لكل شيءٍ إذا ما تم نقصان
بقلم:الكويتية أريج اللهو
وانقضى صباح الجمعة.. عيد المسلمين الذي صادف أن يكون عيد الأضحى.. وبعد الصلاة وزيارات الأهل.. ثم تداخل الضحكات الحقيقية بالابتسامات الباردة والمزيفة.. وبعد توزيع عدداً من أضاحي.. وعشرات المصافحات.. ومئات الرسائل المهنئة على الهاتف المحمول.. ثمة مقعدٌ خالي يجلس عليه حزنٌ لا يسع أن نتجاهله.. هذا الهسيس الملح يصدح أعلى من صوت المؤذن في المنابر.. ولا يمكن لأحد أن ينكر وجوده.. فعلى الرغم من كون الأعياد مناسبةً رسمية للتدافع نحو السعادة.. إلا أنها تقوم بإدغام الحزن قسراً.. وتصاحبه يداً بيد أينما حلّت..
هناك دائماً وجهاً اعتدت تقبيله بمثل هذا العيد.. لكنك تعزي نفسك الآن أن عينيه الجميلتين في الجنة.. وتجبر ذهنك ألا يدرك كم تلاشت ملامحه المطمئنة في التراب.. وأن لا بأس في أن يقبل العيد ويمضي.. دون معنى.. فأنت تعلم في نفسك ومستقرها أن العيد يتمثل بالأشخاص.. لا في تواريخ الرزنامة..
لذلك يبقى العيد مناسبة الأطفال وحدهم.. الذين لم يفقدوا أحداً.. أو لم يدركوا ذلك بعد.. وتقع مسؤولية الباقي على عاتق المناضلين من الكبار.. الذين يعلمون أن الفقد يسلب الأعياد معناها.. لكن للصغار لا ذنب
لذلك .. نرتدي الملابس الجديدة.. التي لا تحمل عبير أحد.. ونلتقي كأننا اتفقنا سراً أن نتراشق الابتسام.. ونترك الصغار ليلعبون.. بينما يشرد ذهننا إلى من تركونا فارغين كفراغ مقاعدهم على طاولة الطعام.. طبتم.
ولا يسعني سوى أن أصفق للشاعر (أبو البقاء الرندي) عندما قال يرثي الأندلس:
لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ
فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ
من سرّه زمنٌ ساءته أزمانُ
تناغم لغوي مميز
مع سرد متماسك أفكارا