فخ الألغام الموقوت.. هكذا نُستضعف ونُهزم
بقلم:منى المعولي
أداة حرب فعالة، جهاز استخباراتيا مكتمل توجهه أنت ضدك، تقدم له العدة والعتاد، وتجهزه مكتملا لينسل إليك ويبسط نفوذه فيستضعفك من خلالك.
جاسوس مسلط عليك بالطرق المشروعة وعبر القنوات الرسمية. ووسائل جديدة تلك التي قد يزرعها غيرك في حدودك، أو تلك التي ترحلها بعض الدول عن جغرافيتها إلى جغرافيا ذو مساحة حرية أعلى وإمكانيات أكثر والتي تريد تلك الدول أن تخدم مصالحها بها، فإذا بها تغدو أداة متاحة ووسيلة مباحة لاختراقها، وتغيير سياستها وتمييع توجهها وتضييع علاقاتها.
ويثبت التاريخ الإعلامي والسياسي وقوع هذا النوع من التجنيد الغير ممنهج، إلا أن توفر الفرص والظروف جعلته سلاحا فتاكا يصيب بعض الدول على مقتل وفي عقر دارها وأراضيها، أو عبر وسائل إعلام تدار بأموالها ولكنها تسيست وأصبحت أذرع لمكان استضافتها، تخدم سياسة المستضيف وتدير التوجه حتى وإن كان ضد البلد المؤسس لها .
فقد أثبتت الأيام أن هناك دول كانت تدفع ألاف المليارات على قنوات فضائية خارج أراضيها، ولكن الدول المستضيفة قامت بتجنيد بعض المتنفذين في هذه القنوات لصالح مصالحها فإذا بها تصبح وسيلة تدفع أثمانها دولة وتستفيد منها دولة أخرى.
إنها الحرب إذن ولكن بثوب جديد، وبطابع عصري، تلك الحرب التي اكتسحت الدبابات والرصاص والألغام والمتفجرات، وجعلتك تجابه مجهولا، لأنها انطلقت من المجهول، حرب غامضة، فيها العدو المتقنع يأتيك مباغتا على هيئة صديق، إنها الحروب التي تجاوزت الزمكان، والاستراتيجيات، وابتعدت عن التخطيط والتدبير، وتأتيك على هيئة حدث طارىء، على هيئة حدث عارض، على هيئة فيلم، أو أغنية وربما مقطع فيديو أو ربما مقال،
بعض الأقلام المتزرفة أو وسائل الإعلام التي تزرعها خارج حدودك هي كالقنبلة الموقوتة التي قد تنفجر وهي في أحضانك،كعصى سحرية، تقلب الحقائق، وتفقد الواقع واقعيته، وتجعل الوهم ملتبسا بالحقائق، وقد تحول الوهم إلى مشهد وواقع.
بعض الدول استطاعت استيعاب الدرس وأخذت تلملم شتات أقلامها وقنواتها ووسائل اتصالها، ووجدت أن الحل الناجع والأفضل هي أن تكون وسائل البث الإعلامي منها وفيها، ونحن نقول أن مركزية مثل تلك الوسائل من المهم دائما أن تدار وتوجه من قبل أصولها وأصحابها وانتمائتها، لا أن تترك كسيف حرب حاد يسلط على المنحر.
الإعلام قد يقيم أنظمة وقد يحطم أنظمة وممالك ويسقط عروشا، ومن هنا يمكن تفسير مدى الدور السياسي الذي يلعبه الإعلام، حتى ذلك الذي ظاهره رسائل اجتماعية بحتة إلا إنها تحمل مغازي سياسية بليغة أحيانا.
