يسألون: من أين أنتِ؟
بقلم: بتول محمد الفارس
يسألون : من أين أنتِ ؟ إلى أي بلدٍ تنتمين ؟
أسرحُ بتفكيري لِلَحظة ثمَّ أجيب :”إنني عَرَبِيَّة” ، ولدتُ في بَلَد الياسمِين ، و شَربتُ من مياه النيل ، و لبِستُ زياً عُمانياً في صباحِ أحد أيامي .
-يعاودون بالسؤال : بأي لهجةٍ تتحدثين ؟
أبتسِمُ لوهلةٍ ثمَّ أجيب : “إن كُنتَ من الشام ف”يا أهلين و يا سهلين” ، و إن كُنتَ من على ضفافِ النيل “حضرتك نورتِنا” ، و إن كُنتَ من السلطنةِ الغالية “علومك عساك طيب ؟” .
-ينظرُ لي أحدهم و يتحدث بدهاءٍ مصطنعٍ : و إن قلتُ أنني عربيٌّ فما ردُّكِ ؟
أردُّ عليه بفِطنة : “أخي في الأوطانِ ، دَمُنا الذي يجري بالعُروبة ، لا فرقَ بيننا فإننا أولاد وطنٍ واحد ، و نخوتُنا واحدة ، و قضيتُنا واحدة”
– يعمُّ الصمت قبل أن يقولوا : لماذا تُفَرِّقين بيننا قَبْلاً ثمَّ تجمعِيننا مرةً أخرى ؟
أرُدُّ بكُل ثقة : “لم أفَرِّق بَينكُم كي أجمعَكُم ، فمن قالَ أننا متفرقون إذا اختلفت لهجاتُنا و عاداتُنا ، ولكن العروبة تجمعنا دوماً و وطننا واحد و القدس قضيتنا ، جميعنا عُربٌ ، لغتنا لغة القرآن ، تحيتنا السلام ، فها نحن مجتمعون كأصابعِ يدٍ واحدة ، وكما يقولون بالعامية “أصابعك ما متل بعضها” -وأنا هنا أقصدها بالمعنى الايجابي- ، فكُل شعبٍ يميزه أمرٌ مختلف عن الآخر كرمزٍ خاص ، فإن كُنّا متفرقين لما كنتُ أتحدث أمامك الآن ، بعد ما شربتُ كرم المصريين مع مياه النيل فقد كانوا كالانصارِ عندما جاءتهم ياسمينةٌ شاميةٌ مهاجرة ، ولم أكن قد ارتديتُ ثوبَ الطيب و الخُلقِ الحسن في عُمان كشجيرةِ ياسمين تبحثُ عن مكانٍ أصيل تنبُت فيه ، فأنا يا عزيزي كنتُ ياسمينة ذابلة لا تربة لها ولا ماء و لا هواء بعدما نُزعتُ من أرضي أرض الشام رغماً عني من العداة ، ولكني لم استسلم للموت ، تمسكتُ بكوني ياسمينة شامية و أتخذتُ من العروبة هواءً جعلني أُسقى بنيل الكرام و أنبتُ في رمال الأصلاء ؛ كي أعود يوماً لشامي و أقول لها : لا تقلقي عليّ فالنخوةُ و المروءة لم تمُت في الشعوب العربية و إنّي على يقين لو أنني جُلتُ باقي البلدان العربيّة لوجدتُ من الحُسن و الخَير ما وجدتُ في مِصر الكريمة و عُمان الطيبة.
لهذا أفتخر أنّي عَربِيّة !