سلطنةُ عُمان وروسيا .. 40 عامًا من العلاقات التاريخية
وهج الخليج ـ مسقط
تواصل سلطنة عُمان بقيادة حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم/حفظهُ اللهُ ورعاهُ/ تطوير مجالات التعاون والشراكة مع مختلف دول العالم، وما زيارة “دولةٍ” يقوم بها جلالتُه بعد غدٍ إلى روسيا الاتحادية إلا واحدة من هذه المحطات لتعظيم المصالح المشتركة بين البلدين سيما في الجوانب الاقتصاديّة والتجاريّة والاستثماريّة ومجالات الطاقة والطاقة المتجدّدة.
وتعكس القمّة المُرتقبة التي ستجمع بين عاهل البلاد المفدّى/ أيّدهُ اللهُ/ وفخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية بالكرملين في موسكو رغبة البلدين الصديقين في الدفع بمصالحهما المشتركة نحو تطوير استراتيجيات الشراكات خاصة وأنهما يحتفلان في هذا العام بمرور ٤٠ سنة على تأسيس العلاقات الدبلوماسية في 26 سبتمبر 1985م.وقد اتّسمت العلاقاتُ السياسيّة بين البلدين الصديقين تجاه عدد من القضايا الإقليميّة والدوليّة المُعاصرة بالصّدق والشفافية ووصلت إلى مرحلة من الثقة المتبادلة في التشاور وتبادل وجهات النظر حيالها، انعكس هذا الحراك عبر الاتصالات الهاتفية بين قادة البلدين وزيارات الوفود الرسميّة رفيعة المستوى والوفود الرسميّة الأخرى المتبادلة بالإضافة إلى اجتماعات المشاورات السياسيّة والبرلمانيّة التي تعقد بشكل مستمر في مسقط وموسكو ومن أبرزها لقاء صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب فخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية بموسكو، والذي أكد خلاله فخامة الرئيس على مجالات تعاون الواعدة بين البلدين الصديقين وخاصة الطاقة والسياحة.وتجاوز حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والاتحاد الروسي بنهاية عام 2024م نحو 133 مليونًا و108 آلاف ريال عُماني أي ما يعادل أكثر من 346 مليون دولار أمريكي؛ وتتمثل أهم الصادرات العُمانية في المنتجات المعدنية ومنتجات النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم، بينما تشمل الواردات الروسية المنتجات الحديدية ومنتجات غذائية كخضراوات وغيرها.وبلغ عدد الشركات المسجلة التي بها إسهامٌ روسيٌّ بسلطنة عُمان حتى عام 2024م حوالي 277 شركة، بقيمة إجمالية تبلغ أكثر من 11.6 مليون ريال عُماني أي بنسبة 84.6 بالمائة من إجمالي رأس المال المستثمر في هذه الشركات التي تستثمر في قطاعات تجارة الجملة والتجزئة والأنشطة المهنية والعلمية والتقنية والمعلومات والاتصالات والتشييد وأنشطة الإقامة والخدمات الغذائية والنقل والتخزين والتعدين واستغلال المحاجر وأنشطة الخدمات الإدارية وخدمات الدّعم والفنون والترفيه والتسلية والأنشطة المالية.وأكّد سعادةُ السّفير حمود بن سالم آل تويه سفيرُ سلطنة عُمان لدى روسيا الاتحادية لوكالة الأنباء العُمانية على أن زيارة “دولةٍ” يقوم بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق /حفظهُ اللهُ ورعاهُ/ إلى العاصمة الروسية موسكو تكتسب أهمية كونها زيارة “دولة” وهي من أرفع أنواع الزيارات الدّبلوماسية التي تتم بين قادة الدول ورؤساء الحكومات وهي الزيارة الأولى لسُلطان عُمان إلى روسيا الاتحادية، وتعد بمثابة خطوة تاريخيّة تعكس اهتمام سلطنة عُمان بتعزيز علاقاتها مع روسيا الاتحادية.
وأضاف سعادتُه أن الزيارة ستفتح آفاقًا جديدة للتعاون الثنائي في مختلف المجالات الاقتصاديّة والتجاريّة والثقافيّة والسياحيّة والتعليميّة، وستكون نقطة انطلاقة لعهد جديد من التعاون بين سلطنة عُمان وروسيا، بما يعود بالفائدة على البلدين والشعبين الصّديقين كما أن التطورات الإقليميّة والدوليّة الحالية ستكون فرصة وسانحة طيبة لقيادتي البلدين لمناقشتها وتبادل وجهات النظر والتعاون في مواجهة التحديات العالمية.
ووضح سعادتُه أن البلدين الصديقين تجمعهما علاقاتٌ دبلوماسية وتاريخٌ طويل، حيث أقيمت العلاقات الدبلوماسية في 26 سبتمبر 1985. وفي عام 1987، تم افتتاح السّفارة السوفييتية في مسقط، وكان قبل ذلك يتم تمثيلها بواسطة سفير غير مقيم لمدة عامين. وفي عام 1991، اعترفت سلطنة عُمان رسميًّا بروسيا الاتحادية خلفًا قانونيًّا للاتحاد السوفييتي.
وقال سعادتُه إن احتفال البلدين بالذكرى الـ 40 لإقامة العلاقات الدّبلوماسية بينهما وهو حدث بالغ الأهميّة يعكس عمق العلاقات بين الطرفين حيث يسعيان إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والتعليمي.
وبيّن سعادتُه أن التبادل والتعاون التجاري بين سلطنة عُمان وروسيا شهد نموًّا ملحوظًا في السنوات الأخيرة وقد أسهمت الاتفاقيات الاقتصادية في تعزيزه.
ولفت سعادتُه إلى أن روسيا تعد سوقًا كبيرًا للصادرات العُمانية إلى روسيا ويتمثّل أبرزها في التّمور والأسماك والألمنيوم والعطور وأحجار البناء فيما تتكوّن أبرز الصادرات الروسية إلى عُمان من القمح والأسمدة والآلات وقوالب الفحم ومعدات معالجة المعادن، وستسهم هذه الزيارة في تسريع وتوسيع هذا التبادل التجاري، وتفتح الباب لاستكشاف فرص جديدة في القطاعات الاقتصادية الحيوية مثل الطاقة المتجدّدة والصناعات الثقيلة.وتطرق سعادتُه إلى أن مركز التصدير الروسي قام بزيارة إلى سلطنة عُمان العام الماضي بوفد مكوّن من ممثلي 39 شركة روسية تحت رعاية العلامة “صُنع في روسيا”، وتمكن المشاركون في البعثة من التعرف على تفاصيل السوق العُمانية وميزات الصادرات إلى هذه السوق من خلال جلسة عمل بعنوان “روسيا وعُمان: فرص وآفاق جديدة للتعاون”. كما أنه في سياق تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، شاركت سلطنة عُمان في عام 2024م، بصفةِ ضيف شرف في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في نسخته الـ 27، في إطار حرص سلطنة عُمان للترويج للمقومات الاقتصادية والتعريف بالحوافز والفرص الاستثمارية المتاحة. ويعدّ هذا المنتدى من أكبر المنتديات الاقتصادية الدولية التي تستضيفها روسيا الاتحادية، كما حرصت سلطنة عُمان على المشاركة في العديد من الفعاليات والمؤتمرات الاقتصادية السنوية التي تُنظم في روسيا؛ أبرزها منتدى قازان الاقتصادي “روسيا والعالم الإسلامي” الذي يُنظّم سنويًّا في مدينة قازان الروسية ويجمع ممثلين من جميع الدول الإسلامية لمناقشة القضايا الاقتصادية ويعدّ المنصة الرئيسة للتعاون الاقتصادي بين روسيا ودول العالم الإسلامي؛ حيث شارك في نسخة العام الماضي أكثر من 20 ألف مشارك.وأكّد سعادتُه على أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والاتحاد الروسي بنهاية عام 2024م بلغ نحو 133 مليونًا و108 آلاف ريال عُماني أي ما يعادل أكثر من 346 مليون دولار أمريكي.وقال سعادتُه إن الزيارة ستشهد التوقيع على 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مختلف المجالات؛ أهمها اتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرات للجوازات العادية لمواطني البلدين؛ وبروتوكول إنشاء اللجنة المشتركة العُمانية الروسية وغيرها من مذكرات التفاهم في مجالات متعدّدة، منها الأسماك، والتجارة، والإعلام، والدبلوماسية، والمناخ وغيرها.. لافتًا سعادتُه إلى أن إبرام اتفاقيات ومذكرات تفاهم جديدة بين سلطنة عُمان وروسيا يعدّ خطوة مهمّة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون في العديد من القطاعات مثل التجارة، والطاقة، والتعليم، والسياحة، مما يسهم في تحسين النمو الاقتصادي وتوسيع مجالات التعاون المشترك.
وأضاف سعادتُه أن قطاع السياحة أحد القطاعات التي تتمتع بفرص كبيرة للتوسع بين عُمان وروسيا حيث إن لسلطنة عُمان بيئة سياحية غنيّة، تجمع بين التراث الثقافي والطبيعي والمناظر الخلابة التي تجذب السياح الروس، ومن المتوقع أن تسهم هذه الزيارة في تعزيز التعاون السياحي بين البلدين. وسيكون لاتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرات للجوازات العادية لمواطني البلدين الذي سيتم التوقيع عليها على هامش هذه الزيارة دور كبير جدا في تعزيز هذا الجانب.ووضح سعادتُه أن أعداد السياح الذين يسافرون بين البلدين في تزايد كل عام؛ ووفقًا لتقدير الجهات المعنية الروسية فقد بلغ عدد السياح والزوار العُمانيين إلى روسيا في عام 2024م حوالي 11 ألف زائر، بنسبة زيادة 70% مقارنة بعام 2023م عندما كان العدد لا يتعدى 3 آلاف زائر وبلغ عدد السياح الروس إلى سلطنة عُمان في العام نفسه حوالي 44 ألف سائح.وأشار سعادتُه إلى أن البلدين يسعيان إلى تعزيز علاقاتهما التعليمية والثقافية من خلال برامج التبادل الطلابي والخبرات الأكاديمية والتعاون بين المؤسسات التعليمية المختلفة، كما أنهما يتمتعان بتاريخ طويل من التعاون المتحفي.وختم سعادتُه تصريحه بالإشارة إلى التعاون في المجال البرلماني بين سلطنة عُمان وروسيا لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وهو من الأدوات الحيويّة لدعم التواصل والتفاهم بين البرلمانيين في كلا البلدين، وتسهيل تبادل الخبرات التشريعية.من جانب آخر أكد سعادة السّفير أوليغ فلادميروفيتش سفير روسيا الاتحادية لدى سلطنة عُمان على أن زيارة “دولة” التي يقوم بها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – إلى روسيا الاتحادية تشكل أهمية بالغة لكلا البلدين، مشيرًا إلى أنها ستُسهم في فتح آفاق لمناقشة الأولويات واستكشاف مسارات جديدة للتعاون في مختلف المجالات.وقال سعادته في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن زيارة جلالته لروسيا الاتحادية تمثل فرصة مثالية لتعميق الثقة بين قيادتي البلدين الصديقين وتهيئة الظروف المواتية لتوطيد التعاون المشترك في مجالات التجارة والطاقة والاستثمار والبنية الأساسية والثقافة والسياحة.وأضاف سعادته أن مثل هذه الزيارات رفيعة المستوى من شأنها أن تسهم في توحيد الرؤى تجاه القضايا الدولية الملحة، علاوة على أنها توفر فرصة لتوقيع اتفاقيات مهمة، وإقامة روابط أوثق في المشاريع الثنائية التي تخدم مصالح البلدين وتعزز العلاقات الثنائية بينهما.
ووضح سعادته بأن زيارة جلالة السُّلطان المعظم – حفظه الله ورعاه – إلى روسيا الاتحادية تتزامن مع احتفاء البلدين بالذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية التي تشهد تطورًا مستمرًّا في العديد من المجالات، مؤكدًا على أن كلا البلدين الصديقين يعملان على توسيع مجالات التعاون المشتركة لتتجاوز التجارة التقليدية في المواد الخام وصولًا إلى استكشاف المزيد من فرص الاستثمار في مجالات الطاقة والزراعة والسياحة والثقافة.
وأشار سعادته إلى أن سلطنة عُمان وروسيا الاتحادية تتطلعان إلى تنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات الخدمات اللوجستية والبنية الأساسية والتقنيات العالية، للاستفادة من الموقع الجغرافي المميز لسلطنة عُمان والموارد التكنولوجية التي تشتهر بها روسيا.ووضح سعادته بأن سلطنة عُمان وروسيا الاتحادية تتشاركان في العديد من الرؤى تجاه عدد من القضايا العالمية الراهنة، ويتجلى ذلك في التزامهما بالأساليب الدبلوماسية لحل النزاعات، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مشيرًا إلى أن هذا التقارب في وجهات النظر يمكّن البلدين الصديقين من التعاون في المحافل متعددة الأطراف والمنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة.وأضاف سعادته بأن المجالات الرئيسة للتعاون بين البلدين الصديقين تتركز في قطاعات الطاقة، والخدمات اللوجستية، والبنية الأساسية، والزراعة، والأمن الغذائي، والثقافة، والسياحة، مؤكدًا على أن كلا البلدين يدرسان تنفيذ مشاريع مشتركة في مجال استكشاف النفط والغاز، وتحديث الموانئ، والنقل اللوجستي، بالإضافة إلى إنتاج وتوريد المواد الغذائية والمنتجات الزراعية. أما في المجال السياحي، فأشار سعادته إلى الاهتمام المتزايد من قبل السياح الروس بسلطنة عُمان، وبالمقابل، روسيا تشكّل وجهة سياحية جاذبة للعُمانيين.
وقال سعادته إن البلدين يدركان أهمية التحول نحو مصادر الطاقة المستدامة واستكشاف مشاريع مشتركة في مجال تكنولوجيا الطاقة الشمسية، حيث إن السنوات الأخيرة شهدت تركيزًا متزايدًا على الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المرتبطة بها، مشيرًا في الوقت ذاته إلى الخبرات العلمية والتقنية المتقدمة التي تتمتع بها روسيا، في الوقت الذي تسعى فيه سلطنة عُمان إلى تنويع اقتصادها من خلال الاستثمارات المبتكرة.
وفي المجال الثقافي أوضح سعادته أنه تم مطلع العام الجاري افتتاح قسم من متحف “الإرميتاج” الحكومي في المتحف الوطني العُماني، كما قدمت عدة فرق فنية عروضًا ثقافية روسية متنوعة بدار الأوبرا السلطانية مسقط خلال الربع الأول من عام 2025، ومن المقرر أن تستمر طوال العام، وهناك خطط لتنظيم معارض من متاحف الكرملين ومعرض تريتياكوف خلال الفترة القادمة.
واختتم سعادة السفير حديثه بالتأكيد على أهمية هذه المجالات التي تسهم في النمو الاقتصادي، مما يضع أساسًا متينًا لشراكات مستدامة تخدم مصالح البلدين وشعبيهما الصديقين.وقال سعادةُ فيصل بن عبد الله الرواس، رئيسُ مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، إن الزيارة السّامية لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظهُ اللهُ ورعاهُ/ إلى جمهورية روسيا الاتحادية، تفتح آفاقًا واسعة لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين الصديقين حيث تأتي في وقت يشهد تناميًا في التواصل بين القطاع الخاص في سلطنة عُمان والقطاع الخاص في روسيا من خلال اللقاءات والفعاليات التي نظمتها أو شاركت فيها غرفة تجارة وصناعة عُمان، أبرزها مشاركة سلطنة عُمان ضيف شرف في منتدى بطرسبورج الاقتصادي الدولي السابع والعشرين، بالإضافة إلى أنشطة مجلس الأعمال العُماني الروسي.
وأضاف سعادتُه في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية أن هذه الفعاليات حرصت على التركيز على الاقتصاد العُماني وما يزخر به من فرص واعدة، تدعمها الحوافز والمبادرات، خاصة في القطاعات المستهدفة ضمن خطط التنويع الاقتصادي.وأكد سعادتُه على أن هناك العديد من مجالات التعاون الممكنة بين الجانبين، حيث يمنح الموقع الاستراتيجي لسلطنة عُمان، المطلّ على بحار مفتوحة ومياه دافئة صالحة للملاحة طوال العام، الجانب الروسي فرصة مثالية لتصدير منتجاته عبر سلطنة عُمان، لا سيما أن الموانئ العُمانية تتميز بقربها من الأسواق الناشئة في آسيا وأفريقيا، إلى جانب أسواق دول مجلس التعاون الخليجي.
وأشار سعادتُه إلى وجود فرص تعاون واعدة في العديد من القطاعات، أبرزها قطاع الأمن الغذائي، حيث يمكن إقامة صوامع عملاقة للقمح والغلال في سلطنة عُمان للتصدير إلى الأسواق الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى ذلك، تتوفر فرص استثمارية في قطاعات التكنولوجيا، والبتروكيماويات، والسياحة، حيث تعد السوق الروسية من الأسواق السياحية الواعدة.وأعرب سعادة جمال بن حسن الموسوي، الأمين العام للمتحف الوطني، عن اعتزازه بالتعاون الثقافي والمتحفي القائم بين المتحف الوطني وسائر المتاحف والمؤسسات الثقافية في روسيا الاتحادية، والذي يعكس عمق العلاقات التاريخية بين سلطنة عُمان وروسيا الاتحادية التي تمتد لقرون من الزمن، مشيرًا إلى أنّ هذا التعاون يُعدُّ تتويجًا لمساعي البلدين في تعزيز الروابط الثقافية والحضارية.
وقال سعادته: “يرتبط المتحف الوطني بعلاقات متميزة مع أبرز المتاحف الروسية، وفي مقدمتها متحف الإرميتاج الحكومي الذي يُعد أحد أكبر وأعرق المتاحف العالمية. وقد بدأ هذا التعاون منذ عام (2014م) عندما انضم البروفيسور الدكتور ميخائيل بيتروفسكي، مدير عام متحف الإرميتاج الحكومي، إلى مجلس أمناء المتحف الوطني، وتبع ذلك توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين في عام (2015م)، مما مهد الطريق لإطلاق العديد من المبادرات المتحفية الرائدة، وصولاً للعلاقات الاستراتيجية التي يتمتع بها المتحفان اليوم.وأشار سعادته إلى أنّ المبادرات النوعية التي تمّ تنفيذها بالتعاون مع متحف الإرميتاج الحكومي، منها استضافة مبادرة (يوم عُمان) في روسيا الاتحادية عام (2018م)، وإنشاء أول قاعة تحمل اسم عُمان في العام (2020م)، واستضافة معرض (يوم الإرميتاج) في المتحف الوطني عام (2019م) لأول مرة، كما قام متحف الإرميتاج الحكومي باستقبال عدد من موظفي المتحف الوطني للتدريب والتأهيل في مختلف المجالات المتحفية التخصُّصية ولا زال.
وتطرّق سعادته إلى المعرض الثاني ضمن مبادرة ركن الإرميتاج بعنوان (هدايا أمراء بُخارى وخانات آسيا الوسطى للبلاط القيصري الروسي) الذي اُفتتح العام الجاري بالمتحف الوطني، والذي يتزامن مع معرض (الإمبراطوريّة العُمانيّة بين آسيا وأفريقيا) في “قاعة عُمان” بمتحف الإرميتاج الحكومي، مؤكّدًا أن هذه المعارض تُعزز التبادل الثقافي بين البلدين الصديقين.
وأشار سعادته إلى أنّ مبادرة “قاعة عُمان” في متحف الإرميتاج الحكومي تأتي ضمن رؤية المتحف الوطني لتعريف العالم بالموروث الحضاري والتأريخي والثقافي والعلمي لعُمان على المستويات الإقليمية والدولية، وهي أحد الأهداف الواردة في المرسوم السُّلطاني رقم (62/2013)، بشأن إنشاء المتحف الوطني وإصدار نظامه، وتشمل المبادرة توقيع عقود إعارة طويلة الأمد مع المتاحف العالمية لعرض المقتنيات العُمانية، أبرزها “قاعة عُمان” في متحف الإرميتاج الحكومي، التي افتُتحت عام (2020م) وتستمر لفترة 3 إلى 5 سنوات.
وأفاد سعادته بأنّ المبادرات الثقافية تشمل “يوم عُمان”، وهو حدث يمتد لفترة 3 إلى 6 أشهر، ويضم فعاليات تعليمية وثقافية، مثل الندوات والمحاضرات والعروض الموسيقية. ومن أبرز فعالياته الأخيرة معرض “بهاء الفضة: مقتنيات من البلاط العُماني” الذي أقيم في متاحف كرملين موسكو عام (2024م)، حيث استعرض مقتنيات تاريخية تعود لسلاطين عُمان في مسقط وزنجبار، مما يعكس جهود المتحف الوطني في التعريف بالموروث الحضاري والتأريخي العُماني عالميًا.
وأضاف سعادته: “تجلى التعاون الاستراتيجي في صيغة العمل الثلاثي لحفظ وصون التراث الثقافي السوري المتضرر خلال سنوات الأزمة، عبر استضافة خبراء الحفظ والصون من متحف الإرميتاج في مسقط لترميم القطع التدمرية، والتي تعد جزءًا من منظومة موقع تدمر الأثري، وهو موقع مقيد من قبل منظمة اليونسكو كتراث إنساني عالمي”.
ولفت سعادته أنه في سياق عرض المقتنيات العُمانية الموجودة في الخارج، دُشِّن بالمتحف الوطني، أصل مخطوط مجموعة من الأراجيز الشعرية في الملاحة البحرية (السفالية، المعلقية، التائية) للملاح العُماني شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدي، والمُعار من معهد المخطوطات الشرقية في سانت بطرسبورغ في (2021م)، ليُتاح لعموم زوار المتحف الوطني بعد أكثر من خمسة قرون، بوصفه المخطوط البحري الأقدم في العالم بخط يد الملاح العُماني.
وذكر سعادته أنّ في عام (2023م) تمّ التوقيع على (3) اتفاقيات حول التعاون الثقافي مع ثلاث متاحف وهي متاحف كرملين موسكو، ومتحف شوسيف الحكومي للعمارة، ومتحف تريتيكوف الحكومي، وذلك على هامش مشاركة المتحف الوطني في منتدى سانت بطرسبورغ الدولي التاسع للثقافة.
وفي إطار التعاون مع متحف تريتيكوف الحكومي في موسكو، أعلن سعادته عن الجهود القائمة لتنظيم معرض للفن الطلائعي الروسي في سلطنة عُمان، والمقرر إقامته في نهاية عام (2025م)، مشيرًا أن هذا المعرض يأتي نتيجةً للاهتمام الكبير بالفن الطلائعي والمجرد في سلطنة عُمان، كما سيستضيف متحف تريتيكوف الحكومي في يونيو القادم من هذا العام معرضًا ينظمه المتحف الوطني لسلطنة عُمان في موسكو، يهدف إلى الترويج لمظاهر الفنون التشكيلية العُمانية الحديثة.
وأشاد سعادته بالتعاون مع جامعة سانت بطرسبورغ الحكومية من خلال تدشين ركن متخصّص للإصدارات العُمانية في عام (2022م)، مشيرًا إلى أنّ هذا الركن يُسهم في إثراء معرفة الطلبة المستعربين بالجانب الحضاري والفكري لسلطنة عُمان. معربًا عن سعادته بتوقيع اتفاقية لإنشاء ركن للإصدارات العُمانية في جامعة الشيشان الحكومية التربوية.وتطرّق سعادته لمشاركة المتحف بصفة متحدث رسمي في منتدى سانت بطرسبورغ الدولي التاسع للثقافة بالتعاون مع وزارة الثقافة الروسية في (نوفمبر 2023م)، والمشاركة في أعمال منتدى سانت بطرسبورغ الدولي العاشر للثقافات المتحدة في (سبتمبر2024م).
وأشاد سعادته بنجاح العرض الأول لفيلم “الخنجر” الوثائقي في المتحف الوطني، من إنتاج قناة روسيا اليوم العربية (آر تي)، والذي يسرد قصة وتاريخ الخنجر العُماني كرمز للهوية والثقافة العُمانية، وحظي الفيلم بتفاعل إيجابي من الجمهور المحلي والروسي.
وتطرّق سعادته لتدشين البرنامج المتحفي من “المواسم الثقافية الروسية” في سلطنة عُمان بالتعاون مع وزارة الثقافة الروسية ومؤسسة “المواسم الروسية” بحضور معالي/ أولغا ليوبيموفا الموقرة، وزيرة الثقافة الروسية، في مطلع شهر فبراير (2025م).
وقال سعادته: دشّن المتحف الوطني في مطلع شهر فبراير نسخة الموقع الإلكتروني للمتحف الوطني باللغة الروسية في خطوة تهدف إلى تعريف الناطقين باللغة الروسية من السائحين والمقيمين، بمكنونات التراث الثقافي لعُمان؛ ما يُسهم في انتعاش السياحة الثقافية بسلطنة عُمان.
واختتم سعادة جمال بن حسن الموسوي الأمين العام للمتحف الوطني تصريحه بأهمية الاحتفاء بمرور 40 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عُمان وروسيا الاتحادية، مؤكدًا أن المتحف الوطني سيواصل دوره كمعبّر رئيس عن الأبعاد الثقافية والحضارية العُمانية، وداعمًا للدبلوماسية الثقافية وتعزيز العلاقات بين البلدين الصديقين.
من جانبه قال البروفيسور ميخائيل بيوترُوفسكي المدير العام لمتحف الإرميتاج الحكومي وعضو مجلس أمناء المتحف الوطني بسلطنة عُمان إنّ العلاقات الثقافية بين روسيا الاتحادية وسلطنة عُمان شهدت في السنوات الأخيرة تعزيزًا وتطورًا ملحوظين إذ تؤدي المتاحف الكبرى في كلا البلدين دورًا محوريًّا في هذا المسار، وفي مقدمتها متحف الإرميتاج الحكومي والمتحف الوطني في سلطنة عُمان.
وأضاف أنّ التعاون بين متحف الإرميتاج والمتحف الوطني بدأ منذ تأسيس الأخير في عام (2013م)، حيث دأب موظفو المتحف في مسقط، لا سيما المرممون، على زيارة مدينة سانت بطرسبرغ بصفة منتظمة للمشاركة في برامج التدريب العملي التي ينظمها لهم خبراء متحف الإرميتاج.
وذكر أنّ متحف الإرميتاج الحكومي استضاف في عام (2018م) أول فعالية لـ “يوم عُمان” شملت معرضًا وبرامج مصاحبة، وفي العام التالي استضاف المتحف الوطني في سلطنة عُمان “يوم الإرميتاج”. وفي عام (2019م)، تمّ توقيع اتفاقيات بين المتحفين تنظم عمليات إعارة المعروضات بغرض تنظيم المعارض المؤقتة في كل من روسيا الاتحادية وسلطنة عُمان.
وأفاد بأنّ متحف الإرميتاج الحكومي استضاف في عام (2020م)، قصر الشتاء معرضاً بعنوان “عُمان: أرض اللبان”، حيث تم عرض كنوز أثرية تعود للألفية الثالثة حتى الأولى قبل الميلاد، اكتشفت في سلطنة عُمان على مدى الـ 50 عامًا الماضية، وفي عام (2021م)، شهد متحف الإرميتاج افتتاح “ركن عُمان”، وهو ابتكار فريد يسمح بتنظيم معارض منتظمة من مقتنيات المتحف الوطني في الإرميتاج. كما شهد المتحف الوطني في سلطنة عُمان الافتتاح الرسمي لمعرض “الحضارة الإسلامية في روسيا” و”ركن الإرميتاج”، والذي يعمل على المبدأ نفسه.
وأكّد البروفيسور ميخائيل بيوترُوفسكي المدير العام لمتحف الإرميتاج الحكومي وعضو مجلس أمناء المتحف الوطني بسلطنة عُمان أنّ التعاون بين المتحفين يتجاوز نطاق تبادل الخبراء والمعارض المؤقتة، فعلى سبيل المثال، في عام (2021م)، أنجز فنانون مرممون من مختبر الترميم العلمي للنحت والأحجار شبه الكريمة بمتحف الإرميتاج ترميم عدد من النقوش الجنائزية من تدمر (الجمهورية العربية السورية) المعروضة في المتحف الوطني.
وأشار إلى أنّ عام (2023م) شهد إقامة مراسم رسمية في المتحف الوطني بمسقط لتسليم قطعة أثرية عبارة عن ساكف حجري منحوت يعود إلى منتصف القرن الرابع الميلادي – إلى سفارة الجمهورية العربية السورية وقد تحقق ذلك بفضل التعاون بين متحف الإرميتاج، الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع المتحف البريطاني، والمتحف الوطني في سلطنة عُمان.
ولفت بأنه في إطار فعاليات منتدى الثقافات المتحدة لعام (2023م) أُقيمت مراسم توقيع اتفاقية تعاون بين متحف الإرميتاج الحكومي والمتحف الوطني بسلطنة عُمان وتهدف هذه الوثيقة الاستراتيجية إلى تعزيز وتطوير التعاون الثقافي والمتحفي بين روسيا الاتحادية وسلطنة عُمان. كما شهد العام نفسه افتتاح معرض “الإمبراطورية العُمانية: آسيا وأفريقيا”، والذي ضم 28 قطعة