كيف مر العيد على أطفال سوريا؟
كتبت: لارا ابراهيم
في الماضي القريب، أبدع الموسيقار “منصور الرحباني” في كتابة أغنية “الطفل العربي” التي شبه فيها الطفولة بطائرة ورقية تتحدى جميع مظاهر الحصار و الدمار في الشرق. تلك البقعة الجغرافية التي سرقت الطفولة من فلذات أكبادها، فالحرب تجبر الصغار على النضوج المبكر القصري، مع تقبل الضياع في خبايا مستقبل مجهول مقطب الجبين. منصور الرحباني حينها مثل الكثير منا عندما تساءل بصوت الفن “أما لهذا الطفل في بلادي كما لطفل اخر حنان؟”
اليوم ومع نهاية عيد الفطر المبارك، أبحث عن اجابة لسؤال حاول الكثيرون اجهاضه، ألا و هو كيف مر عيد الفطر على أطفال سوريا؟ سؤال قد ينهال عليكم بمشاعر غير محبذة بل هي كئيبة. هل كان كل من الاشمئزاز و الشعور بالذنب والشفقة أسياد الموقف هذه المرة أيضا؟
جعل الله سبحانه و تعالى للمسلمين عيدين في العام، عيد الفطر وعيد الاضحى. عيدان يغمران المسلمين في شتى بقاع الأرض بفيض من الحبور و الأمل بغد أفضل بالرغم من جميع الظروف التي تحيط شرا بالأمة الاسلامية. تلك الأمة التي تتشارك في مظاهر عديدة من مظاهر الاحتفال بعيد الفطر و تتباين في طقوس أخرى أيضا. ليبقى القاسم المشترك الأبرز هو الاهتمام الخاص بإسعاد الأطفال، منة الله علينا.
صراع للأسف، غير متكافئ القوى، بين براءة تكافح للحفاظ على ما تبقى منها و حرب ضروس تستعر نيرانها في قلوب الأطفال السوريين. أطفال يبحثون عن أجواء العيد وسط رائحة الموت و قهر الفقر و أصوات قذائف الهاون، كمن يبحث عن عرس داخل مقبرة.
قبل ستة سنوات، كان أطفال سوريا كغيرهم من أطفال المسلمين يتوجهون الى المساجد لأداء صلاة العيد، الا أنهم اليوم يخافون أن لا يعودوا منها. كما كانوا يتبادلون الزيارات مع أقاربهم، الذين أصبح الكثير منهم تحت التراب بعد ذلك. اليوم، بات الآباء مكتوفي الايدي غير قادرين على شراء ملابس العيد لهم وما أصعب عجز الأب عن تلبية رغبات صغاره!
مهما حاولت الأقلام الفصيحة أن تعبر عن عيد أطفال سوريا فإنها ستبوء بالفشل الذريع، فلا يشعر بلسع النار الا من اكتوى بها… لكن المجد كل المجد لمن يبتغي اعادة رسم الابتسامة على محيا أطفال تلك البلاد. انهم بعطاء ربيع ضاحك مستبشر أتى بعد شتاء قاسي.
فريق “ملهم” التطوعي المختص بدعم النازحين من سوريا للدول المجاورة، حمل على عاتقه هذه المرة مسؤولية اسعاد الأطفال السوريين في العيد. تحدوا أنفسهم قبل تحدي الظروف المحيطة، واضعين الانسانية نصب أعينهم، كمن يحمل بين كفيه شمعة وسط ظلام دامس. حيث قام الفريق بجلب المراجيح و الحلويات و الألعاب لريف حمص الذي كاد أطفاله أن ينسوا ألوان العيد و بهجته. كما تزين 100 طفل من أطفال المخيمات العشوائية بملابس العيد. في حين وزعت العيديات في مناطق أخرى. جميعها مبادرات أسرت الألباب و برهنت على أن الانسانية هي الحل الأمثل للكثير من الأزمات.
لعل ضحكات الأطفال السوريين تكسر الحصار يوما ما. لعل أصواتهم تجد طريقها الى العالم لتعلو على أصوات المدافع و الطائرات الحربية. أعود لأغنية “الطفل العربي” عندما عبرت عن قوة الطفولة كالاتي: يا قصة في البال مستحيلة كانت فصارت لعبة الطفولة.