مواطن خلف قضبان الحدود.. أطفال يترقبون وأم تستغيث
وهج الخليج-مسقط
اعداد وحوار: منى المعولي
اقترب العامان على الاكتمال، ولا جديد في الأفق يلوح، تبحث أم ميار عن بصيص من الأمل وعن ضوء في أخر النفق المظلم الذي عاشته هي وعائلتها منذ حدوث الواقعة، والقبض على أخيها في تهمة تؤمن أم ميار إيمانا عميقا أنه بريء منها وإنه كان ضحية وقع في يد عصابة استغلت عدم معرفة سالم بتفاصيل ما يحاك تحت غطاء مهام سائق شاحنة، ولكن سالم اكتشف في نهاية الأمر أنه وقع في مطب عصابة تهريب الممنوعات فمن أين بدأت الحكاية؟
سؤال المواجع.
تلتقي “وهج الخليج” بشقيقة سالم، لتسلط الضوء على خيوط القضية ومنبعها وبداياتها، بدت أم ميار بنبرة مكسورة، تشعر من خلالها بالإجهاد المعنوي الذي تعانيه، فكيف لا وسالم ترك خلفه أم لا تجف دمعتها ولاينقطع دعائها وأنينها داعية له بالفرج والخلاص من الضيق والحبس، وزوجة شابة تحملها السنون فوق قدرة احتمالاتها وأربعة أطفال يقبلون صور أباهم ولم تشغلهم انشغالات الطفولة وعبثها من تكرار السؤال “متى يرجع بابا؟” السؤال الذي يبدو كسياط يجلد قلب العائلة كافة.
تسريح وعوز وحاجة
تسرد أم ميار تفاصيل الحكاية والتي بدأت مع الظروف الاقتصادية حيث نال سالم ما نال أخرين من التسريح من العمل من بعض المؤسسات الخاصة، بدأ سالم بالبحث عن ما يسد رمقه ويغطي حاجة صغاره وأسرته، فأضاف رقمه للتواصل في كل مكان قد يستطيع العمل من خلاله وعرض خدماته كسائق شاحنة في خدمات التوصيل في المجموعات الواتسابية وكان هدفها النشر عند الحاجة لسائق لتوصيل البضائع في حدود دول مجلس التعاون الخليجي بدون معرفة شخصية مع أعضاء المجموعة، حيث تشحن بين الفينة والأخرى الخضار أو البيض أو مختلف المؤن، وقام سالم بالقيام بعدة مهمات نقل إلى عدة دول خليجية أي لم تكن المرة الأولى مما بدى الأمر لا يتجاوز مجرد عمل روتيني يكسب سالم من عوائده رزقه بعرق جبينه، إلا إن هذه المرة لم تكن حفا بالعادية، فقد خرج سالم لإيصال البضاعة المراد تسليمها للتجار المستوردين في المملكة العربية السعودية.
تواصل حديثها : في اليوم المشئوم كانت المهمة موكلة إلى سائق أخر وكانت البضاعة المزعومة قد تم تجهيزها وتحميلها في الشاحنة ولكن يبدو أن السائق المفترض مناوبته تعرض لظرف وتواصل مع سالم ليقوم بالمهمة عوضا عنه، فاستجاب سالم للمهمة وتم تسليم الشاحنة له ليقودها كما كانت هناك شاحنة أخرى لنفس الجهة يقودها سائق من الجنسية الأسيوية.
شبهة وممنوعات..
وتتابع : عبر سالم منفذين حدوديين دون أي عرقلة تذكر وعند منافذ حدود المملكة يبدو أنه وصل بلاغ بوجود شبهة حول الشاحنة التي كان يقودها الأسيوي وحين تم إيقافه وتفتيش الشاحنة لم تجد نقاط التفتيش أي شيء مشبوه، قام السائق بالتواصل مع سالم ليخبره بالأمر ولكن سالم طمئنه أن الأمر لا يتجاوز كونه إجراءات روتينية تتعامل بها الجهات الحدودية لمزيد من الضبط والأمان.
تتوقف أم ميار عن السرد متسائلة: هل لو كان سالم يعلم عن المواد الموجودة في الشاحنة التي يقودها سيواصل المسير؟!!
تعود لتكمل حديثها: وعند وصول سالم للمنفذ تم تفتيش الشاحنة ووجدوا أكياس من الحبوب المخدرة “كبتاجون” وحين تم مواجهته بها أنكر معرفته عن وجودها بل تعاون مع السلطات للوصول إلى التاجر المستورد والمزعوم لاستلام الخضار (تمويها) أو بالأحرى المواد الممنوعة، وقام بالتواصل على الرقم الذي أعطي له (المستلم) – وبعد تنفيذ كمين – تم القبض عليه والذي اتضح فيما بعد أن خلفه شبكة من العصابات تتاجر بالممنوعات.
ذكرت أم ميار أن التحقيقات التي تمت مع الجناة لم يرد فيها اسم أخيها سالم وأنه لم يكن معروفا لديهم غير أنه أدين لأنه هو الذي أدخل الممنوعات وتم إدانته كمهرب وفي هذه الأثناء كانت العائلة لا تعلم بما حدث لسالم من مصير، ولكن سالم تأخر عن العودة ولم يتواصل مع عائلته مما جعل القلق يتسرب إليهم، فتم التواصل مع سائقي الشاحنات للسؤال عنه وتضيف : تواصلنا مع أصحاب الشاحنة، كما تواصلنا مع الجهات المعنية بالسلطنة وبعد البحث والتقصي من الجهات اتضح أن سالم تم احتجازه.
ما بين الإعدام والمؤبد..
تضيف أم ميار كل شيء حدث في خضم جائحة كورونا والإغلاقات مما عقد الأمور وأبطئ سير تحركنا وكنا متيقنين ببراءته حتى صعقنا بعد عام بصدور الحكم بالإدانة ضد سالم بالسجن عشرين عام أي بالحكم المؤبد، بعد أن كان حكم النيابة العامة سابقا بالإعدام ولكن المحكمة خففته ، أم ميار تعلم أن شقيقها بريء وأن تفاصيل القضية انقسمت على مكانين لأن الأحداث تتضمن دولتين، فلا يمكن لوم القضاء في المملكة لأن أخي بالنسبة إليهم قبض عليه متلبسا بالجرم والذي أقسم أنه لايد له فيه وتقول : إننا نعلم ببراءته إلا إن خيوط البراءة تكتمل فصولها بمد تفاصيل من الجهات المعنية بالسلطنة لمعرفة من المسئول الحقيقي عن تفاصيل هذه الجريمة.
تقتنع العائلة أن الأمر متشابك ومتوغل وأن براءة سالم ستظهر بالأدلة والتي كلنا ثقة بأن الجهات الأمنية بالسلطنة لن تألوا جهدا عن استقصائها وابرازها ولكننا نطالب بسرعة الإجراءات وجمع هذه التفاصيل ومد السلطات في المملكة بكل ما يتعلق بالقضية.
وتتابع بحزن …
لقد طرقنا كل الأبواب وبدأ اليأس يتغلغل إلى قلوبنا، نحيب أمي يتعبنا وشوق أطفاله يجلد صبرنا، وإننا نقاوم شظف الحياة لإطعامهم والصرف عليهم ولله الحمد وبرغم غياب معيلهم إلا إن كل الأمور تهون أمام عودته واثبات براءته، تقول لاحيلة لنا إلا التشبث بالأمل وهذا الأمل مرهون بتحرك الجهات المعنية لدينا لإثبات براءة سالم من التهمة التي لفقت إليه بسبب أشخاص لاضمير لهم ويستغلون حاجة الغير للعمل وكسب الرزق ويتخذونهم سترا وغطاء لتجارتهم الآثمة المستترة، ليقع البسطاء في جرم لم يرتكبوه ولم يكن لهم ذنب به.
أم سالم تستغيث بالعاهل المفدى..
تقول أم ميار أن أمي ( أم سالم) توجه استغاثتها ونداءها وتبث حزنها ولوعتها إلى الوالد القائد عاهل البلاد الكريم حضرة جلالة السلطان هيثم بن طارق – للتدخل في إنقاذ ابنها ورده إلى حضن الوطن وأمه وعائلته، لأنها وبإحساس الأم تشعر أن ابنها بريء وقد وقع كضحية في هذه القضية .
وتختتم الحوار.
تختتم أم ميار اللقاء الحواري معها موجهة النداء إلى الشباب بأخذ الحيطة والحذر من أمثال هذه العصابات، فما حدث مع شقيقها موجع ولاتتمنى أن تكلم به أي أسرة أخرى كما يجب عدم السكوت عنهم وفضحهم في حالة اكتشافهم والإبلاغ عنهم لانهم يتسببون بتحطيم أمم وأجيال وكما تقول أن ما حدث مع سالم، معرض لحدوثه مع أي شاب أخر، لذا علينا أن نتحد لدرء هذا الخطر ومحاربته قدر الإمكان.
البعد الإنساني
ونؤكد أننا كصحيفة “وهج الخليج” إذ ننشر هذه القضية بدافع إنساني بحت دون أي تدخل أو تحريف لعمل الجهات المعنية بالأمر، ونسردها كما جاءت على لسان اخت سالم صاحب القضية، دون التطرق إلى التفاصيل الجنائية أو القانونية وكلنا إيمان بما تبذله هذه الجهات من جهود نبيلة لإحقاق الحق وإنصاف المظلوم ومعاقبة الجاني وفق الأدلة والبراهين المادية، مقدرين هذا الدور الإنساني ومتمنين لكل من تثبت براءته بالفرج واليسر.