صراع الأخوة الأشقاء إلى أين؟
بقلم: جمال الكندي
بالأمس القريب كانت المكينة الإعلامية السعودية والقطرية والإماراتية تصب في مصلحة واحدة وتنبع من منبع واحد، ولها اجندة تجاه الأزمة الليبية والسورية واليمنية وهي إسقاط الحكومات في تلك البلدان، وجندت لذلك إعلاميين ومحللين كانوا صبح مساء يتحدثون عن الربيع العربي ونجاحاته في القضاء على حكومة القذافي ومحاولة إسقاط الحكومة السورية.
انقلب هذا الوضع مائة وثمانون درجة وتفرقت المصالح، فتفجرت أزمة خليجية بدأت إعلاميا بين القنوات الإعلامية المحسوبة على الإمارات والسعودية والبحرين مقابل الإعلام القطري الحكومي والخاص، ولو رجعنا لتاريخ الربيع العربي كما يقال والتدخلات الخارجية والتي حولت هذا الربيع إلى خريف اسود في ليبيا وسوريا واليمن كانت أولى محطاتها التراشق الإعلامي وبعدها تحولت إلى المحطة الثانية وهي قطع العلاقات الدبلوماسية، والمرحلة الثالثة والأخيرة وكانت محاولة إسقاط الحكومات في بلدان الربيع العربي بدعم الجماعات المسلحة في الجغرافية السورية واليمنية بغرض إسقاط تلك الدول وطبعا هذا النموذج نجح في ليبيا ومازال يقاوم في سوريا واليمن.
اليوم نحن أمام تطور خطير في الأزمة الخليجية بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وبين قطر من جهة أخرى، فقد انتقلت الأزمة بينهما إلى المربع الثاني وهو كما قلت مربع قطع العلاقات الدبلوماسية بين اصدقاء الأمس في الحرب في ليبيا وسوريا واليمن، التطور الأخير خطير جدا وهو أكثر من القطيعة السابقة لنفس الدول، حيث كانت سابقا تقتصر على سحب السفراء، ولكن التطور الحالي وصل إلى إغلاق المنافذ البرية والجوية والبحرية وهذا يعني أن الأزمة سوف تنتقل إلى المواطن العادي في تلك البلدان والذي ليس له ناقة ولا جمل في هذا الصراع.
الحرب الإعلامية الإماراتية والسعودية على قطر كان منشئها بأن الأخيرة تتبنى سياسات داعمة للجماعات المسلحة والمقصود طبعا جماعة الإخوان المسلمين والتغاضي عن الجماعات الأخرى والتي تستثمر في سوريا وغيرها، وهنا المفرقة في الموضوع فقد اجتمع العداء الأمريكي للإخوان المسلمين لكونها فكر حماس السياسي مع الدول الخليجية التي لها مكونات شعبية تتبنى فكر الإسلام السياسي الإخواني من هنا كان الضغط الإعلامي والدبلوماسي على دولة قطر حيث ذكر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الامريكي “اد رويس” أن بلاده قد تنقل القاعدة العسكرية الأمريكية في قطر إلى بلد أخر إذا لم تغير الدوحة سياساتها الداعمة للجماعات المتشددة والسؤال هنا لماذا جاء هذا التحرك الأمريكي في هذا الوقت بالذات وهي تعلم من أين يأتي دعم الجماعات المسلحة في سوريا وليبيا وغيرها هل انتهت المصلحة والدور المرسوم لقطر فكان التصريح الأمريكي بشأن قطر هو ساعة الصفر لبدأ هذه الأزمة.
نحن هنا كخليجيين لا نريد من هذه الازمة أن تتفاقم وتصل لا سمح الله إلى المربع الثالث ونرجو من عقلاء المنطقة التدخل وفرملت هذا التسارع الكبير لكي لا يصل إلى الصدام المباشر، ومن اجل ذلك نذكر بعضنا البعض بتاريخنا المشترك في شبه الجزيرة العربية وكينونتنا الخليجية الخاصة والمميزة، والتقارب الاجتماعي بين مكوناتنا الخليجية وتغليب المصلحة العامة للمواطن الخليجي المتضرر الأول في هذه الأزمة.
الدور الأن منوط إلى قادة الحكمة في سلطنة عمان ودولة الكويت لتقريب وجهات النظر بين أقطاب هذه الأزمة، فاستمرارها يعني شرخ كبير في المجتمع الخليجي والمتضرر الأول منه هو المواطن البسيط في هذه البلدان، وتبقى المشاكل مهما عظمت تحل ودياً وبين أبناء دول مجلس التعاون لأننا تجمعنا كما قلت مصالح مشتركة وتاريخ واحد ونأمل من هذا التاريخ والترابط الاجتماعي بين دول الخليج، وخاصة بين قطر والإمارات والسعودية والبحرين يكون شافعا ومرجعا ومدخلا لحل هذه الأزمة الخطيرة النتائج إذا بقت على حالها من دون حل يرضي جميع الاطراف ويتم تحكيم هذه الخصائص التي ذكرتها لتكون منطلق لحل هذه المشكلة قبل ان تتفاقم أكثر فأكثر فنرجو ذلك قريباً.