أخبار العالم

منعطف في حرب السودان لكن لا نهاية لها في الأفق

وهج الخليج – وكالات

يرى محللون في استعادة الجيش السوداني السيطرة على القصر الجمهوري بوسط الخرطوم خطوة هامة نحو السيطرة على العاصمة بأكملها، لكنهم ليسوا متفائلين بأن نهاية الحرب اقتربت.
قبل عامين، في أبريل 2023، اندلعت المواجهات في العاصمة السودانية، واستولت قوات الدعم السريع على القصر الجمهوري وعدد من المنشآت الحيوية، وعلى أجزاء كبيرة من الخرطوم، ما دفع الحكومة السودانية للفرار من العاصمة والتوجه إلى مقرها الحالي، بورتسودان، على البحر الأحمر. وأطلق الجيش السوداني عملية عسكرية واسعة نهاية العام الماضي أحرز فيها تقدما في عدة مناطق كان آخرها القصر الجمهوري. ويصف الأستاذ في جامعة كامبريدج والباحث في شؤون السودان شاراذ سرينيفازان، استعادة الجيش للقصر الجمهوري بأنه “نقطة فاصلة تعيد رسم خطوط المعركة وتجعل الانقسام أوضح”. إلا أن قوات الدعم السريع لا تزال تسيطر على مساحات واسعة من السودان. ويرى سرينيفازان أن الحرب لا تزال بعيدة عن نقطة النهاية لأن “أيا من الطرفين غير مستعد بعد للاستسلام”.
ـ مكاسب وخسائر
بعد ساعات قليلة من دخول قوات الجيش الجمعة إلى القصر الجمهوري، شنّت قوات الدعم السريع هجوما بالمسيّرات قتل ثلاثة صحافيين يعملون في التلفزيون السوداني الرسمي وعددا من مقاتلي الجيش. في الأيام التالية، شهدت العاصمة اشتباكات بين الجيش والدعم السريع لإخراج الأخير من المنطقة الحكومية بوسط العاصمة، بينا شنت قوات الدعم السريع هجمات على أحياء سكنية في الخرطوم واستولت على مناطق نائية في جنوب وغرب البلاد. وبحسب محللين، قد تكون استراتيجية الدعم السريع إشغال الجيش بمعارك في الخرطوم بينما يعمل على إحكام سيطرته على إقليم دارفور الشاسع في غرب السودان حيث تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات وتطهير عرقي. وأدت الحرب المستمرة في السودان منذ عامين إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص، وبأكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.
ـ نقاط فاصلة
تقول المحللة السودانية خلود خير لفرانس برس إن “نقطتي الاشتعال في هذه الحرب هما الخرطوم والفاشر”، عاصمة شمال دارفور، والمدينة الرئيسية الوحيدة بالإقليم التي لا يسيطر عليها الدعم السريع رغم محاصرته لها منذ عشرة أشهر. وفي إطار معركتها للسيطرة على الفاشر، استولت قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي، على مدينة المالحة الواقعة على سفح جبل على بعد 200 كلم من الفاشر في أقصى شمال الصحراء الواسعة بين السودان وليبيا. وتعتبر المنطقة، وفقا لمصادر محلية وإغاثية، نقطة حيوية على طريق إمدادات قوات الدعم السريع. وقد يشكّل الاستيلاء على الفاشر خطوة مهمة نحو عودة خطوط إمداد الدعم السريع الى كامل قوتها، بعدما أضعفتها هجمات الميليشيات المتحالفة مع الجيش، ما أثّر على عمليتها في دارفور وعرقل إمدادات الوقود والسلاح والمقاتلين. ويرى سرينيفازان أن نجاح الدعم السريع في دارفور قد يحول الانقسام الحالي إلى “انفصال يفرضه الأمر الواقع”.
في فبراير، وقعت قوات الدعم السريع وحلفاؤها اتفاقا لتشكيل حكومة موازية في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم. وحذّرت الأمم المتحدة من أن تلك الخطوة ستعمّق الانقسام في البلاد. وبحسب الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية كاميرون هادسون، يتوقف مستقبل الحرب على ما إذا كان الجيش سيكتفي باستعادة الخرطوم وتثبيت أقدامه في شمال وشرق السودان، أم سيتجه غربا لتدمير الدعم السريع.
ـ مصالحة؟
ويضيف هادسون أن السلطات ستواجه في الحالتين “ضغوطا هائلة” في ظل رغبة ملايين السودانيين في العودة لمنازلهم في المناطق المستعادة. كما يحذر هادسون من خطر المجاعة واحتمال تزايد الانتهاكات التي يتهم بها طرفا النزاع ضد المدنيين. واتهمت مجموعة “محامو الطوارئ” التي توثق الانتهاكات في الحرب السودانية الثلاثاءالجيش بتنفيذ قصف دام على شمال إقليم دارفور الاثنين تسبب بمئات القتلى بين المدنيين،الأمر الذي نفاه الجيش. والقصف حلقة من سلسلة هجمات ينفذها الطرفان وغالبا ما يدفع ثمنها المدنيون. ويرى المسؤول عن منطقة القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية آلان بوزويل أن السودان مقبل على مفترق طرق “بعد أن يستولي الجيش على الخرطوم: فإما المزيد من الحرب أو الاتجاه الى مفاوضات سلام لمحاولة إنهاء” النزاع. ويقول بوزويل لفرانس برس إن أيا من الطرفين لم يُبدِ استعدادا للهدنة، ولكن الانتصارات الأخيرة للجيش تفتح الطريق أمام “داعميه الرئيسيين لمحاولة إخماد هذه الحرب”. وتدعم مصر قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الذي شهدت علاقته مع روسيا وإيران وتركيا بعض التقارب في الآونة الأخيرة. وبعد بضع ساعات فقط من استعادة قواته السيطرة على القصر الجمهوري، وبينما لا تزال حكومته تدير البلاد من بورتسودان، تعهّد عبد الفتاح البرهان بأنه لن تكون هناك مفاوضات قبل انسحاب قوات الدعم السريع بشكل كامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى