التنمر الالكتروني و طرقه الملتوية
وهج الخليج-مسقط
بقلم:شريفة الصلتي
من الملاحظ تنامي ظاهرة التنمر كبير، و برزت بشدة بعد ان انتقلت من العالم الحقيقي لتصاحبنا كذلك على العالم الافتراضي ، و تتمثل مظاهر و اشكال التنمر الالكتروني في السب، و القذف ،و التشهير ،و الابتزاز، و التهديد و نشر الخصوصيات و كل ما من شأنه ان يمثل إساءة للطرف الاخر في مواقع التواصل المختلفة.فهذه الظاهرة المرتبطة بالتقدم التكنولوجي تحتاج إلى تضافر عدة جهود، سواء على المستوى الطبي أو الاجتماعي و القانوني. فقد يمارس المتنمر تنمره بحسابه الشخصي او يسلك طرق ملتوية و يلجأ الى انشاء حسابات وهمية و التخفي خلفها حتى لا يُمكّن الاخرين من التعرف على هويته.
دراسات عالمية
تشير الأبحاث العالمية إلى أن ما يصل إلى 7 من كل 10 شباب قد تعرضوا للإساءة عبر الإنترنت في مرحلة ما.و ان واحد من كل ثلاثة ضحايا للتنمر قد تعرض لاذى ذاتي من جراء ذلك،حيث وأقدم 1 من كل 10 على محاولة الانتحار.
“Ditch the Label and في دراسة استغرقت أربع سنوات، وبعد تحليل 19 مليون تغريدة، وجد تقرير Brandwatch” أن هناك ما يقرب من 5 ملايين حالة من حالات كراهية النساء على تويتر وحده. وقد وجد أن إثنين وخمسون بالمئة من إساءات كره النساء المسجلة قد كتبت بواسطة نساء، وغالباً ما استهدفت المظهر والذكاء و التفضيلات. ووجد التقرير أن هناك 7,7 ملايين حالة من حالات العنصرية ، و تبين أن واحداً من كل إثنين من الشباب يرغب حالياً في المضي قدماً في استخدام وسائل مثل الجراحات التجميلية لتغيير مظهره.
الاسباب
انتقال التنمر من العالم الواقعي الى العالم الافتراضي امر لابد من الوقوف على اسبابه ،حيث يذكر لنا د.حمود النوفلي من قسم علم الاجتماع و العمل الاجتماعي بجامعة السلطان قابوس ان التنمر الالكتروني مشكلة أوجدتها وسائل التواصل، و تكمن اسبابها في شخصية الأفراد و ظروف تربيتهم ، كما لا يخفى تأثير الاصدقاء و الاقران خاصة في سن المراهقة، فهم في هذا السن اقل مرونه في تقبل الاختلاف ،اضافةً الى أن المراهق يرسم لنفسه صوره يرغب أن يكون عليها ،ويريد من الآخرين أن ينظر إليه من خلالها كالقوة و التسلط ،او يمكن ان المتنمر قد مر بحاله نفسية و ظروف صعبة في الواقع فيأتي ليسقط ذلك على الاخرين، و بالتالي تكون لديه نزعة عدوانية، و يقوم بتفريغها على مستخدمي وسائل التواصل دون ادراكه للضرر الذي يمكن ان يحدثه للطرف الاخر.
التّخفي خلف “الحسابات الوهمية”
احدى المحاولات التي يقوم بها المتنمر هو التستر خلف حساب وهمي ، ينشئة من اجل استخدامه الإساءة للآخرين بحكم انه لن يتعرف عليه احد و يشير معاذ الصالحي(طالب علم نفس بكلية مزون )الى ان أن التنمر الإلكتروني أمر مشين ومسيء ، حيث يقوم المتنمر بارسال تعليقات جارحة يهدف من خلالها الإساءة للآخرين وإلحاق الأذى بهم عن طريق الانترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي؛ إلا أنه من المهم أيضًا أن نفهم الدوافع النفسية الخفية التي تبرز أسوء ما في الإنسان من خلال هذه العادة الغريبة ، بالرغم أن الأبحاث النفسية لا تزال في مهدها إلا أن هنالك دراسات قليلة تجمع على أن المتنمر يتصف بـ أربع صفات والمعروفة بـ “الرباعي المظلم” وهي: النرجسية، والميكافيلية، والسادية، والاعتلال النفسي (المعادي للمجتمع).
و اوضح ان طبيعة الإنسان ميّال للتصرف بشكل مختلف عندما يكون منفردًا بعيدًا عن أنظار الناس، وكذلك من يتخفى خلف الحسابات الوهمية يتصرف بشكل غير مسؤول، ويقول ما لا يستطيع قوله في حسابه الشخصي، ولكن اللجوء إلى مثل هذه الحسابات تضعف مصداقية ما يُنشر في الحساب، وتحرض الآخرين للتعامل معه بطريقة كما لو أنه ليس لديه مشاعر.
“رابط صراحه”مستنقع المتنمرين
قد لا يخلو اي حساب من حسابات مواقع التواصل من هذا الرابط ،الذي تقوم فكرته على اعطاء رأينا في الشخص دون التعرف على هويه المرسل ،لكن الجانب السلبي لهذا الرابط طغى على الجانب الايجابي و فتح الباب على مشراعيه للمتنمرين ،
و يوضح لنا في هذا الجانب د.علي الموسوي (استاذ في قسم تكنولوجيا التعليم و التعلم بجامعة السلطان قابوس) حول خوف المتنمر من المواجهة لانها ستكشف عن حقيقة شخصيته الضعيفة والواهنة ،والممزقة من آثار ما حدث له في ماضيه، و ربما عاش او يعيش في ظروف نفسية و اجتماعية صعبه. وقد ثبت في حالات عديدة أن المتنمر شخص جبان ومضطرب نفسيا، ولا يمكنه أن يمارس تنمره الالكتروني إلا من وراء أجهزة الحاسوب والحسابات والأسماء الوهمية.
تاثيره على المتنمر عليهم
و يضيف د. علي بهذا الخصوص الى انه يمكن ان يكون تأثيره كبيرا على ضعيفي الثقة بذواتهم، لعدم إدراكهم أن المتنمر الالكتروني خاو في داخله ولا يمكنه فعل شيء إلا أذا مكّنوه منهم وخضعوا لتهديداته واستجابوا لطلباته.
و اشار الى انه ينبغي تقديم الدعم للمتنمَّر عليهم، وإشاعة ثقافة التصدّي للمتنمر، وتزويد أفراد المجتمع بوسائل الحفاظ على خصوصياتهم الالكترونية، وتشريع قوانين لحماية ضحايا التنمر الالكتروني، والوقوف في وجه المتنمرين بقوة وثبات وكشفهم واتخاذ الإجراءات القانونية في حقهم. كما يجب إجراء البحوث المتخصصة في هذا المجال وتخصيص جزء من العيادات السلوكية لتقديم العلاج المطلوب للمتنمرين وإرشادهم وتعديل سلوكهم.
الجانب القانوني
يوضح لنا فراس بن يونس مشرف شبكة روح القانون و المختصص في الشؤون القانونية قائلا: “انه لم يأتي ذكر مصطلح التنمر الإلكتروني في الأنظمة والقوانين العمانية -وفق اطلاعي-ولكن قد يدخل تحت هذا المصطلح عدد من الجرائم مثل السب ،والقذف ،و الابتزاز ، والتهديد ،والتعدي على حرمة الحياة الخاصة للأفراد و نشر خصوصياتهم وغيرها من الجرائم التي قد تدخل في تعريف التنمر الإلكتروني ، والمنصوص عليها في الأنظمة والقوانين في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات” .
ويؤكد على أن البعض يظن أن تستر خلف الحسابات الوهمية سوف يعفيه من الملاحقه والمسألة القانونية وهذا ظنٌ خاطيء ؛فالنصوص الواردة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات مثلا جرّمت جملةً من الأفعال بمجرد ارتكابها عن طريق استخدام وسائل تقنية المعلومات أو الشبكة المعلوماتية، مما يبنى عليه أنه متى ما قام أحدهم بإرتكاب إحدى تلك الجرائم سواءً من خلال وضع اسمه او عن طريق وضع اسم مستعار يكون مسؤولاً عن ذلك و يُلاحق قانونيا.
وختم حواره قائلا بأننا نعيش في دولة مؤسسات وقانون وعلى من يتعرض لأي تعدٍ بخصوص الجرائم التي سبق ذكرها أو أي جرائم أخرى أن يلجأ للجهات المعنية بتقديم شكوى لدى اقرب مركز شرطة او إدارة الدعاء العام لإتخاذ الإجراءات القانونية ضد الجاني و إحالته للمحكمة المختصة لإيقاع الجزاء المناسب في حقه.