ماذا بعد التصريحات الأمريكية الأخيرة بشأن الرئيس بشار الأسد ؟؟
بقلم:جمال الكندي
خيبة أمل كبيرة أصابت المعارضة السورية صاحبة الأجندة الخليجية والتركية واقصد هنا معارضة منصة الرياض كما تسمى،هذه الخيبة كانت بسبب تصريحات ثلاثة من كبار المسئولين الأمريكان ، حيث ذكر وزير الخارجية الأمريكي عند زيارته لتركيا بأن المستقبل السياسي للرئيس السوري يقرره الشعب السوري فقط ، وذكرت بعدها المندوبة الدائمة للولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن بأن الأولوية الأمريكية في سوريا لم تعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وإنما تأتي محاربة داعش في قائمة الأولويات، وختمها المتحدث الرسمي للبيت الأبيض والذي أكد فيها هذا التحول الإستراتيجي في السياسة لأمريكية في سوريا.
نزلت هذه التصريحات الجديدة في شأن مستقبل الرئيس بشار الأسد كصاعقة على رؤوس معارضة الرياض، فتبعثرت أوراقها وأهدافها التي كانت تقف ورائها وترددها باستمرار في كل مؤتمر حواري يعقد بينها وبين الحكومة السورية، وتصر خلال هذه المؤتمرات بأن لا مكان لبشار الأسد في مستقبل سوريا الحالي والقادم وهذا طبعاً حسب أوامر المشغل الخليجي والتركي.
السؤال هنا ماذا بعد هذا التحول الأمريكي الكبير في شأن مستقبل الرئيس الأسد؟ فهذه الإستراتيجية الجديدة متقاربةً نوعاً ما مع الروسي حليف الأسد، وهي مخالفة لسلف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق أوباما الذي كانت إدارته تردد على الدوام بأن الريس بشار الأسد لا مكان له في مستقبل سوريا ، وهو الذي كانت تتشبث به معارضة الرياض دائماً بسبب أنها تجد نفسها متلاقيةً مع التوجه الأمريكي السابق.
هذا التوجه الأمريكي الجديد يثبت لنا صدق كلام الرئيس الأمريكي ترامب إبان حملته الانتخابية، بأن أمريكا في عهده ستكون أكثر اهتماما في الداخل الأمريكي، والعولمة الفجة في زمن الإدارات السابقة قد انتهى، وهذا يعني أن أمريكا الجديدة ليست معنية في عزل أو تثبيت الرؤساء الذين يختلفون معها ، وهذا التوجه ينعكس بالمقابل في الشأن السوري.
لقد أدركت الإدارة الأمريكية الحالية أنه وبعد حرب ستة سنوات مع الحكومة السورية عبر أدواتها على الأرض فشلت في إزاحت الرئيس السوري عن المشهد السياسي في سوريا ، وهذا بسبب بسيط وهو تجاهل المعارضة السورية والإدارة الأمريكية السابقة لشعبية الرئيس بشارالأسد في سوريا، ووقوف حلفاء أقوياء خلف الأسد مثل روسيا، والتي لا تريد ادارة ترامب التصادم معها ولو كان ذلك على حساب المعارضة السورية.
ما بعد التصريحات الأمريكية الجديدة هي سياسة جديدة مخالفة لعهد أوباما، تكون على قاعدة الأسد ضرور سورية لا بد التعامل معها لحل الأزمة السورية ومحاولة إيجاد حكومة توافق وطني ترضي جميع الأطراف، وهذا طبعاً عبر جنيف القادم بعد ان تتضح الصورة العسكرية أكثر فأكثر، في حسم والقضاء على الجماعات المصنفة إرهابية من داعش والنصرة.
ولكن هذه السياسة لا تعني بالمطلق تقارب كلي مع ما تطرحه الحكومة الروسية من حلول، وإنما هي تعاون أكبر وأصدق مع الروسي في مكافحة الإرهاب الداعشي والنصرة بعدها، وليس استثمارهما كما كان في العهد السابق للإدارة الأمريكية.
مع هذا التقارب النسبي بين الروسي والأمريكي في الشأن السوري هنالك تسارع بينهما في قضم الأراضي التي تسيطر عليها داعش في الشرق السوري وكلاً من الروسي والأمريكي لهم مقاتلين في الجغرافيا السورية ، فرأس الحربة التي تقاتل بها أمريكا داعش هي قوات سوريا الديمقراطية، ومن هنا يأتي الصراع بينها وبين الجيش السوري في التسابق لتحرير الشرق السوري، وهذا بدوره سيخلق معادلة جديدة في سوريا غير معروفة المعالم إلى الآن ولكن الواضح فيها خروج اللعب التركي مهزوماً من سوريا واكتفائه بدخوله مدينة الباب التي علق فيها وأضطر بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى الإعلان عن انتهاء الحلم العثماني في سوريا، بإنهاء عملية درع الفرات.
سوريا مقدمة لتغيرات كبيرة في الميدان العسكري والسياسي ، فتغير الأمريكي في شأن مستقبل بشار الأسد جاء ليتناغم مع تغيرات عربية جديدة تطالب من خلال اجتماع الجامعة العربية قي عمان بأن يشغل مقعد سوريا في الجامعة العربية بمندوب سوريا الحكومي، وهذا طبعاً لم يحدث إلا بتضحيات الكبيرة للجيش العربي السوري ومكافحته الفعلية على الأرض للجماعات الأرهابية التي تهدد المنطقة العربية والعالم، فمدخلات الميدان من إنجازات عسكرية تترجم عملياً في مخرجات السياسية، وما نراه من تغير في النبرة العربية والغربية تجاه سوريا يثبت لنا ذلك.
.