البيت متوقد
رأي-وهج الخليج
لا يحب احد أن يقول هذا الكلام، لكنها الحقيقة المهموس بها، والتي يُعض عليها بالنواجذ، وهي (كأن في الإمارات هابيلَ وقابيل).
نهنئ الإمارات على برنامجها الفضائي وخطتها الطموحة بالوصول للمريخ، ونجاحها في إرسال أول (رائد/سائح) فضاء إماراتي، فلهذا دلالة أن الجسد الإماراتي به أعضاء صحيحة تفكر في خيرية البشرية مقابل عضوٍ مأزموم بالفكر الإسرائيلي كما يبدو، فيوجهه ذات اليمين وذات الشمال، حتى جنى عداوات محيطه.
الجناحان الإمارتيان يغمزان بعضيهما على فترات نفاد الصبر، خصوصا في دبي التي خرجتْ منها تلميحات عديدة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حرسه الله، ومن شاء استعراض تلك التلميحات فما عليه سوى القيام بتطواف قصير على حسابه الموثق في تويتر.
أبوظبي وأصلح الله حالها وأعادها لجادة الصراط المستقيم، بدأت كذلك تستقبل تلميحات من شريكتها الكبرى المملكة العربية السعودية خصوصا بعد مواقف أبوظبي الأخيرة في حرب اليمن، كإنسحابها المفاجئ ومحاولة تحالفها مع إيران، وهذه عقدة مزمنة مع الرياض، ثم تصريح أبوظبي بعد استهداف أبقيق، باستعدادها تعويض المفقود من النفط، ما يوحي بفرحها ومحاولة أن تحل في كرسي الرياض في سوق النفط العالمي، ناهيكم عن ثالثة الأثافي وهو السؤال المتكرر لماذا يستهدف الحوثيون السعودية، وأيديهم قصيرة عن العمق الإماراتي ذي الأهداف الأوضح تكتيكيا وعملياتيا، هل هذا مرده زيارة مسؤولين من أبوظبي لطهران، أم اتفاقيات القفازات تحت الطاولة، ومثالها السفينة المحملة بالأسلحة التي أوقفتْها الأمم المتحدة التابعة للإمارات والتي كانت في طريقها للحوثيين.
(البيت متوحد) الشعار الإماراتي الشهير، وتقول بدهيات علم النفس أنك تعرفُ حاجات الإنسانِ في كلامه، وهذا مصداق لقوله تعالى (ولتعرفنهم في لحن القول)، بالرغم أنه حين إطلاق هذه الزعقة الإماراتية كانت جثامين الجنود الإماراتيين غير معلبة بَعد في توابيتها، ولا كانت مقاتلات الإمارات “تفرن” جثث الأطفال والنساء والعجزة والأبرياء اليمنيين، الأمر الذي شقق البيت الإماراتي (المتوحد)، وبالتعبير الميكروسكوبي الأدق، نزعت (الليفة) عن شقوق البيت الإماراتي، فأخرجت كوامن المجتمع الإماراتي، الذي في أصله (وأقصد السكان الأصليين غير المهجنين) عرب بهم ولهم صفات العرب الرافضة لما يسوء شرف سمعتها وسمعة شرفها، ولم يعرف العربُ سوءةً يوارونها كالاعتداء على الجيران، فعنترة بن شداد الذي تحاول الإمارات سدّ نقصها الوجودي بنسبة عنترة لها، له بيت شهير يقول (وأغضّ طرفي لو ظهرت لي جارتي # حتى يستر جارتي مأواها) فكيف وقد تكرر الإعتداء الإماراتي من أبوظبي على الجيران الأقربين والأبعدين، بل وعلى غير الجيران، وكل من يعادي تل أبيب كملحوظة عامة.
في سفرٍ ما التقينا إماراتيا من أبوظبي، وكنا بزيّنا العماني، وكان بالزيّ الأوروبي، وقال لنا في معنى كلامه (ودي أدخل البريمي وأخيّط لي دشداشة عمانية، بس خايف بمطارات الإمارات يفتشونا)
بالطبع فهمنا أمنيته، وهذه القصة شارحة لما بعدها من الحديث، الذي تطرق عن (البيت المتوحد)، وعلاقة الإمارات بأبوظبي مع المحيط العربي وانعكاسه على الشعب الإماراتي، وسكان الإمارات الشمالية الذين أحيانا لا يشعرون بوطنيتهم الإماراتية، فقاطعتُه (ولكنكم تقولون البيت متوحد، ولكم عبث بحدود أهليكم)، فقال
بعد آهته الكبيرة (الله يصبرنا بس، ما ندري البيت متوحد أو متوجد) فظننتُه يقصد من الوجد، حتى فهمته يقصد (متوقد)، وهو الأمر الذي يشعرك أنه مكتوم الأنفاس يحتاج ما يشعره حقًا أن (البيت متوحد)، ومحتاج لأنفاسٍ تفرحه، ولعل ذلك ما فعله (هزاع المنصوري) رائد أو سائح الفضاء الإماراتي.