تصرف الأغلبية بكل المال الشائع جبراً على الأقلية
بقلم الدكتورة هبة أبوبكر عوض
أستاذ مساعد بقسم القانون الخاص- كلية الحقوق – جامعة البريمي
نظم المشرع العماني قرار الأغلبية الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع في سبيل تحسين الانتفاع بهذا المال من التغييرات الأساسية والتعديل في الغرض الذي أعد له مما يعتبر من أعمال الإدارة الغير العادية واشترط لذلك التصرف أن يبلغ هؤلاء الأغلبية قراراتهم إلى باقي الشركاء، وانّ المعترض على قرار الأغلبية له حق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين من تاريخ التبليغ، وحصر المشرع العماني النص في أعمال الإدارة والانتفاع.حيث نصت المادة (٨٠٩) من قانون المعاملات المدنية العماني على الآتي :
١ – لكل واحد من الشركاء في الملك أن يتصرف في حصته كيف شاء دون إذن من باقي شركائه بشرط ألا يلحق ضررا بحقوق الشركاء.
إنّ الأصل أنّ الشريك على الشيوع بموجب حق الملكية المقرر قانوناً له أن يتصرف في حصته كيفما يشاء لا يحده حد ولا يمنعه ضابط سوى الإضرار بحقوق بقية الشركاء على الشيوع .
كما نصت المادة (٨١٤) من قانون لمعاملات المدنية العماني على الآتي :
١ – للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع أن يقرروا في سبيل تحسين الانتفاع بهذا المال من التغييرات الأساسية والتعديل في الغرض الذي أعد له ما يخرج عن حدود الإدارة المعتادة على أن يبلغوا قراراتهم إلى باقي الشركاء، ولمن خالف من هؤلاء حق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين من تاريخ التبليغ.
٢ – للمحكمة عند الرجوع إليها إذا وافقت على قرار تلك الأغلبية أن تقرر مع هذا ما تراه مناسبا من التدابير ولها بوجه خاص أن تقرر إعطاء المخالف من الشركاء كفالة تضمن الوفاء بما قد يستحق من التعويضات.”
ومفاد ذلك النص أنّ
ولقد تصدى المشرع المصري تفصيلاً منه لعلاج تلك المسألة ونصّ صراحةً على صحة تصرف الأغلبية بأن سمح لملاك ثلاثة أرباع المال الشائع التصرف في المال بالكامل ولكن بشروط عدة حيث نصت المادة 832 من القانون المدني:
«للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع أن يقرروا التصرف فيه إذا استندوا في ذلك إلى أسباب قوية على أن يعلنوا قراراتهم إلى باقي الشركاء ولمن خالف من هؤلاء حق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين من وقت الإعلان – وللمحكمة عندما تكون قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء أن تقدر تبعا للظروف ما إذا كان التصرف واجبا»، وهو الأمر الذي يشترط معه لإعمال هذا النص:
-أن يكون الحد الأدنى للشركاء الذين يطالبون بالتصرف في المال الشائع بأكمله هم ملاك ثلاثة أرباع المال الشائع على الأقل.
2-أن تكون هناك أسباب قوية تدعو للتصرف في المال الشائع كاحتياجهم للمال أو انتقاص قيمة المال الشائع بمرور الزمن أو تعرضه للتلف والخسارة أو غير ذلك.
3-أن يتم إعلان القرار الذي اتخذه ملاك ثلاثة أرباع المال الشائع على الأقل – قبل التصرف – إلى الأقلية المتبقية ونرى يفضل أن يتم بطريق إنذار على يد محضر.
4-إمهال باقي ملاك الأقلية من الشركاء مدة الشهران قبل التصرف في المال ولملاك الربع الباقي الحق في اللجوء إلى القضاء خلال ذلك الأجل
5-وإذا تم اللجوء للقضاء من الأقلية خلال الموعد المحدد – الشهرين – فيشترط حتى يكون التصرف في المال واجب أن يثبت لدى المحكمة أن قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء فلها أن تقدر تبعا للظروف ما إذا كان التصرف واجبا
يدل النص على أنّ التصرف أيّاً كان نوعه ينبغي صدور قرار به من أغلبية خاصة تمثل ثلاثة أرباع المال الشائع على الأقل ويلزم أن يكون قرار الأغلبية مبنياً على أسباب قوية ، وللأقلية من الشركاء حق التظلم إلى المحكمة المختصة خلال شهرين من تاريخ إعلانهم بالتصرف بأي طريق، وللمحكمة أن تقدر ما إذا كان التصرف واجبا من عدمه وإذا لم يعارض أحد في هذا الميعاد أصبح قرار الأغلبية نافذا وملزما للأقلية طبقا للطعن المُقيد برقم 284 لسنة 41ق – جلسة 11/1/”1982″
والواقع أنّ المشرع العماني لم ينظم هذه المسألة مباشرة في قانون المعاملات المدنية ، ولعله ترك تنظيمها هنا لحكم المبادئ العامة المنصوص عليها والمستقاة من الفقه الإسلامي ، أو لتحكمها روح ونص المادة ( 441) بيع ملك الغير في عدم صحة تصرف الشريك في حق غيره، ” إذا باع شخص ملك غيره بغير إذنه انعقد بيعه موقوفا على إجازة المالك، فإذا أقر المالك البيع سرى العقد في حقه ونفذ في حق المشتري كما ينفذ العقد إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد” أو ليقرر القضاء ما يناسب كل حالة بالقسمة أو بالسماح للأغلبية ببيع حصتها للغير أو للشريك الرافض بالشفعة أو بدخوله مع المشتري الجديد شريكاً ، أو لتحكمه نص المادة (٣١) من قانون التسجيل العقاري الصادر بالمرسوم السلطاني مرسوم رقم ٢ / ٩٨ التي تشير إلى أنّ العقار المسجل المملوك على الشيوع لا يصح التصرف فيه إلّا بموافقة جميع الشركاء “يجب تسجيل حق الإرث إذا اشتملت التركة على حقوق عينية عقارية، وذلك بتسجيل السندات المثبتة لحق الإرث التي تتضمن نصيب كل وارث. وإلى أن يتم هذا التسجيل لا يكون لتصرفات الوارث من الأثر سوى الالتزامات الشخصية. ويجوز أن يقتصر التسجيل على جزء من التركة تبنى عليه تصرفات الورثة.”
ومن الخطأ الاستدلال في صحة التصرف بنص المادة (814 ) من قانون المعاملات المدنية العماني وذلك لأنّ نص المادة واضح يتعلق بأعمال الإدارة والحفظ والانتفاع ” ….. للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع أن يقرروا في سبيل تحسين الانتفاع بهذا المال من التغييرات الأساسية …” ليس التصرف القانوني بالبيع الذي يحتاج إلى موافقة جميع الشركاء على الشيوع ولو كان من باب القياس على الانتفاع فالقياس لا يصح هنا لاختلاف العلة، ولا يجوز أن يعتد بتصرف جبراً على صاحبه، فالتصرف في كل المال الشائع تجب فيه موافقة الشركاء جميعهم ، سواءً كان التصرف باسمهم جميعاً على كل المال الشائع أو على بعضه.