الرسائل السياسية لولي العهد السعودي
بقلم: محاد الجنيبي
(@mahadjunaibi)
تابع المواطن السعودي والخليجي باهتمام اللقاء الاعلامي لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وخرجت العديد من الآراء المؤيدة و المعارضة والمحللة، ولكننا في هذه العجالة سنترك سرد الأخبار و التحليلات العاطفية و التحليلات المعادية للمملكة و المقدسة لها، و سنذهب مباشرة الى الرسائل السياسية التي بعثها الأمير الشاب للداخل السعودي او المحيط الإقليمي او تلك الرسائل التي بعث بها الى الدائرة العالمية، و سنذهب في تحليلنا الى جوانب دقيقة في هذا الحوار التي من خلالها استطعنا استنباط العديد من التغيرات الاستراتيجية في توجهات المملكة في المستقبل.
الشأن المحلي. بالإشارة الى تقرير مركز المياه الهادئة الذي تطرق الى الشعبية الجارفة التي يحظى بها الأمير محمد بن سلمان من جل أطياف المجتمع السعودي خاصة من هم في عمر الشباب، فان ما قاله الأمير محمد بن سلمان عن المستقبل الاقتصادي يثبت هذه الشعبية الجارفة و كيف لامس طموحات المجتمع السعودي و آماله نحو اقتصاد أكثر ديمومة و أكثر مرونة، مبتعدا اكثر فاكثر عن الاعتماد الكلي على النفط، فقد أعطى الأمير ولي العهد رسائل سياسية للشعب السعودي و المستثمرين السعوديين أن الرؤية تسير في طريقها المرسوم، وقد تسبق هذا الطريق في أحيان كثيرة.
الشأن الإقليمي. إن حديث الأمير محمد بن سلمان الإيجابي نحو ايران يعد سابقة في كافة أحاديث الأمير مع وسائل الاعلام، و هذا يعد تطورا كبيرا يدل على براجماتية الفكر السياسي للأمير، و قراءة سليمة للتغيرات السياسية و الاستراتيجية في المنطقة و في الولايات المتحدة الامريكية و في العالم، أما حديثه عن رغبته في السلام و مبادرة السعودية لوقف اطلاق النار في اليمن فإنه يعد تطورا إيجابيا نحو حلحلة الازمة اليمنية التي ما زالت تلقي بضلالها القاتمة على الامن الوطني السعودي، و لا نستطيع أن نغفل المؤشر الإيجابي في هذه الرسالة السياسية للامن الإقليمي، و هو إعلانه المباشر بعدم التدخل السعودي في الشأن الداخلي لدول المنطقة خاصة في الجوانب الفكرية و الدينية، و بذلك نتوقع أن ينقطع الارتباط السعودي مع الجماعات السلفية المتعصبة و التي تنتشر في كافة دول الخليج.
الشأن الدولي. لقد أعطى الأمير الشاب رسائل سياسية لكل من الولايات المتحدة الدول الغربية والشركات العملاقة التي أصبحت لاعبا مؤثرا في العلاقات الدولية، حيث أسقط قواه الناعمة الجديدة وهي الاستثمارات المليارية التي ستتدفق على الاقتصاد السعودي خلال السنوات القليلة القادمة على محور العلاقات الدولية للمملكة، كما غازل في الوقت نفسه التوجهات الليبرالية للإدارة الامريكية الجديدة وكافة ناشطي البيئة من أفراد ومؤسسات من خلال مبادراته الخضراء البيئية، سواء داخل المملكة أو خارجها.
السلفية العالمية. لقد تبرأ محمد بن سلمان صراحة من كل الرجعية وفساد الخطاب الديني المتعصب المبني على أدلة غير قرآنية، وأعلن أن دستور المملكة هو القرآن وأن للأحوال الشخصية قانون وضعي يستمد شرعيته من كتاب الله العظيم، وبذلك فك الارتباط بين النظام السعودي والمدرسة الوهابية، وهذا تطور إيجابي على الامة الإسلامية، وبذلك سيكون منبر الحرمين لكل المسلمين مهما اختلفت أطيافهم والوانهم وتوجهاتهم الدينية، الامر الذي يعد البناء الحقيقي للقوة الناعمة الدينية في السعودية.