اللامركزية وزمن تفعيل الأدوار
بقلم: معاوية الرواحي
الذي ميَّز خطاب السلطان هيثم في حصن الشموخ هو عدم المبالغة في الوعود، والواقعية. منطقي، ومليء بالطموح. والدفع بعدم مركزية صنع القرار بالنسبة للمحافظات، وتأكيد دور المحافظين، والمجالس البلدية، والانطلاق لتنمية المحافظات. وكما قال جلالته، هو شيء جديد وعسى أن ينجح بإذن الله.
ذُكر تحسن الاقتصاد كأحد أهم أسباب السعي القادم. وضعت خمس سنوات لانتظار النتائج، نتائج التمكين، ومضاعفة الميزانية. وقد ذكرت المؤسسات المجتمعية، وجمعيات المرأة، والجمعيات التطوعية. وهي نقلة كبيرة في الخطاب، سواء من حيث الاعتراف بالجهود المجتمعية، والسعي لتمكينها.
هذا الخطاب، أنَّه لم يأتي بفكرة “الحكومة تفعل كل شيء، وتتكفل بكل شيء” والنظر على المدى البعيد لما يمكن أن تساهم فيه مؤسسات المجتمع الأهلية والتطوعية. كلها أشياء جديدة، على الخطاب المعتاد في عُمان وبالتحديد خطاب الإعلام الذي آن له أن يعدل مساره ليطابق توجيهات جلالته.
بعد خطاب مثل هذا، وكما يحدث عادةً في عُمان، وفي الأنظمة الملكية، يعطي خطة عمل للمؤسسات الحكومية، قيمة هذا الخطاب الرئيسية في الخط المستقبلي الذي يطمح له قائد البلاد، والآمال المعلقة على تكامل الأدوار. بداية شيء جديد، ومنهج تفاعلي أكثر كفاءة بين الدولة والشعب.
حتى هذه اللحظة في عُمان يغشى الشحوب المعنوي خطاب المؤسسات الاجتماعية، وحالة الإحباط تجاه مجلس الشورى قد تصل إلى الرفض الاجتماعي له ولدوره، والخطاب الإعلامي مضطرب وشبه متناقض بين خطابين [الحكومة تفعل كل شيء] أو [الحكومة تفعل ما بوسعها]. وجاء الخطاب ليضع النقاط على الحروف.
كان الخطاب واقعيا، لم يزين الواقع، ولم يغفل عن الصعوبات التي يمر بها الاقتصاد، ولا الوضع العالم، وكان أيضا متفائلا، يتحدث عن خطة العمل، كما نقول في عمان [خلينا في الشغل]. وليت مؤسسات الإعلام في عُمان تطبق هذا المنهج في خطابها، بدلا من دورها المكرور، وتدوير الاسطوانات المملة.
طرح الخطاب التوجه القادم، بواقعية. وجزء منه تكلم عن واجبات الحكومة القادمة وفق توجيهات جلالته، وفي الجزء الآخر من الخطاب أبدى السلطان هيثم ما سيقوم به من متابعة واهتمام للتأكد من تنفيذ هذه الرؤية القادمة، وانتظار نتائج لخطة العمل هذه خلال خمس سنوات.
كان الخطاب محافظاً على الصعيد الاجتماعي، الحفاظ على العادات والتقاليد، ونظرة تربوية. ينطلق كليا من فكرة [المجتمع الأسري]. كان هذا الملمح الفكري الذي يوضح رؤية جلالته. وباقي الخطاب ركَّز على الجانب الإداري والتنفيذي، وتكليف المحافظين والمجالس البلدية [للقيام بدورهم].
الخطاب كان عمليا، وواقعيا، وهو بادئة لعمل قادم. كعماني، أنتظر أن أرى مفعول هذا الخطاب يسري في الخطاب الإعلامي. فالزمن العُماني بحاجة لأمل، الكثير من الأمل، وعسى أن تكون هذه البداية الأولى للعمل التكاملي. خطاب بشكل عام يدعو للتفاؤل، وبه أشياء جديدة، وعسى أن تنجح وتطبق.
رغم سواد حالة من الإحباط، والقلق العام، الدفع بعدم مركزية القرار المجتمعي خطوة ستظهر نتائجها بعد التنفيذ. أما على صعيد الخطاب الذي يحدد العلاقة بين الناس والدولة، فهو واضح بجلاء، المرحلة القادمة تشاركية، تفاعلية، والسعي من قائد البلاد لتمكين المؤسسات الاجتماعية قيل بوضوح تام.
وعلى ضوء هذا الخطاب يمكن القول بارتياح تام، واستنادا إلى النطق السامي أن كثيرا من المناصب وجب على شخوصها تفعيل أدوارهم، والتوقع عن اعتبارها مناصب وجاهة شخصية، نص واضح وضوح الشمس أن القيمة العملية القادمة لكل مجلس بلدي ومحافظ أصبح دورا مباشرا وعمليا، وبتوجيه من قائد البلاد.
والتوجيه السامي أيضا واضح من حيث ناحية واجبات المحافظين، والمجالس البلدية للاجتماع [وتلمس] احتياجات محافظاتهم. لم تعد المرحلة العُمانية تحتمل أي تخبط، أو تعطيل، أو تأجيل وقد قال جلالته بالنص أنه سيتابع كل صغيرة وكبيرة في هذا الشأن، وينتظر النتائج خلال خمس سنوات.
والحاضر في هذا الخطاب إضافة للجانب الاجتماعي، والسيادي، وما سيتابعه جلالة السلطان مباشرة هو الجانب الاقتصادي، وأن تصب كل هذه التوجيهات لخدمة الانتعاش الاقتصادي، وإن تحسن الوضع الاقتصادي فسيتم التعجيل بكل الخطط المتعلقة بصنع القرار المتعلق بالمحافظات.
وختاما، ماذا أشعرُ كعُماني تجاه هذا الخطاب، بالتفاؤل، وأنني أستند إلى النطق السامي عندما أتفاعل مع موظفي المؤسسات البلدية والمحافظات، وأنتظرُ هذه التوجيهات تتحول إلى واقع متغير ومتفاعل وبه مشاركة مع الناس وهمومهم. وكل ذلك برعاية مباشرة من قائد البلاد. وعسى أن يكلل كل ذلك بالنجاح.