حين يتغلغل الفساد إلى العسكر
بقلم: د. محاد الجنيبي
(@mahadjunaibi)
في أكبر دولة تقود موازين القوى الدولية وتقرر بهيمنتها مصير العالم، ولكن إنه الفساد أينما حل زلزل روابط الثقة وهز كيانات الدول.
تناقلت مؤخرا وسائل الإعلام الغربية قضية (فات ليونارد) التي يمكن إعتبارها من أسوأ فضائح الفساد في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تورط فيها بعض كبار الضباط في وزارة الدفاع و البحرية الأمريكية الذين ساهموا في الإحتيال على البحرية الأمريكية بمبلغ (35) مليار دولار، و كل ذلك تأتى من خلال إفشاء بعض الأسرار العسكرية و منح نفوذ لشركات بعينها للظفر بمشاريع كان الأولى أن تكون متاحة لجميع الشركات المتخصصة للتنافس عليها، كما أنهم تآمروا من الباطن لتضخيم منافع الشركات مقابل الحصول على مبالغ مالية و حفلات ماجنة فاخرة و رحلات خارجية مدفوعة التكاليف، كما قام الفاسدون بتشكيل لوبيات لضباط في مواقع محددة من أجل تسهيل عمليات الفساد و سرقة المال العام، وإخفاء الأدلة الثبوتية أو طمسها أو تسويفها.
إن ما لفت نظرنا وأثار إهتمامنا بهذه القضية مايلي:
أولا: رغم كفاءة الأجهزة الرقابية ومكافحة الفساد في الولايات المتحدة، إلا أن هذه المجموعة إستطاعت من خلال تشكيل اللوبيات المتعددة و المتشابكة الإفلات من عين الرقيب.
ثانيا: ظهور العديد من الدروس المستفادة من هذه القضية:
1. أن الفاسدين مدمرين للأمة من خلال تأثيرهم القاتل على مفاصل الاقتصاد الوطني.
2. إضعاف قدرة الدولة على الدفاع من خلال رفع كلفة الموجودات العسكرية الصلبة.
3. خسران الدولة في موازين القوى العسكرية.
4. قتل الكفاءة القتالية لدى العسكريين من خلال تدمير روحهم المعنوية، عندما يشاهدون و يسمعون و يلمسون فساد قادتهم.
5. التأثير القاتل للسمعة الدولية للمؤسسات التي يقودها الفاسدون.
ثالثا: لقد قامت المملكة العربية السعودية تحت قيادة الأمير محمد بن سلمان بشن حرب لا هوادة فيها على كل الفاسدين من عسكريين ومدنيين، وقد طالت أيادي العدالة العديد من القادة العسكريين الفاسدين الذين أوكلت لهم مهمام حماية الأمة فسرقوها ودمروا مؤسساتها العسكرية و هربوا من الصراعات بعد الطلقة الأولى، فكانوا مثالا للجبن والوضاعة و الخيانة، فهللت الشعوب و رحبت، فامتد تأثير إجراءات الأمير إلى عموم دول الخليج فطالب الرأي العام الخليجي بمحاسبة الفاسدين حتى لو كانوا في قبورهم.
رابعا: إن المؤتمر الأخير للإدعاء العام أثبت لنا و لعموم الشعب العماني من خلال أحاديثهم في المجالس و المقاهي و بعض المواقع، أن عمان بقيادتها السياسية المستنيرة ماضية في مكافحة الفساد و اليوم نستطيع أن نقول أن الفاسدين سواء في مكاتبهم أو في تجارتهم أو في أسرة الموت أو بين مخادع عاهراتهم لن يأمنون ولن يعيشوا بسلام في عهد السلطان هيثم حفظه الله و من خلفه الشهاب الحازم الجازم و ولي عهده الأمين حفظهم الله، و ختاما نقول للمدعي العام سر على طريق المجد الذي رسمه لك السلطان و قاتل الفاسدين أين ما وجدوا و أين ما ارتحلو و أين ما حلو، فقد أثبت لنا صدق مسعاكم و تنفيذكم للتوجيهات السامية في خطاب العيد الخمسين .
قال تعالى ” و إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا انهم هم المفسدون و لكن لايشعرون”، كما قال تعالى ” قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم و يخزهم و ينصركم عليهم و يشفوا صدور قوم مؤمنين”