مواطن يحكي تفاصيل إعادته من مطار جورجيا ومعاملته وعائلته كالمجرمين بغير ذنب
وهج الخليج-مسقط
كتبت:منى المعولي
تكاد تُقسم كل الشواهد؛ أنه ما حل العماني زائراً أو سائحاً على بلد إلا وكان طابع الأخلاق العامة والاحترام مرسوماً على تفاصيل وجهه، لايحمل أذية ولا يثير ارتيابا ولا قلقاً، وهذا هو النهج السائد، غير أن تعامل السلطات الجورجية مع السياح العمانيين يترك عشرات التساؤلات والاستفهامات معا، بل ليس مع العمانيين فحسب إنما تكاد تكون تلك المعاملة هي الأسلوب السائد مع أغلب المنتمين إلى الدول الخليجية.
فبالأمس القريب تكررت مأساة إرجاع المسافرين العمانيين من مطارات جورجيا وعدم السماح لهم بالدخول إلى الأراضي الجورجية وهاهما عائلتان تعودان من هناك إلى مطار أبوظبي بعد معاملتهم بأسلوب سيء مع رفض السلطات الإفصاح عن سبب منع الدخول
“وهج الخليج” إلتقت بالمواطن “محمد بن ناصر الراشدي ” للوقوف على حيثيات القضية التي تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي؛ والتي جعل على إثرها المواطنين يدعون بعضهم بعضا إلى عدم الذهاب إلى جورجيا بسبب المعاملة الغير الراقية التي تعرض لها محمد وعائلته حيث سرد محمد الراشدي تجربته المريرة في تلك الرحلة قائلا:
بالأمس انطلقنا انا وزوجتي و4 من أخواتي من مسقط بالسيارة إلى أبوظبي ، تمهيدا للسفر إلى مطار منطقة كوتايسي في جورجيا عبر طيران (ويز أير) ، وصلنا للمطار مبكر بحدود 4 ساعات.
وقمنا بتقديم المستندات المطلوبة عند عملية اصدار بطاقة الصعود للطائرة ، بما في ذلك تقرير سلبي لفحص كورونا وشهادة تحصين.
كان الامر سلس ولم نواجه أي اشكال ، وركبنا الطائرة الى كوتايسي.
عند الوصول بالمطار ، وبالتحديد في منطقة فحص الجوازات ، كان هناك 3 عوائل مسلمين (النساء محجبات) ، قبل وصولي لفحص الجواز لاحظت أن هناك عائلة من رجل وزوجته موقوفين جانب الممر ولم أفهم ماذا يحدث.
أيضا لاحظت أن هناك نظرات غريبة من شخصين كانوا بلبس مدني قاموا بالمرور بقربي عدة مرات ولكن لم اكترث كثيرا للأمر.
بعدها تم إيقاف مجموعة فتيات خليجيات على جنب، وسحب جوازاتهم لإرجاعهم، لكن تصادف أن احدى الشابات الخليجيات كانت تتحدث الجورجية وعندما كلمتهم باللغة المحلية أرجعوا لهم جوازاتهم وسمحوا لهم بالدخول.
ثم جاء دوري للفحص ، قدمت الجواز ومعي زوجتي ، وتم ختم الجواز بلا مشكلة وتحركنا للدخول ، ولكن انتبهت أن اخواتي الأربعة في الخلف محاصرين بمجموعة من الشرطة ، 3 أشخاص كبار القامة ، حاولت الرجوع لمعرفة ما الذي يجري ولكن الشرطي صرخ علي بقوة الزم مكانك.
الموقف كان صعب جدا، كان الضابط يصرخ على الأخوات ويكرر سؤاله بطريقة غريبة ، عماني ، عماني ..
بعد فترة التفت إلي وطلب مني إثبات أن لدينا مبالغ نقدية للإقامة في جورجيا ، أريته المبالغ النقدية التي لدي ومجموعة بطاقات بنكية أحضرتها معي ، حتى إنني فتحت له عبر الهاتف حسابين بنكيين لأريه أن لدي من المال ما يكفيني أشهر في جورجيا.
لم يهتم كثيرا بالاستماع لما أقوله، وللتأكيد لم يطلب منا أي أوراق تتعلق بالكورونا ، فقط كان يكلمنا بصوت عالي وطلب منا عدم التحرك من مكاننا.
ثم دخل احدهم إلى مكتب مجاور وأخذ يعبيء أوراق ، الأوراق مطبوعة مسبقا وهو فقط يحط الإسم والتفاصيل لكل ورقة.
وضابط أخر جاء ليطلبني التذاكر وقال انه سيحضر الشنط ، حتى هذه اللحظة لم نكن نعرف إننا مرحلين من البلد وإننا سنعود على متن نفس الطائرة التي قدمنا بها.
ثم عاد الضابط الأول ومعه استمارات الترحيل ، وطلب مني توقيعها ، عندما طلبت ان اقرأ محتوى الاستمارة صرخ في مطالبا مني التوقيع بلا نقاش. لاحظت أن التوقيع كان عبارة عن موافقة على الترحيل مع تعهدات وإقرار ولكن لم أتمكن من قراءته بشكل كامل، طبعا رفضت التوقيع عليه لأنني إلى الأن لا أدري ما هي المشكلة التي منعت من دخول البلد بسببها حاولت النقاش معه لفهم سبب منعنا من الدخول لكنه كان يرد علي صارخا بالسكوت والتوقيع..
حاولت التواصل مع السفارة الجورجية في عمان، وحاولت التواصل مع سفارة الإمارات في جورجيا وما حصلت رد، ثم استطعت الوصول لسفير عمان في تركيا عبر أحد من أهلي، وكان ذلك قبل ركوبنا للطائرة بقليل. ربما لم يكن بإمكان سعادة السفير التدخل في ذلك الوقت للمساعدة.
بعدها تم جلب الشنط وقالوا لنا خذوها معكم وانتم خارجين ، فهمنا عندها اننا سنعود بالطائرة.
وبعدها رافقنا 5 اشخاص مسلحين في مشهد لا يخلو من الإهانة حيث الزمونا بسحب شنطنا بأنفسنا وعلى الرغم اننا كنا جئنا بالباص من الطائرة الا ان رجوعنا كان مشيا على الاقدام الى الطائرة محاطين بالمسلحين وأمام مرأى الجميع.
بصراحة الموقف كان صعبا جدا ، كنا كأننا مجموعة مجرمين وكان العسكر أسلوبهم سيء في التحدث معنا.
طلبت منهم إرجاع جوازات السفر فرفضوا تسلميها لنا وأصروا على تسليمها لطاقم الطائرة على أن يتم تسليمنا للسلطات في أبوظبي للتعامل معنا هناك.
والحمدلله أخيرا ركبنا الطائرة فشعرنا بنوع من الإطمئنان لأننا سنخرج من هذا البلد الغريب.
وعند الوصول لأبوظبي منعنا من النزول من الطائرة لأسباب امنية ، نحن والعائلة الأخرى المرحلة ، موظفين المطار في أبوظبي كانو محترمين وشرحوا لنا أن هذا الإجراء طبيعي لأي شخص تم ترحيله من أي بلد.
قام الضابط في أبوظبي ببعض الاتصالات ثم أذن لنا بالخروج من المطار.
لقد تحولت الرحلة الترفيهية التي كنا نترقبها بشوق من شهور إلى رحلة من المعاناة والألم ، في الإجمال كانت الرحلة من الساعه 1 منتصف الليل الى 5 عصرا اليوم التالي بلا نوم ولا راحة بما يمكنني القول انه أحد أسوأ أيام حياتي لما رأيته من إهانة واذلال في التعامل.
مؤلم جدا أن تعلم ان سبب الاهانات هذه كلها أن الضابط الموجود في المطار لديه كراهية تجاهك لا لشيء الا بسبب بلدك او دينك ، وانها بمزاجه يمكن أن يعرضك وأسرتك لكل هذا القدر من الاهانات والذل.
تم تحذيرنا من قبل عن قصص شبيهة تحدث في جورجيا ولكن لأننا من فترة لم نسمع عن أي مشاكل مثل هذه فقد اطمأننا الى ان الامر قد انتهى.
ختاما ارغب في التأكيد في انه لم يتم إعلامي بأي نقص في أي مستند ، ولم يتم مناقشتنا او سؤالنا عن كورونا من الأساس، وجوازاتنا كانت كلها جديدة بلا أختام قديمة (إلا جوازين فيها أختام دخول تركيا)، وبصراحة من خلال التعامل لا يسعني الا تصور ان الموقف كله كان تصرف من مسئول بشكل فردي نابع من كراهية شخصية لنا كعرب او كمسلمين.
وكان سعادة الدكتور قاسم بن محمد بن سالم الصالحي سفير سلطنة عمان لدى تركيا “وفقاً لأثير” قد قال بأنه علم عن إرجاع العائلتين في آخر اللحظات.
حيث أوضح سعادته بأن جمهورية جورجيا لا تسمح بدخول مواطني بعض الدول من بينهم مواطنو سلطنة عمان إليها وذلك لأسباب تتعلق بالإجراءات الاحترازية التي تتخذها جورجيا للحد من انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)، ورجح سعادة السفير أن يكون هذا هو سبب إرجاعهم.
وأكد سعادته بأنه سيخاطب السلطات الجورجية لمعرفة حيثيات الموضوع والأسباب التي أدت إلى ذلك، ناصحًا بتفادي الذهاب إلى جورجيا في الوقت الحالي حتى تتكشف الأسباب.
جدير بالذكر أن حادثة إرجاع العمانيين من مطار جورجيا هي ليست الأولى من نوعها فقبل 4 سنوات، قدم السفير الجورجي المقيم في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية اعتذاره عن هذا التصرف مشيرًا إلى أن إرجاع المسافرين أو إدخالهم هو حق سيادي لكل دولة في المقام الأول، لكنهم يبحثون عن الأسباب الحقيقية لما حدث خلال الفترة الماضية؛ لتفاديه، مؤكدًا بأنه أمر غير مستقصد.
وسبق وأن أعلنت وزارة الخارجية في السلطنة أنها تبحث مع السلطات في جمهورية جورجيا الظروف والملابسات حول اعادة بعض السواح العمانيين من مطار تبليسي.
حيث أكد البيان أن هذا الإجراء شمل مواطني دول خليجية اخرى وليس العمانيين فقط.
وبرغم من أن وزارة الخارجية بالسلطنة تؤكد على متانة العلاقات مع جمهورية جورجيا والعمل على استمرارها وتطورها، إلا أن هذا الأمر لايبدو كذلك بالنسبة للسلطات الجورجية .