سوداني بساق خشبية يدخل التاريخ بكرة القدم
وهج الخليج_ وكالات
بقدم خشبية وعزيمة كالفولاذ، انتصر رمضان رحمة، لاعب كرة القدم السوداني على 36 عاماً من الإعاقة وحفر اسمه راسخاً له في كتب التاريخ محققاً رقماً قياسياً عالمياً لأكثر عدد ضربات جزاء خلال ساعة، تصنيفات البتر الأحادي فوق الركبة، محققاً 365 ركلة احترافية خلال ساعة.
العام 1986 وبعمر 6 سنوات، وخلال عودته من رياض الأطفال، عبر رمضان رحمة بقدميه طريقاً مؤدياً إلى المنزل. وعلى الرغم من قصر المسافة إلى أنه فقد ساقاً خلال هذا الطريق القصير، فقد اعترضته شاحنة يقودها شخصٌ مخمور قذفت بالطفل الصغير عرض الشارع ونقلته ومستقبله إلى مرحلة جديدة – مرحلة اختار فيها أن يكون مثالاً وعبرةً للصمود والتحدي والعزيمة.
قضى الطفل رمضان عاماً ونصف يخضع للعلاج في كلتا قدميه، قُدّر له فيها أن تنجو واحدة وتحمله بقية عمره. وعلى الرغم من تأخره عن نظرائه في التعليم إلا أنه استدرك ما فاته وتفوّق ليحصل على إجازتين هما درجة البكالوريوس في المحاسبة والتجارة ودبلوم في البنوك والمصارف.
قضى رحمة سنوات العمل في بعض البنوك ثم في شركة خاصة، وحارب الأحاسيس المزعجة التي تولّدها الإعاقة في عقله. نفض عن عاتقه ملل الاستسلام ونهض إلى الشارع يلعب كرة القدم مع من يجده في الحي. سنوات تطوّر فيها السوداني إلى أن تقوّست إحدى قدميه التي تحمل كامل الجسد لطفل لا تزال عظامه هشّة.
ويقول: “لم أكن جيداً في البداية، لم أعرف حتى قوانين هذه اللعبة. كنت أعتقد بأن الركل عشوائيٌ في أي مكان. اليوم، أصبحت هدافاً وواضعاً للخطط الاستراتيجية في اللعبة. أصبح عقلي وجسدي وحتى من حولي أكثر قبولاً لواقعي”.
وفي معرض حديثه لغينيس للأرقام القياسية حول هذه الإرادة الصلبة، قال رحمة بأن التطور يمنح القبول بين الناس وأن الإعاقة ما هي إلا تقلبات نفسية تضع الإنسان حيث يستسلم.
يبلغ رمضان من العمر حالياً 42 عاماً وقد لعب كرة القدم طوال حياته ويجد فيها ذاته. أضف إلى أنه عاصر العصر الذهبي للنادي الكاتالوني برشلونة وعشق نجمه البرازيلي رونالدينيو فيسمي نفسه “روماضينيو”.
ساحر قلوب العاصمة السودانية ممتن لكل ما حملته كرة القدم له، ويعبّر قائلاً: “حاولت كثيراً نيل اللقب الثمين – لقب غينيس للأرقام القياسية، لا أستطيع إدراك أني فعلتها أخيراً. أنا ممتن لكل شيء حولي، ممتن للحادث ولأسوء لحظات حياتي التي جعلت مني رياضياً عالمياً”.
ومع مرور السنوات، أصبح هذا الحادث بمثابة هبة لرمضان، حيث تأثرت قدمه اليسري بالإعاقة وأصبحت تتقوس إلى جهة اليمين وهذا ما جعل اللاعب السوداني يسدد كرة القدم بطريقة خاصة ويحرز أهدافاً قياسية تشبه تلك الخاصة بالفرنسي زين الدين زيدان. وأصبحت قصة الشاب العاشق للساحرة المستديرة، مضرباً للأمثال في تحدي الاعاقة من خلال مشاهدته المستمرة في عدة ملاعب مختلفة بالعاصمة الخرطوم.
ويقول: “لم تثنني إعاقتي عن تحقيق أحلامي، وأصبحت ألعب كرة القدم لمدة 90 دقيقة. فعلى الرغم من حركتي المحدودة في الملعب، إلا أنني موضع ثقة في مركز الهجوم لكثير من اللاعبين”.
ويؤكد رحمة أنه ظل يتدرب لسنوات طويلة مع كبار نجوم الكرة السودانية أمثال فائز نصر الدين وموسى عجب والزين آدم. وأنه لو كان يسير بقدمين لارتدى على الفور قميص نادي المريخ الذي يعشقه بشكلٍ لا محدود.
ويقول: عندما ادخل ارض الملعب أكون مثل جميع اللاعبين، احيانا أشعر بانني افضل من غيري رغم انني اتدرب مع نجوم كبار لعبوا لأندية المريخ والهلال والموردة وكوبر، وعندما أحرز الاهداف انسى أنني أسير على قدم واحدة واشعر بانني أمتلك قدمين وأطير في الفضاء من كثرة الفرحة.
وعلى الرغم من دراسته للتجارة بجامعة السودان لكنه يفضل العمل الصحفي ولا يزال حلمه كبيراً أن يكون صحافياً رياضياً يشاهد المباريات ويكتب عن تجربته الخاصة.
واحتفت الجالية السودانية برمضان الذي انتقل إلى دبي لاستلام شهادة غينيس للأرقام القياسية بإنجازه العالمي. ويطمح الرياضي العالمي لمتابعة شغفه في هذا المجال من خلال نشاطات رياضية عدّة.