إلى قناة الحرة تهنئة الخليلي كوقع الرصاص
بقلم:منى المعولي
كانت ومازالت سلطنة عمان على مر عصورها وصولا إلى أمبراطوريتها الأولى وما بعد ذلك، تنجب العظماء و الأبطال الذين يتحركون وفق أسس وثوابت ومبادىء لاتباع ولاتشترى ولاتسيس ولا تتلون
الرجل الذي قيل له أنت مفتي الأباضية؟ فأجاب أنا مفتي العمانيين.
إنه مفتي السلطنة الشيخ أحمد بن محمد الخليلي الذي استطاع أن يجمع شتات القلوب ويوحد على مدى نصف قرن أبناء عمان على اختلاف أطيافهم ومذاهبهم وأعراقهم، لكنه تجاوز قلوب العمانيين وأصبح حبه يسكن في قلوب المسلمين، ربما ما يميز شخصية الشيخ أحمد أنه ليس شيخ دين فقط، يل تثبت محاضراته ومناظراته ودراساته أنه أحد أعمدة العلم، فهو رجل مفكر ومثقف ملم بالعلوم التجريبية والفيزياء، ولسنا هنا بصدد استعراض سيرته العلمية، لا يحتاج سماحة الشيخ اليوم من يدافع عنه فالعلماء العظام يدافع عنهم التاريخ المشرف، ولكن تمهيدا لبعض النقاط التي تخص شخصه أو ما يخص نهج السلطنة واستقلالية مؤسساتها.
وكما أن عمان تتمتع باستقلالية القضاء والسلطة التشريعية، فإن المؤسسة الدينية فيها لم تكن يوما مؤطرة أو مسيسة أو موجهة وهذا هو ديدن سلطنة الأحرار.
ولانقوم على مبدأ الغلبة والكثرة بل إننا نقوم على مبدأ الثقة في الأعلم فينا ومنا، فرجل ينادي بتوحيد الدعاء في جائحة كورونا ويؤمم خلفه ٢٥ مليون متابع، فهذا يدفعنا قليلا للتسائل، ما الذي جعل ثقة الناس في هذا الرجل وصدقه ونقاءه بهذه القوة في حين عجز أقرانه في مشارق الأرض ومغاربها أن يصلوا إلى هذا الحد من التأثير .
هل تعلمون لماذا؟
لأن مفتي السلطنة الشيخ أحمد لم تحركه المصالح ولا الأهواء ولم تثنيه الأيام، فالوضوح هو نهجه .
وتجلى ذلك في مواقف دولية وانسانية تخاذلت عنها الاتحادات الدينية وصمت عنها الأزهر وغيره وصمت من صمت ممن يعول عليهم قول كلمة الحق من القيادات الإسلامية وهذا نعلمه جميعا وليس بالجديد ولاينكره إلا جاحد
فاليوم تباع الأخلاق والمهنية في سوق النخاسة ، وتتساقط الكثير من الأسماء التي لطالما تشدقت بالمهنية وبالأدب ..تجر من أعماقها بأثمان بخسة من أجل الإساءة للمجتمعات الشريفة ورموزها
وتناسى أولئك أن الشيخ أحمد وقف مواقف الإيمان بقضيته وبفكره وبانسانيته، وعارض الكثير من الممارسات التي تحدث في العالم وندد وأدان التنكيل والاضطهاد ومجازر الروهينغا في بورما والشعوب المسلمة في الصين، كما دعم حق المسلمين في أيا صوفيا ودعم المجاهدين في فلسطين، كما كان وظل قلما مسلطا على كافة أنواع الظلم.
تتشدقون بالحريات وليبرالية الأراء وتنادون بحقوق الدولة المدنية وحق التعبير، وحين بارك الشيخ أحمد لدولة إسلامية مثل أفغانستان بانجلاء المستعمر عنها، قامت الدنيا ولم تقعد، الذين ينادون بالحرية للشعوب ويلهثون صراخا ويطالبون بحرية الشعوب، كيف تتناقضون اليوم مع تلك الرغبة!، وسواء نتفق مع حركة طالبان أم نرفض توجهاتها، لم يأتي في بيان الشيخ ما يشير إلى تهنئته لطالبان بل الحصيف وغير المتغرض سيجد انها مباركة بالاستقلال تلاها نصح وإرشاد بما فيه الخير للأمة وهذا واجب كل عالم دين كان يجب اتخاذه كقدوة، ناهيك أن الحكم سيبقى بين أبناء البلد الواحد وستنتصر دائما وإن طال الضيم إرادات الشعوب.
حرية التعبير في سلطنتنا كفلها النظام الأساسي للدولة وأكد عليها المقام السامي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله وأيده في خطابه، فكيف يستنكر البعض على مفتي السلطنة أن يعبر عن رأيه أو شعوره بالكتابة على صفحته الشخصية فهنا البعض يناقض بعضه ونفسه، وينادي بشيء ويفعل ضده
وأختتم قولي للمستشرفين والذين أتعبوا أنفسهم بالتحليل والتنبوء حول عمان وما سموه بالسلطة الدينية، فإننا في عمان لايوجد لدينا تلك التصنيفات، نحن نلتف جميعا تحت عناية السلطة السلطانية ونعتز ونفخر بوجود عالم وشيخ جليل كتب التاريخ وسطر أنه عماني وأكرر للعالم جملة والدي السلطان هيثم في خطابه التاريخي حين قال
“تظل رسالة عمان للسلام تجوب العالم حاملةً إرثًا عظيمًا وغايات سامية تبني ولا تهدم تقرّب ولا تبعد وهذا ما سنحرص على استمراره معكم وبكم لنؤدي جميعًا بكل عزم وإصرار دورنا الحضاري وأمانتنا التاريخية”.
هنا جفت الأقلام وهنا يقف الكلام عن الاستفهام، ورفعت الصحف.