المقالات

إضاءات قانونیة حول أھم ما جاء به التقنین الجدید لعقود الإیجار

بقلم : ميعاد بنت عيسى الفارسية

محاضر بكلية الحقوق جامعة البريمي

أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان ھیثم بن طارق المعظم المرسوم السلطاني رقم ٢٠٢٥/١٢ في السابع من ینایر ٢٠٢٥ بتعدیل بعض أحكام المرسوم السلطاني رقم ١٩٨٩/٦، بھدف تنظیم العلاقة بین ملاك ومستأجري المساكن والمحال التجاریة والصناعیة، وتسجیل عقود الإیجار الخاصة بھا.
أولا: أبرز التعدیلات التي قدمھا المرسوم السلطاني ٢٠٢٥/١٢: ١. تشكیل لجان الفصل في المنازعات الإیجاریة:
استحدثت المادة ٢ من القانون الجدید لجنة خاصة للفصل في المنازعات الإیجاریة، والجلي أن الھدف التشریعي لتشكیل اللجنة ھو تقلیل الضغط على المحاكم وتوفیر الحیادیة والشفافیة في التعامل مع المنازعات الإیجاریة وسرعة الفصل فیھا، ولعل المشرع في ذلك ینتھج ذات النھج الذي رسمھ في المنازعات العمالیة حیث شكل لجان في وزارة العمل بذات الطاب كطریق أولي إجباري سابق على رفع الدعوى العمالیة، إلا أنه
في العلاقات الإیجاریة مع الأسف لم یجعل منھ طریق أولي أو سابق على الدعوى الإیجاریة.

٢. إضفاء قوة السند التنفیذي على عقود الإیجار :
جاءت النصوص الجدیدة مؤكدة على ما جاء بھ قانون تبسیط إجراءات التقاضي في المادة ١٦ من أن عقود الإیجار المسجلة تتمتع بقوة السند التنفیذي، مما یعني إمكانیة تنفیذھا مباشرة عبر قسم التنفیذ بالمحكمة الابتدائیة المختصة، دون الحاجة إلى إجراءات تقاضي مطولة، مما یعزز ثقة الأطراف بالعقد الإیجاري ویضمن استیفاء الحق بسرعة دون الحاجة للدخول في مسألة إثبات وجود العلاقة الإیجاریة من عدمھ وھي خطوة تحسب لصالح المشرع في حفظ الحقوق المترتبة عن العلاقة الإیجاریة، فقوانین الإیجار كثیرة التعدیل من آجل تحقیق الموازنة بین مصلحتین متعارضتین مصلحة الملاك ومصلحة المستأجرین وترتبط ھذه
المصالح بالتضخم وتقلب قیمة العملة بالإضافة إلى تنوع طبیعة المأجور.

٣. إدخال التعاملات الإلكترونیة :
اعتمد التشریع الجدید تقدیم الطلبات والمستندات المتعلقة بالمنازعات الإیجاریة أمام اللجنة عبر نظام إلكتروني مخصص، وفقًا لضوابط یُصدرھا وزیر الداخلیة وفقا لنص المادة ١٩منه، وفي المادة ٢ أتاح الإعلان الإلكتروني للأطراف المعنیة واعتد بأرقام الھواتف و أرقام الفاكس و عناوین البرید الإلكتروني كموطن لأصحابھا لإعلانھم علیھا، مما یسھم في تسریع وتبسیط الإجراءات القانونیة، ولكن تثور مسألة ترتیب الأثر القانوني على الإعلان الإلكتروني إذ أن نجاح إرسال الإعلان الإلكتروني للشخص لایحمل دلالة قاعة من اطلاعھ علیھ و إحاطتھ علما بھ أو حتى من أن الشخص نفسیھ ھو من یستخدم ذلك الموطن الإلكتروني لذلك كان من الأحوط عدم الاعتداد بھا كإعلان لشخصھ و إنما دعمھ بإعلان آخر في موطنھ وفقا لإجراءات
الإعلان المعتادة خصوصا و أن اعتبار نجاح إرسال الإعلان منتجا لأثر الإعلان ذا خطورة جسیمة.

٤. تحدید مدد زمنیة للفصل والتنفیذ :

ألزم القانون اللجان المختصة بالفصل في الطلبات المقدمة إلیھا خلال مدة لا تتجاوز ٩٠ یو ًما من تاریخ الإحالة، كما یجب تنفیذ القرارات الصادرة عن ھذه اللجان خلال مدة لا تتجاوز ٣٠ یو ًما من تاریخ صدورھا، مما یضمن سرعة تنفیذ الأحكام، ولكان من المؤمل لو أن المشرع في التعدیل الجدید تدخل لحل المشكلات التي قد تنشأ بین المؤجرین و المستأجرین في حالات الكوارث _مثل ما واجھتھ ھذه العلاقات في كوفید١٩_ كإطالة مدة العقد الإیجاري دون مقابل خاصة للمنشآت الصناعیة وسكن العمال و الوحدات السكنیة، أو المشاركة في الأرباح عوضاً عن القیمة الإیجاریة وغیرھا من الحلول الأخرى التي توفق بین المصلحتین في حالة الكوارث. كما نشیر ھنا إلى أن القرارات التي تصدرھا اللجنة تعتبر نھائیة ولایجوز الطعن علیھا بأي من طرق الطعن المقررة قانونا الأمر الذي یعكس خطورة اعتبار الإعلان الإلكتروني عبر الموطن الإلكترونياً إعلانا للشخص في موطنه ویرتب أثره القانوني!
كما یثور السؤال حول طرق الطعن الواردة في التعدیل ھل یقصد بھا طرق الطعن على القرار الإداري؟ أم طرق الطعن على الأحكام؟ وإذا ما كانت طرق الطعن المقصودة ھي طرق الطعن على الأحكام فلماذا لم یطلق علیھا مصطلح )الحكم( خصوصا وأن اللجنة برئاسة قا ٍض من المحكمة الإبتدائیة؟! واختصاصاتھا
اختصاصات قضائیة كاللتي تقوم بھا المحاكم القضائیة!

٥. تنظیم حبس المحكوم علیھ:
جاءت المادة ٣٢ من المرسوم مشیرة إلى عدم جواز إصدار أمر الحبس إلا بعد إعلان المحكوم علیھ بالسند التنفیذ، وفي ھذا الصدد ینشأ الاعتقاد بأن المشرع قد ناقض المادة رقم ١٧ من قانون تبسیط الإجراءات والتي نصت على ” كما لایجوز لقاضي التنفیذ أن یأمر بحبسه ما لم یثبت
امتناعھ عن التنفیذ رغم قدرتھ على الوفاء.”

وفي الختام یُعتبر المرسوم السلطاني رقم ٢٠٢٥/١٢ في مجملھ خطوة مھمة نحو تحسین البیئة القانونیة لقطاع الإیجارات في سلطنة عُمان، بما یضمن حقوق الملاك والمستأجرین على حد سواء، ویسھم في تعزیز الثقة في السوق العقاري المحلي. ومع تنفیذ ھذه التعدیلات، یُتوقع أن یشھد قطاع الإیجارات استقرا ًرا أكبر، مما یحقق التوازن بین جمیع الأطراف الم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى