهدف الأساسي من إنشاء الغرفة للهروب من صخب الحياة وضجيجها، مع العلم بأنه كان متعمداً خلو الغرفة من التلفاز أو الشاشات وذلك لقضاء أكبر قدر ممكن من الوقت للاستمتاع بالطبيعة وأصواتها التي أعتبرها ترياقًا لضغوطات الحياة.
الغرفة مهيئة ومزودة بكل الحاجات الأساسية ونساء القرية يشاركن بإعداد الوجبات لزوار تينة، هذه الفكرة خلقت فرصة عمل للنساء، سألنا سلطان من أين استلهم هذه الفكرة، فقال: هي مشاريع بسيطة ولكن لدينا الإيمان الصادق بأنها تسهم وبشكل فاعل في تحقيق التكافل الاجتماعي وكذلك تسهم في نشر ثقافة البلد من خلال تقديم الموروث العماني المتمثل في المأكولات والعادات والتقاليد التي تزخر بها المنطقة.
أما عن التحديات التي واجهت سلطان منذ بداية الفكرة وعن خططه المستقبلية لتطوير المكان أجاب: بسبب تضاريس المكان وبعده عن المنطقة السكنية قمنا بستخدام الحمير كوسيلة لنقل مواد البناء ورغم المشقة إلا أن تلك الفترة كانت ممزوجة بالمتعة والإثارة وكانت النتيجة رائعة، وعن خططي المستقبلية حاليا لا توجد نية للتوسع في المكان وحتماً سيتم تحديث تينة بشكل مستمر بما يتواكب مع طبيعة المكان وبالمستوى الذي يحافظ على استثنائها، كما أنه لدينا الرغبة الأكيدة في تأسيس مشاريع مماثلة في أماكن مختلفة في محافظات السلطنة، فعُمان جميلة وواجب علينا إظهار جمالها بما يليق بها، فهي تستحق وبجدارة.