وباطنه فيه العذاب
بقلم: بدرية البدري
نراقب سعر نفط عمان كما نراقب نمو أطفالنا، تلمع أعيننا بفرحٍ كلما ارتفع سنتا واحدا، ولسان حالنا يقول: فرجٌ قريب.
نرى شبابنا العاطلين عن الحياة وقد بُثّت الأرواح في أجسادهم وتوظفوا ليعمروا هذا الوطن، كما نسمع خبر ترقياتنا المتأخرة بأثرٍ رجعي.
تعود الحياة لتبتسم، وتبدأ أحلام اليقظة بمراودتنا، تتنقّل بنا من سداد ديوننا إلى بدء بناء منزل تسكن به أرواحنا، إلى تصليح ما أفسده البترول غير النقي في سياراتنا.
ولكن..
كل ذلك لا يحدث
ما يحدث فعلا أن الارتفاع الذي لمعت له أعيننا هو ذاته الذي بدأ يحرق أفئدتنا ويقصم ظهورنا، فيتردد قوله تعالى ببالي: ” باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب”، ولكن الباب الذي ضُرب بيننا وأحلامنا ظاهره فيه الرحمة والأمل والنور وباطنه فيه عذابنا وتحميلنا ما لا نطيق.
فيطلُّ السؤال برأسه من خلف القلق: إلى متى والمواطن هو الرافد الوحيد لميزانية الدولة؟
لماذا انعدم التواصل والتفاهم بين الطرفين؟
لماذا تأتي التصريحات الرسمية بعيدة تماماً عن هموم المواطنين، وكأن مسؤولينا يعيشون في كوكبٍ آخر لا طريق يوصله بالكرة الأرضية؟
لماذا كلما ضج الناس واشتعلت الهشتاجات أتت الهشتاجات المعاكسة لتأخذ الناس إلى حيث لا يستوعبون؟
.
.
حقيقة أنا أكتب الآن وأنا أقل المتضررين؛ فقد كنت آخر من ترقى قبل الأزمة، وكان جدول الرواتب معينا لي في تيسير أمور حياتي وإلا لكنت الآن ممن لا يسألون الناس إلحافا، أولئك الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف.
ولكني أشعر بأولئك الذين يضعون رؤوسهم على الوسائد كل ليلةٍ لتتسلّمها الأفكار:
ماذا سأُطعم أطفالي غدا؟
كيف سأعبئ بترول سيارتي؟
ما الذي سيطلبه أطفالي ولن أتمكن من توفيره؟
كل ذلك مررتُ به يوما وأعرفه، كما أعرف أن الضغط يولد الإنفجار وأننا نقف على فوّهة بركان يوشك أن ينفجر.
ولكن الذي لا أعرفه فعلا ولا أجد له تفسيرا هو هذا الصمت والتجاهل لمعاناة المواطنين بكل فئاتهم دون تحديد.
وما لا أفهمه أن سعر النفط ازداد ضعفا وأكثر منذ بدء الأزمة الإقتصادية ولا زال المواطن هو الرافد الوحيد لميزانية البلد، حتى بات صدره ينوء بحمله ولا يطيق احتماله لأنه لم يجنِ من هذا الإرتفاع إلا الضريبة المتزايدة شهراً بعد آخر.