“جيل الآيباد” و صراعه مع الاجيال السابقة
وهج الخليج-مسقط
بقلم:شريفة الصلطي
جيل الالفية او كما يطلق عليهم ” جيل الآيباد ” الذي تشرّب التكنولوجيا منذ نعومة أظفاره و ظل يتغذى عليها حتى اصطلب عُوده ، هذا الجيل الذي يبلغ عمر أكبر واحد فيهم الآن ١٨ ، ترى ما التحديات التي تواجههم ؟ وما مدى تقبل الأهل للتغيرات التي صاحبت نشوء هذا الجيل ؟و ما الذي يجب فعله لسدّ الجفوة بين الأجيال المختلفة؟و أخيرا ما السّر في عدم خضوعهم للأفكار الجهادية المتطرفة التي استهدفت من سبقهم ؟
مختلفين
يذكر لنا علي الصالحي (١٦ سنة)بأنه الوحيد من بين اخوته الذي يبدو مختلفا عنهم من ناحية اللبس والهيئة والاهتمامات، وهذا ما يدخله في شجار دائم مع إخوانه بسبب سخريتهم منه، و يشير الى أن اخوانه يفعلون ذلك بداعي المزاح، الا انه لا يقبل السخرية منه بهذه الطريقة، فهم يعلّقون طوال الوقت على ملابسه و قصة شعرة وحتى الموسيقى التي يستمع لها و غيرها من الامور، ويقول بأسف شديد انه عندما يشتكيهم لوالديه غالبا ما يكونون في صفّهم . و اوضح إانه لا يحب أن يفرض عليه شيء ، بل سيفعل كل ما يطلب منه عندما يقتنع هو بذلك ،ويتمنى ممن هم اكبر منه تفهم ان هذا جزء من شخصيتنه.
تقول فاطمة الصلتية (١٧ سنة) :الأهل متقبلين نوعا ما استخدامي التكنولوجيا، وحريصين على إتاحتها لي تحت اشرافهم ، لكن خوفهم علينا من التكنولوجيا مبالغ فيه، ويزعجني كذلك اعتراضهم نمط حياتنا ، و محاولتهم نسب كل الاخطاء التي ترتكبها الى استخدامنا للإنترنت.
و تضيف فاطمة : ان النكت المتداولة عن “جيل الايباد” مستفزة و مبالغ فيها ،كوننا مختلفين عنهم هذا لا يعني جعلنا مادة للسخرية.
جيل عنيد
تقول م.ع.أ :”كوني أم لستة ابناء لاحظت فروقاً كثيرة بين ابنائي ،فهذا الجيل يصعب التحكم فيه ، و عنيد جدا مقارنة بإخوانهم الذين سبقوهم ،كما انهم يملون بسرعة، وشخصياتهم في تغير مستمر لتأثرهم بأقرانهم او بما يتابعوه على التلفاز و مواقع التواصل ،اضافة الى انهم يرغبون في مواكبة كل جديد –كالملابس و الاجهزة و غيرها -و هذا بالتأكيد يكبدنا اعباء مادّية كبيرة ، و عندما نحاول منعهم يصمتون لفترة و لكن لا يلبثوا حتى يعاودوا إلحاحهم من جديد . و كلما كبروا في السن اتزدادت مسؤوليتنا اتجاههم ،و هذا ما دفعني لترك عملي ،و التفرغ بشكلٍ كامل لتربيتهم .
“منقود عند العرب”
يتحدث بهذا الشأن محمد الحجري و يشيرالى ان ابناء هذا الجيل لا يسعون لتعلم العادات والتقاليد الحسنة التي تمثل ترابط المجتمع العماني مثل حضور المناسبات كالملكات و الاعراس أو
القيام بواجب العزاء و آداب استقبال الضيوف، و هذا “منقود عند العرب” وايضا قلما تجدهم في المسجد لأداء الصلوات ،و ذكر انه كثيرا ما يتشاجر مع أبنائه بسبب هذه الأمور.
واشار في حديثه عن الجيل الجديد” انهم كثيرو السهر و محبين للعزلة بسبب انخراطهم في الاجهزة و العوالم الافتراضية ،انا لا أنكر أن هذا الجيل ذكي جدا، ولكن ما فائدة هذا الذكاء إذا لم يخدمهم في نواحي الحياة! نحن كآباء نبذل كل ما بوسعنا لفهمهم ،ولكن لا أرى أي محاولة من جانبهم لفهم موقفنا وخوفنا عليهم، وأنا مؤمن ان هذا الجيل يمتلك طاقات هائلة ،لا ينقصها إلا التوجيه الصحيح و صبّها في المكان المناسب”.
لا للجمود الثقافي
و يشير د. سلطان الهاشمي من قسم علم الاجتماع و العمل الاجتماعي بجامعة السلطان قابوس انه إذا جمدت الثقافة جمد المجتمع و ، فلا يمكن فرض الثقافة واحدة على كل الاجيال ،فالثقافة قابلة على استيعاب الجديد مع المحافظة على الأسس و المرتكزات في المجتمع، و لا يجب ان تكون جامدة و منتسخة، و اوضح ان التكنولوجيا هنا وسيلة للحصول على الثقافة، ولكن محاولات البعض لنقل كل شيء من الجيل القديم للجديد سوف يوقعهم في صراع الثقافي وسيشكّل لهم عبء كبير وتناقض مقارنة بالإمكانيات المتاحة لهم في هذا العصر، و انه لابد علينا كمربين من الارتقاء بفهمنا لهم و نضع أنفسنا في مكانهم ونرى الامور من منظورهم .
وأضاف الى ان كل جيل يتعاطى مع الاشياء وفق الموارد المتاحة له في عصره ،فولادتهم في هذا العصر يجعل استخدامهم للتكنولوجيا امر طبيعي جدا وهو يعد سمة من سمات جيلهم ،و حرمانهم منها يعني سلب حق من حقوقهم ، فالفرد الذي لا يجيد التعامل مع التكنولوجيا غير قادر على إثبات نفسه في هذا العصر، كل ما علينا فعله هو توجيههم للاستخدام الصحيح لهذه التقنيات و توعيتهم بالمخاطر و تبعاتها ،و اشراكهم في أنشطة اجتماعية حتى نتجنب وقوعهم في فخ الإدمان.
الجهاد و جيل الايباد
كثيراً ما كانت الدعوات الجهادية تستهدف فئة المراهقين و الشباب ،والكثير منهم يذهب ضحيتها، و قد عانت الأمة العربية في فترات سابقة ممن يحملون هذه الافكار ، لكن يبدو ان هذا الجيل اكثر وعياً و لن تمر عليه مثل هذه الافكار مرور الكرام، و هذا مؤشر جيد ، ويوضح ذلك عمر الفهدي (معلّم)و يقول :”هذا راجع بكل تأكيد للنظرة الدينية، لن أقول الجديدة بل الصحيحة، هذا الجيل حاليا يؤمن بأن الحياة من أجل الدين أهم وأزكى وأصوب من الموت في سبيله، هذا الجيل يؤمن بقبول الآخر واحترام الاختلاف واستخدام الحوار وأنه لا يمكنك الان استخدام أي أسلوب آخر غيره”.
فجوة بين الاجيال
إن النظرة الدونية من الاجيال السابقة للجيل الجديد ،و اجراء المقارنات ظالم بحق الطرفين ،فنحن نتكلم عن فترتين مختلفتين من الزمن اختلفت فيها الامكانيات، و الادوات و الموارد المتاحة فكلٌ سوف يستخدم ما هو متاح له في عصره.
و يضيف عمر حول هذا الموضوع ان كل جيل سيقلل دائما من الجيل التالي، أي أنها مسألة طبيعية بسبب الفجوة الحاصلة، وأيضا تغير الممارسات التي تعود عليها الجيل السابق، ولكن باعتقاده ان هذا لن يؤثر كثيرًا بل في بعض الأحيان له تأثير ايجابي، لأن نقد الجيل السابق للجيل الحالي سيجعل الجيل الحالي في بعض الأمور يقلل تهوره، فمثلا ينتقد الجيل السابق الجيل الحالي بأنهم لا يتواصلون مع اقربائهم كثيرا، وهو ما قد يكون صحيحا وسيساعد هذا الجيل في الانتباه لذلك ، ولكن في المقابل قد يتأثر ببعض القيود المفروضة عليه من الجيل السابق، ولكنه يرى بأننا لن نواجه كثيرا هذا الأمر في المستقبل لأن الفجوات بين الأجيال ستقل، بسبب التغيرات المتسارعة وهو ما سيجعل الجيل الحالي متقارب مع الجيل القادم.