القائد التربوي وفق نظرية اقتناء الفرص المتبقية للإرتقاء بالمجتمع المدرسي
بقلم : مياء السالمي
تُعَد الفرص المتبقية من الفرص التي لا تتكرر، وهي تلك اللحظات التي تتحول إلى لحظة متاحة في وقت ما، وعلى متلقيها اقتناءها والاستفادة منها؛ لأنها تأتي بنتائج إيجابية كانت تستبعد في زمن غير متاحة حتى يتم الخروج من أزمة يتكابدها الفرد سابقاً.
وعند لحظة القرار باقتناءها يجب أن يتصف بالجرأة وعدم التردد أو التشكيك بها؛ لأنه سيندم على فواتها، وإن تلك الفرص كثيراً ما نسمع بها، ولكن تكمن في من يسعى لاقتناصها، وأنه يتصف بالشجاعة والسرعة والانتباه لها، حيث يمكنه العثور عليها بدون تردد؛ وبذلك ينبغي اقتناصها بأقرب وقت لمحدودية مداها.
بينما القائد التربوي المحترف الذي يتمتع بالتفكير الاستراتيجي لتحديد وقت الحاجة للحصول عليها أثناء ظهور المتغيرات والتحديات التي تتعلق بضرورة تطوير الأداء الوظيفي، وتحسين الفعالية التنظيمية، وذلك مرهوناً بقدراته على توظيف كل الموارد المتاحة بكفاءة عالية حتى يصبح لديه مستوى عالي من التحدي والمنافسة، وهذا مما يتطلب عدم الاكتفاء، بل البحث عن الكفاءة وصقلها في نمط المنهج المرسوم للتفوق المهني. وهناك مقولة قديمة: (اضرب الحديد حامياً)، ويقصدون بها حينما تلوح الفرصة في الأفق اقتنصها ولا تفكر ملياً أو تتبلد؛ لأنها تبرد وتذهب الفرصة عنك، وتعود أنت مرة أخرى على التكابد في عمق التحديات، ولا تستطيع إذلالها، وهذا ما يتطلب استغلالاً للأمل المتبقي لإضاءة دربك بالنجاح المنشود وما يمكنه أن ينتهزه القائد التربوي عندما تحيل العوائق بين الفرصة والنجاح المنشود.
وهذا مما لا شك فيه أن القائد التربوي في مواجهة التحدي الكبير هو نقل العالم التربوي وصقله في المجتمع المدرسي، والأهم من ذلك أن يتفاعل الجميع مع أدائه ويحذو حذوه؛ لما يتميز من استخدام استراتيجية التفكير الناقد بمهارة عالية، وتمكنه من استخلاص النتائج الإيجابية، وكل ذلك مستلهماً من رؤية المدرسة، ويهدف إلى رقي المجتمع المدرسي، وتحسين من أداء طاقمها بصورة أفضل، ويتطلب منه توفير سُبل عدد المطالب والالتزامات، ومن أهمها تكوين ثقافة المجتمع المدرسي بشكل إيجابي، وتنمية قيم الإنتاجية ودعمها بمجموعة من الأفكار والإبداعات بمشاركة جميع الطواقم الإدارية والتدريسية. إن سمة القائد التربوي تتصف بالتخطيط الدقيق والموضوعية لحل المشكلات وترتيب الأولويات؛ لأنه يؤمن بيقين الإيمان بنظرية اقتناء الفرص المتبقية لنمو المهنية نحو الارتقاء، وذلك من خلال ترجمة رؤية المدرسة؛ لأنها المكمن الرئيسي في نجاحاته.
وما يميزه أنه متمكن من صقل العملية التبادلية والتكاملية بمشاركة المجتمع المدرسي، وهي عملية ثقة ما بين الأطراف لتكوين جسر معرفة ذات أفق واسع، وبمثابة شراكة حقيقية وفاعلية وتكاملية لتقديم الخدمات المعرفية وتبادلها فيما بينهم، وتهدف إلى رفع المستوى المعرفي والثقافي للطاقم التدريسي، ولتكوين أسرة متكاملة الأهداف المرسومة لتحقيقها في نمط متماسك لتأسيس نظرية الارتباط الوظيفي بداخل المجتمع المدرسي من خلال الكشف عن العلاقات الوظيفية للارتباط بين الوظائف في عملية تبادلية فيما بينهم وبين الأداء المهاري الذي سيسهم في إدراك معنى التقدم والرقي أثناء قيامهم بالمهام الوظيفية من خلال الدعم الوظيفي الذي يشمله القائد التربوي في قائمة أولوياته.
إن سمات القائد التربوي في أنه يقوم بطرح الأفكار الإبداعية ويتفاعل مع الآخرين بسهولة، وقادر على التأثير عليهم؛ لأنه يعتمد على مبدأ الإسقاطية من خلال التفكير الإيجابي وصقلها في شخصيات طاقم المجتمع المدرسي، ومشاركتهم بإيجابية في وضع الحلول للمشكلات حتى يصلهم إلى بر الأمان.
كما أنه يتقن مهارة ديناميات الجماعية التي تؤدي دوره في فهم سلوك الموظفين، وخلق تقنيات علاجية جيدة في ضمور المشكلات التي كانت تعيقهم عن أدائهم الوظيفي، وهذه نتيجة الإسقاط الإيجابي للموظفية، لأنهم يعملون جميعاً على قواعد مشتركة من أجل تحقيق أهدافهم المنشودة.
وكذلك أنه يسعى لتأسيس سلوك الرغبة في صياغة رؤية المدرسية في ذواتهم؛ وذلك معتقداً بمبدأ التكافؤ في منهجية التعامل مع الموظفين، وخلق استراتيجيات جديدة لهم ليسهموا في نشر خصال العدالة وصقلها في تربية طلابهم وفي مجالهم الشخصي؛ لإيمانه بقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّىّ)، ولجعل فئات المجتمع المدرسي جميعهم في كفة واحدة حتى يشملهم العدل والاطمئنان.
وأيضا هو ملهم بملاحظة سلوك الموظف عندما يشعر بأنه تعرض للمؤثرات الداخلية أو الخارجية، وسريعاً ما يقف عندها حتى لا تؤثر على أدائه المهني؛ وذلك متمسكاً بمبدأ التحرر من النكوص المهني، فيحرره من الشوائب الشائكة حتى يصل به إلى السلام الداخل، وبالطبع سيشعر بالاستقرار النفسي والأمان. ومن المعلوم بأن الإنسان عندما يشعر بالراحة النفسية، فبلا شك أنه سيحضى بالجانب الإبداعي والالهامي من العالم المحيط؛ وذلك مستلهماً من اقتناء الفرص المتبقية لنمو الشخصية نحو الارتقاء؛ لأن النفس لا تقبل الخضوع والتنازل، بل تسعى جاهدةً لتحضى على كأس التفوق والنجاح. وهنا يمكن أن تتفرد شخصية الموظف عن الآخر بمختلف نوازع القدرات العقلية؛ وبذلك نرى ذكاء المهنة يختلف عن بقية الذكاءات ومستوياتها كذلك. إن أحد الجوانب الأساسية هي القدرات العقلية لدى الموظفين أثناء التعقيد الإداري؛ إذ أنهم يختلفون في قدراتهم أثناء الحصول على المعلومات من العمل ذاته وتوظيفها وربطها ببعض الأعمال المطلوبة، وكيفية اتخاذهم القرارات حيالها، وهنا تكمن الاختلافات بينهم، وفي هذه الحالة ينبغي على القائد أن يعدل بين فئات المجتمع المدرسي كافة.
كما أن المهارة التقديرية لدى القائد مهمة في نمو إنجازات المهام في ظل المتغيرات والتعقيدات في بيئة العمل؛ وذلك يتحتم على القائد التربوي وضع خطة عمل مدروسة بالموازيين الإيجابية والدقيقة كافة، وتحديد إطار التوقعات على المدى البعيد وأحياناً القريب، وبهذا يمكنه أن يتخطى من نسبة النجاح والتقدم والتخلص من العوائق والمشكلات.
إن نكوص أداء القائد التربوي يكمن في عملية الإثابة، ومعيارها العدالة، فإذا وجد فئة محدودة تعمل بجد وبقية الفئات إنجازها بطيء، وتقرير الأداء يصله من مرتأيه، فينبغي له البحث عن مكمن الخدش المسؤول عن ضمور المعطيات عن التوقعات السابقة. والحوافز التي تلعب دورا مهماً في دفع دفة التنمية البشرية ودعمها بسلوكيات الأدائية الناتجة عن الرغبة الحقيقية للقيام بتنفيذ المهمات بنجاح.
وبالرغم من ذلك يقتصر أسلوب القيادة على التوجيه، وتنفيذ الخطط، وتحفيز الموظفين، وكذلك على إتقان مهارة اقتناء الفرص المتبقية لنمو شخصية الموظفين في المجتمع المدرسي بشكل إيجابي، وتنمية قيم الإنتاجية بدعم من القائد التربوي بالجوانب كافة؛ لأنه يتصف بالحنكة والريادة والتنبؤ بحدوث المشكلة، وأنه يشارك موظفيه في الكثير من المواقف ويساندهم؛ وذلك لإحداث بيئة عمل جاذبة لإضافة المتغيرات نحو الصواب.