نعم لوأد الفساد.. لا للتخريب و الاعتصام
بقلم: د. محاد الجنيبي
(@mahajunaibi)
لقد أثبت التاريخ أن الدول الناجحة في العالم لا تقوم الا على ركائز معينة تمكنها من النجاح و الازدهار و تحقيق غايات الأمن الوطني، و في المقابل فإن الدول الفاشلة تهدم من خلال أمراض تصيبها و تؤدي بها الى الفشل، و بإستطلاع بسيط لكتاب ( لماذا تفشل الأمم) للكاتبين (Daron Avemoglu & James A. Robinson) الذين استعرضا كيف تفشل دول وكيف تنجح دول أخرى، فقد وضع الكاتبين أمثلة لدول تتشابه من حيث الموقع الجغرافي و الطقس و الثقافة و العرق السكاني، يكون بعضها ناجحا و بعضها الاخر فاشلا، و ذلك من خلال ركائز الفشل و النجاح التي تم استعراضها في الكتاب، و بإسقاط هذه الدراسة على الوضع القائم في الأمة العمانية، نجد أن السلطنة من الدول الناجحة و لكنها ليست كالدول الاسكندنافية، وبعض دول آسيا و أمريكا الشمالية.
وإن دراسة مركز المياه الهادئة للدراسات الاستراتيجية و القانونية لهذا الكتاب الملئ بالأدلة و الاثباتات على الدول الناجحة و الفاشلة، و ركائز الفشل و النجاح و تطبيقها على الوضع القائم في السلطنة، أضفت إلى نتائج عديدة لا يسمح المقام و المقال لاستعراض جلها، و لكنه خرج بأهم نتيجة و هي أن أمراض الفشل و ركائز النجاح لا تعالج بالإضراب و الإعتصام و التخريب و اقلاق السلم الأهلي و الأمان الاجتماعي، التي لم تكن في يوم من الأيام وسيلة للإصلاح، بل كانت هذه الممارسات من وسائل التدمير و الافشال و الاسقاط، و لكم في الربيع العربي عبرة يا أولي الألباب.
كذلك استنتج المركز أن نجاح الدول يكون بالعدل والشفافية والمساواة ومحاربة الفساد، و بإلقاء الضوء على محاربة الفساد نجد أن هذا المطلب يكاد يكون منتشرا بين كافة شرائح المجتمع و نخبه و يعتبر المطلب الأول و الرئيسي لجل العمانيين الذين يطالبون ايضا باسترجاع المال العام المسروق و مصادرة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بغير وجه حق.
وفي قراءة لحالة المملكة العربية السعودية التي عانت من الضائقة المالية، نجد أن المملكة اضطرت الى تطبيق الضرائب و رفع الرسوم و رفع الدعم، و لكنها في الوقت ذاته حاربت الفساد بيد من حديد، فاستطاعت هذه الدولة الشقيقة أن تحقق الرضا الشعبي المقبول و الاستقرار السياسي و الأمني بلا مظاهرات أو اعتصامات أو تخريب، على الرغم من التحديات الخارجية.
و من خلال استعراض مركز المياه الهادئة للدراسات الاستراتيجية و القانونية لتوجهات الرأي العام العماني، نجد أن هناك نخب بدأت بفهم توجهات الحكومة الرامية إلى تحقيق التوازن المالي من خلال تقليل الدين العام و خلق مصادر جديدة للتمويل، وتفهمت هذه النخب الأهداف من وراء السنين الأربع العجاف القادمة و التي بعدها يغاث الناس ويتحسن الاقتصاد، الذي سوف ينعكس إيجابا على كافة المطالب الجماهيرية التي نراها و نسمعها و نقرأها في وسائل التواصل الاجتماعي.
أما العامة من أبناء الشعب الذين لا يعي جلهم التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية، فلا لوم عليهم، خاصة من دفعته العواطف والوضع الاجتماعي الى الصراخ عاليا بآلامه وأحزانه، ولكن الجميع ملام عندما يتحول إلى أداة للتحريض ضد الأمة العمانية ونشر الإحباط وتثبيط الروح المعنوية للشعب العماني العظيم، حفظ الله عمان وشعبها وسلطانها وكل الموحدين، و قاتل الله الفاسدين و الخونة و الملحدين.
قال تعالى: ” قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم و يخزهم و ينصركم عليهم و يشف صدور قوم مؤمنين” صدق الله العظيم.