صناعة الجلود من الحرف العمانية القديمة في سدح
وهج الخليج- مسقط
لصناعة الجلود دور مهم في حياة الإنسان، كما تعد من الحرف العُمانية القديمة التي تستخدم في الحياة اليومية ليصبح الجلد فراشًا ووعاءً يحفظ الماء والطعام والعديد من المنتجات المختلفة، وما زالت هذه الحرفة تشكّل أحد أهم الروافد المهمة في قطاع الصناعات التقليدية في السلطنة.
وقالت الحرفية ميزون بنت أحمد الحكماني إنها امتهنت حرفة صناعة الجلود منذ ستينات القرن الماضي وما زالت على رأس هذه الحرفة وكانت بدايتها متواضعة جدًّا، وحاجة الناس آنذاك للجلود من أجل استخدامها لأغراضهم المختلفة دفعتها إلى أن تتقن عملية دبغ الجلود وصناعتها بأشكالها المختلفة خاصة في تلك المرحلة التي كان يندر فيها وجود الأواني المعدنية والأوعية البلاستيكية المعروفة الآن حيث كان الجلد يشكل أهمية كبيرة بالنسبة للإنسان العُماني.
وتضيف الحكمانية بأن الجلد يمر بعدة مراحل حتى يصبح صالحًا للاستخدام، فأول تلك المراحل هي مرحلة ما قبل الدباغة وتشمل عملية السلخ فيجب أن يسلخ الجلد بطريقة فنية تسمى بـ (دحش) أي فتح الجلد من عجز الذبيحة باتجاه الأرجل وإدخال اليد بين الجلد واللحم حتى يتم سلخ الجلد عن اللحم ثم يتم إخراج الذبيحة كاملة من تلك الفتحة ويبقى الجلد مجوفًا وهذا يسهل مهمة خياطة الجلد فيما بعد.
وبينت “نقوم بعد سلخ الجلد مباشرة بتنظيفه من بقايا اللحم والدهون واستخراج سيقان الأرجل ثم نرشه بالملح ونضيف عليه التمر ونكومه في قطعة قماش ونتركه لمدة ثلاثة أيام، أما في حالة الاستعجال لكشط شعر الجلد بسرعة نستخدم عصارة أوراق شجرة العيريب أو أوراق نبات الآرام وهو نبات يتواجد في أودية ولاية سدح ومرباط وجبل سمحان، وهذين الصنفين الأخيرين يسهلان عملية كشط الشعر عن الجلد خلال اليوم الواحد وفي هذه المرحلة يسمى الجلد (مِيشّيتْ)”.
وأوضحت أن المرحلة الثانية هي الدباغة وتستخدم أوراق وزهور نبات طفيلي ينمو على أغصان الأشجار يسمى (عنصدوت) أو أوراق شجرة أخرى تسمى (ذوذا) يتم تجميع أوراق وزهور تلك النباتات وتفرم ثم تجفف ويعاد طحنها حتى تتحول إلى بودرة ويدبغ بها الجلد وتستمر عملية الدبغ من يومين إلى ثلاثة أيام وبعد أن تتم مرحلة الدبغ يصبح الجلد جاهزًا لتفصيله لأي نوع يريده المستخدم وفي هذه المرحلة يسمى الجلد (غشعيز ).
وتطرقت إلى المرحلة الثالثة – مرحلة التفصيل – وتسمى (اللكد)، وهي عملية الحياكة فبعد أن يتم تجهيز الجلد يمكن أن يفصل على شكل (عنيت أو نيد أو شسب أو قربة) ولكل مسمى من هذه المسميات استخدامات مختلفة.
وأشارت إلى أنواع الجلود واستخداماتها وطريقة تفصيلها سابقًا، حيث كان الناس يستخدمون جلود الماعز والغزال والوعل أما الآن فهم يستخدمون جلود الماعز فقط فجلد الغزال لا يعمل منه إلا قربة لحفظ الحليب أو خض اللبن الرائب؛ وذلك لرقته وليونته، أما جلد الوعل فيعمل منه نيد لكبر حجمه، أما جلد الماعز فتصنع منه كل الأصناف بحسب حجم الشاة ولكل صنف من هذه الجلود حياكة وتطريز خاص ما عدا القربة والنيد فطريقة حياكتهما واحدة.
وأكدت ميزون بنت أحمد الحكماني فيما يخص تطوير هذه الحرفة ومردودها الاقتصادي للحرفيات أنه كان قديمًا لا يدبغ الجلد بشعره، أما الآن وبعد تطوير صناعة حرفة الجلود فقد أصبح يدبغ الجلد بشعره من أجل الزينة خاصة إذا كان الجلد من النوع الجيشي أو الكريمي وكان سعر بعض المنتجات الجلدية قديمًا قليلًا جدًّا أما في الوقت الحالي فيتراوح سعر بعضها بين 20 إلى 40 ريالًا عُمانيًّا أحيانًا وقد يصل إلى أكثر من ذلك.
وتضيف أن الأدوات التي تستخدم في عملية الحياكة والتطريز هي المقص وإبرة مغروزة في خشب تسمى (مشفئ) وسعف النخيل وخيوط الزري وشرائط جلدية مستأصلة من الزوائد الموجودة في الجلود الجاهزة للتفصيل أو من الجلود غير الصالحة لكثرة ثقوبها.