جنة الأطفال ليست مساجدهم
بقلم : غنية الشبيبية
تسلل صوت الأمام وهو يتلو آيات الله في تروايح شهر الخير إلى أزقة قلبي معلنا انتفاضة روحانية بهيجة ونشوة طاهرة تقطر رغبة ورهبا للرب جل وعلا.. وتوقظ مهجة تكدست عليها شوائب الفانية و ترهاتها.. كان الجو ملائكيا يلفه القنوت وترعاه السكينة.. وما كان ذلك لينقطع لولا تلك الجلبة المزعجة التي أثارها أطفال في أعمار صغيرة متفاوتة … أطفال لا يفقهون من أمر الصلاة شيئا، لم ننل من شرف حضورهم إلى المسجد سوى بث الفوضى و إيذاء المصلين و بتر روحانية الخلوة مع الله و الأنغماس في تراتيل الخشوع.
بات مشهد اصطحاب الآباء والأمهات لأطفالهم إلى الجامع لأداء صلاة التروايح أو صلاة الجمعة أمرا شائعا في مجتمعنا، والغريب أن من هؤلاء الأطفال من لم يتجاوز عمره ثلاث سنوات! وهي مرحلة عمرية صغيرة جدا لو تطرقنا للعمر الافتراضي الذي ينطلق منه الطفل إلى عوالم الصلاة ورحابة أركانها. والسنة النبوية الشريفة قد أمرت بحث الطفل على الصلاة في السابعة من عمره وما كان ذلك عبثا، فالطفل في هذه السن يدرك ضرورة الامتناع عن إيذاء المصلين و التشويش عليهم والمرور من أمامهم و قطع حبل إنصاتهم لابتهالات الروح التي يرغب كل مصلىي ارتشافها و الإحساس بها لا سيما في شهر التوبة والعتق من النيران.
ويتكئ أولئك المربون الذين يأخذون أطفالهم إلى صلاة الجماعة على حجج هشة لا تربأ إلى مصاف العقول الواعية ومنها أن الطفل سيعتاد على أجواء المسجد و ينشأ على حبه.. أنا أقول نعم قد يحدث شيء من هذا القبيل ولكنه قليل جدا؛ لأن الطفل في هذه المرحلة العمرية لا يهمه سوى اللعب؛ لذا تجده يقطع أشواطا داخل المسجد وكأنه في حلبة سباق غير مبال بحجم الأذى الذي بسببه للمصلين وهو غير ملام دون شك والملام الأول هنا هو الوالد الذي أحضره إلى المسجد.
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، هذا هو الإسلام الحق بمفهومه العميق وبنظرته السابرة لتفاصيل الإنسانية، لا يرض الأذى لمسلم، فما بالك لو كان هذا المسلم في حال عبادة و أداء لعمود الدين و أساسه وأول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة، هنا يكون الأذى أكبر وأشد وقعا؛ لذا كان لزاما علينا التصدي لظاهرة مربكة كهذه و محاولة نشر الوعي بعواقبها و تبعاتها، علنا نجد نفوسا تعي وآذان تصغي.
بالفعل كلام صحيح.. والعجيب أن الأب لا يتحرك ليمنع طفله من تقليب المصاحف أحيانا وأحيانا الركض والصراخ وغيرها