ما هي علاقة زيادة الوزن والسمنة بالسكري.. ولماذا ينتشر السكري أكثر مع أصحاب الوزن الزائد ؟
وهج الخليج – د. محمد العبري – استشاري جراحات المناظير المتقدمة والسمنة
يعتبر مرض السكري من المشاكل الصحية الرئيسية التي تؤثر على عدد كبير من الأفراد وقد وصل إلى نسبة وبائية في جميع أنحاء العالم. توقعت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن يعاني حوالي 300 مليون شخص من مرض السكري بحلول عام 2025. كما أن معدل الانتشار آخذ في الارتفاع بمعدل أعلى في البلدان النامية, وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO) ، يموت ما لا يقل عن 2.8 مليون شخص كل عام نتيجة زيادة الوزن أو السمنة. وفي عام 2008 كان أكثر من 40 مليون طفل في سن ما قبل المدرسة يعانون من زيادة الوزن في جميع أنحاء العالم.
مع ارتفاع معدل الإصابة بالسمنة بشكل سريع يرتفع كذلك مرض السكري من النوع 2. في عام 2000 على سبيل المثال كان معدل الإصابة بمرض السكري في جميع أنحاء العالم 171 مليون. تقدر الدراسات أن هذه الأرقام من المقرر أن ترتفع إلى 366 مليون بحلول عام 2030 وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
يشهد مرض السكري من النوع 2 ارتفاعًا كبيرًا خاصة في البلدان النامية جنبًا إلى جنب مع البلدان المتقدمة. ربما يكون هذا بسبب تحول سكان البلدان النامية إلى نمط حياة أكثر ثراءً من اتباع نظام غذائي فقير وغير صحي مصحوبًا بنقص في النشاط البدني.
زيادة الوزن أو السمنة تعد من عوامل الخطر للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. وفي الواقع، فإن حوالي 85% من المصابين بالسكري من النوع الثاني يعانون من زيادة الوزن. أوضحت الدراسات أيضاً أن الذين ترتفع كتلة جسمهم فوق ال ٣٥ عرضة للإصابة بالسكري ٤-٧ أضعاف الأشخاص من الوزن العادي.
وتشير التقديرات إلى أن حوالي 60-90٪ من جميع مرضى السكري من النوع 2 يعانون من السمنة (مؤشر كتلة الجسم أكبر من 30 كجم / م 2) أو يعانون من زيادة الوزن (مؤشر كتلة الجسم أكبر من 25 كجم / م 2).
وقد أفادت عدد من الدراسات السريرية بوجود ارتباط بين السمنة ومقاومة الأنسولين لدى البالغين وكذلك الأطفال 8-10 أعوام ، كما توجد تقارير تشير إلى أن فقدان الوزن يرتبط بإنخفاض تركيز الأنسولين وزيادة حساسية الأنسولين لدى البالغين والمراهقين.
عندما تتناول سعرات حرارية زائدة، تتحول في نهاية الأمر إلى كميات عالية جدأ من الدهون، مخزنة في خلايا الجسم والتي تدور في مجرى الدم ويتسبب ذلك بإلتهابات في جميع أنحاء الجسم ويمنع الخلايا الدهنية من إرسال إشارات هرمون الشبع للمخ المسمى ليبتين.لذلك فإنك تمضي في تناول طعام زائد لتضيف المزيد من المشاكل مما يتسبب في تخزين الدهون في كل جسمك، عندها تفقد الخلايا قدرتها على استخدام الأنسولين وهو الهرمون الذي يفرز من البنكرياس والذي ينظم سكر الدم.
وظيفة الأنسولين هي تنبيه الخلايا لإستعمال الجلوكوز كوقود وطاقة لكن عندما يكون هناك زيادة كبيرة في الدهون والإلتهابات في جسمك، تتوقف الخلايا عن الإحساس بذلك التنبيه ولا تقوم بإدخال الجلوكوز من مجري الدم إلى الخلية. يسمى ذلك مقاومة الأنسولين وهذا يؤدي لإرتفاع مستوي السكر بالدم. وعندما تستمر هذه الحالة بدون فحص، فإنها تتطور إلى شكل كامل من مرض السكري من النوع الثاني.
يوصى بفقدان الوزن بنسبة 5-10٪ من وزن الجسم الأساسي كهدف أولي للعلاج ، ويرتبط هذا القدر من فقدان الوزن بانخفاض 0.6-1.0٪ في معدل السكر التراكمي والعديد من التحسينات الصحية الأخرى. ومع ذلك ، ينتج عن فقدان الوزن بنسبة 2-5٪ انخفاضًا مؤكدا سريريًا في جلوكوز الدم أثناء الصيام (20 مجم / ديسيلتر). وتوصي جمعية السكري الأمريكية (ADA) أن يفقد المرضى الذين يعانون من مقدمات السكري 7٪ من وزن الجسم الأساسي لتجنب الإصابة بمرض السكري.
ومن الطرق الأساسية لعلاج السمنة المصحوبة بالسكري تعديل نظام الحياة وتنظيم الأكل بالإضافة إلى الرياضة لزيادة الحرق وتأتي العمليات الجراحية كحل أخير وتعتبر أكثرها نجاحاً. يجب أن يكون الهدف من البرامج والتغييرات السلوكية المتعلقة بالوزن هو تحقيق عجز في السعرات الحرارية بمقدار 500-750 كيلو كالوري في اليوم.
يظل النشاط البدني مهمًا للحفاظ على فقدان الوزن ولكن لا ينبغي أن يكون التركيز الأساسي لتغيير السلوك لفقدان الوزن لذا إلزاماً أن يكون مصحوباً بتغيير النظام الغذائي. يوصي مركز السيطرة على الأمراض (CDC) جميع البالغين ، بغض النظر عن وزنهم أو حالة مرض السكري ، بالحصول على 150 دقيقة / أسبوع من النشاط الهوائي المعتدل وممارسة تمارين المقاومة مرتين في الأسبوع. إن تحقيق هذا القدر من النشاط البدني ، وكذلك تجنب فترات طويلة من الخمول ، هي أهداف أولية جيدة للمرضى غير النشطين بدنياً.
بالإضافة إلى ما سبق فهناك الخيار الدوائي لتنظيم السكر وتخفيض لوزن وينصح بها لأصحاب الكتل المنخفضة فوق ال ٣٠ وهي أدوية معترف بها عالمياً وثبتت نتائجها لتخفيض ٧-١٠٪ من الوزن الزائد مع تباين من دواء لآخر.
تعد العمليات الجراحية حلا أثبت نجاحه للقضاء على المصابين بالسمنة والسكري بنسب متفاوتة تتعدى ال ٦٥٪ اعتمادا على نوع العمليات او مدة الإصابة ومعترف بها من كل المنظمات الطبية العالمية. في دراسة تحليلية نشرت في مجلة جاما الطبية ٢٠٠٤ واشتملت ٢٢٠٠٠ مريض من اكثر من ١٠٠ دراسة بمتوسط كتلة ٤٧و ١٥٪ منهم مصابون بالسكري وتم اجراء عمليات السمنة، فيما يتعلق بمرض السكري أدت الجراحة إلى الى شفاء ٧٥٪ منهم وأدت إلى تحسين حالة نسبة السكر في الدم بنسبة -2.4 ٪ في المتوسط في معدل السكري التراكمي.
في دراسة أخرى شهيرة من كليفلاند ممن يعانون من السمنة المفرطة وبمتابعة ل ٥ سنوات على ١٥٠ مريض ممن مدة السكري فوق ال ٨ سنوات وغير منتظم وتم توزيعهم عشوائيا على متابعة طبية وتنظيم الغذاء والرياضة ومقارنتهم بمجموعة أخرى ممن تم توزيعهم على العمليات الجراحية. استخلصت الدراسة أن العمليات انقصت السكري التراكمي بمعدل -٢,٥ في مجموعة العمليات مقارنة ب -٠,٥ في المجموعة الأولى. كما أن أكثر من نصف المرضى توقفو عن أدوية السكر على نهاية الدراسة وتقليل بشكل كبير منها في مجموعة العمليات.
الجدير بالذكر أن، وباء السمنة المصحوبة بالسكري في ازدياد مستمر ويتطلب ذلك زيادة الوعي بها والتكاتف للتقليل والقضاء عليها من تحسين طرق الحياة كوقاية أولية والنظر في الحلول الأخرى في حال تعذرها.