دُمُت أيها السلطان المعظم
بقلم:الدكتور سالم الشكيلي
يضرب أروع الأمثلة، ويُقدم الدرس تلو الدرس، يعمل بصمت وهدوء لا ضجيج فيه ولا تهويل ، إبتسامته المعبرة بتعابير الفخر والعزة والكرامة لا تُفارق محياه ، شهامته ومروءته تسبق أفعاله، وأفعاله تسبق أقواله ، إطلالته هيبة مهابة كسلاطين عمان العظام من نسل الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي مؤسس الدولة البوسعيدية ، ترى جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله في كل موقع من مواقع العمل يتابع ويشرف ويوجه من أجل راحة وسعادة شعبه الذي عاهده على السمع والطاعة ، وعلى العمل يداً بيد من أجل رفعة عمان وسؤددها ، كي تواصل رقيّها وتطورها في كافة ميادين الحياة.
إنّ ترؤس جلالته أبقاه الله لاجتماع اللجنة العليا لمتابعة الآثار المترتبة على وباء كورونا ، هو دليل قاطع وبرهان ساطع على العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته “، فالحاكم مسؤول عن رعيته يسهر على ما ينيبهم ويصيبهم، ويعمل كل ما في وسعه من أجل حمايتهم من أي مكروه ، واتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان ذلك ، وقد كان بإمكان جلالته متابعة الحالة من خلال التقارير التي تصل إليه من اللجنة ، لكنه أبى إلا أن يكون في قلب الحدث ، ليعرف عن قُرب كل صغيرة وكبيرة ، وهذه شيمة الحاكم العادل ، الذي لا يهنأ له بال ولا يغمض له جفن ، وهو يرى شعبه يعاني من جانحة تهدد البلاد والعباد ، فإذا به يتمثل بعمر الفاروق رضي الله عنه في تحسسه وتلمسه لأحوال العباد .
وتتوالى مكرماته الإنسانية السامية ، فيتبرع جلالته حفظه الله بعشرة ملايين ريال عماني لصالح الصندوق ، وكان قبل ذلك بثلاثة أسابيع فقط ، قد تفضّل بمنحة قدرها عشرة ملايين ريال عماني أيضا لصالح صندوق الضمان الوظيفي ، كل ذلك من ماله الخاص ، فأي كرم وأي إنسانية ومروءة وشهامة يحملها الهيثم ، وأجزم بأنّ هذه الخصال الحميدة لتتوارى خجلًا من أفعاله ، فالوصف فاقَ الصفَة .
لقد تابع المواطنون الإجراءات التي يأمر ويوجه بها من أجل ترشيد النفقات ، وتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد ، فكان توجيهه الأول بتخفيض الإنفاق في الموازنة العامة للدولة ، وتمّ على إثْر ذلك تخفيض ما نسبته ٥% من موازنة الوحدات الحكومية ، بما يعني ذلك انخفاض مايزيد قليلاً على ٦٥٠ مليون ريال عماني من أصل حجم الإنفاق المقدر بثلاثة عشر مليار ومائتي مليون ريال عماني .
وبالأمس القريب صدرت أوامره السامية لكافة وحدات الجهاز الإداري للدولة ، بوقف كافة الدورات التدريبية ومنع حضور المؤتمرات والندوات وورش العمل والمعارض خارج السلطنة ، وهي بحق قرارات حكيمة وصائبة ، فبعضها كانت مجرد رحلات سياحية لا تمتّ أحياناً باختصاصات الموظف ومهامه إطلاقًا ، بينما يشكل ذلك استنزافاً لموازنة الوحدات الحكومية دون عائد يُذكر غير الصور الجميلة التي يعود بها الموفد ، يتباهى بها أو يزين بها سطح مكتبه ، أو يزيد بها من رصيد ألبومه الخاص بالصور الخارجية .
ولنا أن نتصور حجم التوفير في هذا الجانب أيضاً ، فمن ضمن تلك الأوامر السلطانية تخفيض بند مهمات السفر بما لا يقل عن ٥٠% ، وهذا بلا شك عين العقل والصواب ، ومن المهم أن يشمل سفر كبار المسؤولين الذين عادة ما يصطحبون حاشيتهم وأتباعهم ، الأمر الذي يرهق هذه البنود فتجدها فارغة من الأشهر الأولى من السنة ، فيتم العمل على تعزيزها من بنود أخرى ، وفي الوقت الذي لا نريد أن نغلق أنفسنا عن العالم ، فإنّنا نؤيد بشدّة على ضرورة التضييق في السفر إلى أبعد الحدود ، وأن لا يزيد الوفد في أقصى تقدير على شخصين فقط .
إنّ عمان اليوم كلها تقف وراء سلطانها المعظم بكل جوارحها ، فليتخذ ما شاء من قرارات وتوجيهات وأوامر من أجل مصلحتها ومصلحة شعبها ، ولا صحة لما يردده البعض عن وجود موازين قوى ، فهذا المصطلح غير موجود في القاموس العماني ، فالقبلية والعصبية والمناطقية ذابت وانصهرت ، ولا توجد في هذا المجتمع إلا عبارة عمان واحدة ، وشعب واحد ، وإن وُجد من يردد ذلك فليس إلا للحفاظ على مصالح خاصة ، وإن هي إلا أكذوبة ابتدعوها لإيهام الناس بها ، والدليل على صحة هذا القول ، كم من شخصية عمانية كانت حاضرة وبقوة في المشهد السياسي ، وعندما تم إعفاؤها في عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور طيب الله ثراه ، انسحبت من المشهد السياسي بهدوء تام ، واستجابة رضيّة .
سيدي جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظكم الله ، إن شعبكم بكل فئاته وشرائحه يقف خلفكم سداً منيعاً يأتمر بأمركم وينفذ توجيهاتكم ، وهو يتطلع إلى حكمتكم البالغة ونظرتكم الثاقبة ويزداد فخراً وعزيمة وإصراراً بوجودكم وتواجدكم في كل موقع ، يشاهد همتكم العالية التي لا تهدأ أبداً ، فامضِ لما أنت ماضٍ له تحرسك عناية الله وتوفيقه ، عشت سلطانا عظيماً مؤيداً بحب وصلوات ودعوات شعبك الوفيّ .