الرسائل السياسية القادمة من الشموخ
بقلم: د. محاد الجنيبي (@mahadjunaibi)
لقد تحدث الكثير عن النطق السامي في لقاء جلالته حفظه الله بمشايخ وأعيان محافظة الداخلية، وأشبع الموضوع قراءة وتحليلا، ولكننا في هذا المقال سنركز على أهم الرسائل السياسية والاجتماعية التي تبلورت في هذا الحدث، الذي يجسد النهج المحمود الذي خطه السلطان الخالد قابوس بن سعيد واتبعه بإحسان سلطاننا الهيثم المعظم، ويتأتى ذلك بعد تمكن جلالته بعون من الله من إدارة الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي ألمت بالسلطنة، وكادت أن تؤثر على أمن البلاد ومعيشة العباد.
أولا: الشورى و اللحمة الوطنية. لقد جاء اللقاء السلطاني تأكيدا على أهمية التواصل بين القيادة والشعب، الأمر الذي يثبت أهمية الشورى في تحقيق اللحمة الوطنية التي تصب في تحقيق أهداف الدولة العمانية، والسير بها نحو مزيد من الاستقرار السياسي والاقتصادي.
ثانيا: اللامركزية في الحكم: إن التوجه السلطاني في تحقيق اللامركزية الذي ظهرت مؤشراته في خطاب العرش الأول وخطاب العيد الخمسين وتم تفعيله على الواقع، يصب في وأد الفساد من جهة و مشاركة المجتمع في التنمية من جهة أخرى، وبذلك أحال جلالته الأمر الى الشعب العماني في محافظاته للمزيد من الرقابة الشعبية على المشاريع التنموية، فإن أحسن إختيار ممثليه في المجالس البلدية فقد أحسن لنفسه ووطنه، و إن أساء فلها ولوطنه.
ثالثا: التحسن الاقتصادي. لقد أشار جلالته وبشكل غير مباشر الى التحسن الاقتصادي الذي بدأ يدب في الاقتصاد الوطني نتيجة السياسات المالية وتحسن أسعار النفط، وإن استمرارية هذا التحسن سينعكس إيجابا على التنمية الشاملة في البلاد ودعم مؤسسات المجتمع المدني، التي اثبتت مؤخرا أهميتها في دعم التنمية وتحقيق اللحمة الوطنية بين أبناء الشعب.
رابعا: وسائل التواصل الاجتماعي: تطرق جلالته لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المبادئ المقدسة للأسرة العمانية والنسيج الوطني، فبالرغم من الإيجابيات المتعددة لهذه الوسائل، الا ان هناك سلبيات كبيرة إذا لم تضبط من قبل الاسرة و المدرسة و المسجد والدولة فسيتجلى الخطر ، فهناك من يطعن في رجال الدولة المجيدين لدوافع دنيئة في نفسه البشرية، وهناك من يدعو للإلحاد والخروج من كنف الوطنية و الدين و التقاليد، متخذا شعارات الحريات التي تتنامى في كنف الأنظمة الليبرالية سبيلا و منهجا يضر به البلاد والعباد، وما حركات الشذوذ الجنسي (LGBT) إلا مثالا على ذلك، و عليه فإن الإصلاح لابد أن يأتي من داخل الأسرة العمانية أولا، ثم تقوم الدولة بمؤسساتها التنفيذية و التشريعية و القضائية بحماية المجتمع و الأمة العمانية من هذه الأخطار و التهديدات.
خامسا: حرية التعبير. الحمد لله الذي آتى ملك عمان سلطانا حكيما، كفل لنا حرية التعبير وصانها في دستور العهد الجديد، فلا مجال للمغردين خارج السرب في اختطاف مشاعر وهموم وتوجهات الشعب العماني، والصراخ بها عاليا، حتى يتحول المغرد الفاسد إلى بطل ناطق بإسمهم وهم لا يدركون منتهاهم، فهؤلاء قد خرجوا من السرب ولن يعودوا، فأجنحتهم أهلكت من التحليق في سماء الخيال والوهم، وأدعو الله العزيز الحكيم أن يبعدنا وإياكم عن إدمان السلبية المقيتة.
حفظ الله عمان وشعبها وسلطانها المصلح الحافظ لحدود ربه.