بين المعاذير والمقادير
بقلم : نورة الجساسي
تمر بِنَا الدنيا بوقفات ومحطات، منها ما يكون أثره (عابراً) كالطيف، ومنها ما يترك (أثراً غائراً) كالسيف، منها ما هو لطيف خفيف، وآخر قاس عنيف. نتفاعل معها فكرا وعملا، تدبرا وسلوكا.
والذي يحكم ذلك مدى معرفتنا وثقافتنا، ومدى تجاربنا وخبراتنا التي خضناها سابقا .
قد ننجح في اجتياز بعض التجارب لتشكل هي الأخرى أساسا لتفاعلاتنا القادمة مع تجارب جديدة ؛ بمعنى قد تصبح تلك استراتيجيتنا الجديدة في ردود أفعالنا القادمة.
فنتساءل أحيانا كثيرة عن أسباب رد فعلنا لشيء ما أو لحدث معين، ولكن ما أن نترك لأنفسنا مخاطبة صحيحة ومع ذواتنا للتأمل بهدوء وعمق.
سندرك تماما بعض الحقائق التي لا نجرؤ أحيانا كثيرة على مواجهتها ربما خوفا من مصارحة مؤلمة أو أملا بأن تكون وهما أو حلما نستيقظ منه يوما لوضع أجمل وأفضل ، أو خوفا من محاسبة قادمة سواء كانت نفسية تعود للضمير أو خارجية من أطراف أخرى.
ذكر لنا القرآن الكريم أن الإنسان يوم القيامة يدرك تماما سبب أعماله وتصرفاته. التي سيحاسب عليها فقد قال الله تعالى :
” بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ”(14)سورة القيامة
صدق الله العظيم
وما ينطبق على يوم القيامة من مبدأ ينطبق أيضا على الحياة الدنيا بجوانبها المختلفة؛فلكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه .
فردود فعلك تجاه الأحداث وطريقة تفاعلك معها تنعكس بالطبع على نتائجها .
فالإنسان مخير هنا وعليه السعي . وأن يصنع ما يستطيع لإيجاد واقع يبتغيه.
قال تعالى : ” وأن ليس للإنسان إلا ماسعى وأن سعيه سوف يرى”
فالله سبحانه وتعالى يدعو أو يرى إلى بذل المجهود وليس لمقدار النتيجة.
فإذا تحقق شرط السعي بأسس صحيحة فالنتيجة بمختلف مستوياتها هي قدر الله.
ولكن الإنسان عليه أن يصنع قدره الخاص بإذن الله.
ففي بعض الأمور التي نختارها نحن من نتسبب فنصنع أقدارنا من خلال قرارتنا وتوجهاتنا
قال تعالى:
“فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ” (29) “سورة الكهف”
وقال أيضا :
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3 ) “سورة الإنسان”
كما أن النتيجة للقرارات أيضا يتحمل مسؤوليتها الإنسان فعليه أن ينصف نفسه ولا يظلمها فظلم نفسه محاسب عليه أيضا فقد قال الله تعالى : “وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم ” (101)سورة هود
انتهى .