حكاية مع الشاهين
بقلم : فتحية بنت عبدالله الفجرية
في ضجيج السويعات وسُعار الأخبار، كنا نترقب الضيف، ونأمل بأن يكون عجول ويمر بسلام، لكن كل ما يصل مهول ومخيف، في غرفة بيت مسلح اجتمعت العائلة ٧ من أفرادها في غرفة مغلقة، بصمت مهيب، إلا من تمتمات وتسابيح خافته تصعد إلى السماوات، وتضرع الأم الكبيرة في السن طوال الوقت، إشعار بدخول جدار الإعصار الأول، بدأ تلقي الخبر مفزع لم يغير الإعصار مساره عن الولاية، اختلطت مشاعرنا بين الخوف والقلق، وحين دخل أخذ يعصف بنا ، وطالت مدته مع أصوات المظلات وكل ما كان يحلق به الشاهين يصل بنا من مواد معدنية وألواح، وقطع أخذت تتهاوى لكن لانعلم من أين ومن أي الغرف تسقط، كل ما نسمعه في الخارج، مع انقطاع التيار الكهربائي بشكل عام زاد الهلع.
سكنت الرياح، لثم المكان صمت مطبق وسكون مخيف والذي يقال عنه هدوء ما قبل العاصفة، خرجنا مسرعين لرؤية الخارج والتأكد من إحكام الأبواب من جديد ب الصناديق الثقيلة المرصوصة على كل باب و التي لم تكن حلا مجديا، أخذت الرياح تعصف بكل الأبواب وتعصف بكل شيء أمامها نافذة الصالة ، الأبواب الخشبية المخلوعة الغالق والمهشمة الإطار بسبب الرِّمة التي تغذت على كل أبواب المنزل القديم، مناديس أخشاب الساج، رتبنا الصناديق من جديد أخذ الابن يركل الصندوق ليحكم إغلاق الباب به والريح تعصف لتقوم بفتحه، ويعيد الكرة لكن دون جدوى، تخرج الأم إلى الصالة المشرعة الأبواب بفعل الريح لتصلي صلاة الخائف أو القنوت لله، متضرعة أن تقل حدة الريح ، ف الكل خائف، نصحناها أن تدخل في الغرفة للصلاة فكلها أرض الله، والمرء لا يرمي نفسه في التهلكه في مثل هذه الأحداث.تجيب الأوليين يأذنوا لما يجي “وقت”
كانت الوالدة كلما جاء نبأ عن الإعصار تكرر جملتها “تفسير الله قبل تفسير بني آدم”، توقفت الأصوات وهدأ المكان وكأنه لم يكن قبل قليل دوامة تعصف بنا، ماهي إلا دقائق حتى عادت الرياح بقوة اعنف من سابقتها، أخذت تجلد كل ما يمر طريقها، محدثة عويل ودوي لم نسمع مثله من قبل .
حين سألت الوالدة، المرأة ذات العقد السابع إن كان قد مر على البلاد مثل هذا الإعصار ، أجابت، كانت تحدث “ضربات”
في البر والبحر، سميت ب” الشلي”، و”الأحيمر” لكن بها بروق ورعود،، كان لكل من هذه الأحداث توثيق بأبياات شعرية نظَمها كبار السن، وكل من “الشلي” و”الأحيمر” قد يضرب في البر وقد يضرب ف البحر فيضر بالزرع إن كان في البر، ويكسر الخشاب وكل ذات ألواح ودسر إن كان في البحر ، في معمعة لا تهدأ إلا بأمر الله، لكن مثل هذا ما لم نشاهد من قبل، وأكملت يقول الأوليين ” اللي يجيك من القبلة احزب له”، واللي يجيك من المغيب خله يغيب”
يدخل الجدار الآخر من الإعصار إلينا، معجونا بصوت لم نسمعه من قبل شبيه إلى الحد الكثير بصوت الحيتان في البحار، دوي مخيف حد أننا أغلقنا أذاننا من هوله وتلك الريح ترتطم بكل شيء وتقتلع كل شيء، الخوف والهلع من أن يدخل أي شيئ تحمله الريح من النوافذ، بقي جدار الغرفة، ضغط، نقص أكسجين، أخذنا ورق الجرائد وأجزاء من الورق المقوى لنبرد على أنفسنا، وأكثرنا من شرب الماء لأن لا أكسجين في الغرفة من السادسة حتى الواحدة ونحن في غرفة مغلقة ليس بالأمر الهين و٧ أفراد نتنفس ذات الهواء… تقول صاحبة الرواية “إن لم نمت من الإعصار فسنموت من الضغط والحر ونقص الأكسجين، فقمت وفتحت باب الغرفة لنهوي المكان قليلا ونكون بعيدين جدا عنه وعن النوافذ..
الوالدة تصلي بين كل ثلث ساعة تصلي، بعدها تعود تهلل وتكبر ونحن نسبح إلى أن مرت تلك الليلة العصيبة ومر الشاهين بعد أن خلف ما خلف وراءه من خراب ودمار وحكاية ستروى ما حيينا.