عمان تتعرض لهجوم اعلامي ممنهج يقوده اليمين المتطرف
بقلم : منى المعولية
عُمان، المعروفة بسياستها الخارجية القائمة على الحياد والدبلوماسية، الثابتة على ميزان الإتزان، عمان التي جمعت الفرقاء على طاولة الحوار، عمان ترسانة السلام في الشرق الأوسط تطالها مؤخرًا انتقادات متعددة متعرضة تتهمها بدعم جماعة الحوثيين في اليمن تارة، وتهريب السلاح تارة أخرى. وفي أحيان أخرى، تهاجم عمان في أهم مشاريعها الاستراتيجية وهو ميناء الدقم المتوقع منه ان يقود قافلة التحول العماني من الاقتصاد الريعي المعتمد على النفط إلى الاقتصاد الحر المعتمد على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة والإنسان العماني.
كما أثيرت العديد من التساؤلات حول دورها في الصراعات الإقليمية، وتُشير بعض التقارير والمقالات السياسية إلى أن عُمان قد استخدمت منطقة المزيونة القريبة من الحدود اليمنية كنقطة انطلاق لتهريب الأسلحة إلى الحوثيين، مما يعزز قدراتهم العسكرية ويطيل أمد الصراع في اليمن، كما ظهر مؤخرا مقطعا قصيرا يتحدث فيه أحد مدعي المعرفة الاقتصادية مهاجما المسيرة الظافرة للمنطقة الاقتصادية بالدقم، وهو الأمر الذي دفعني إلى كتابة هذا المقال لتوعية الشعب العماني ومن يرغب بمعرفة الحقيقة أن ما يقال عن عمان هو محض افتراء وإفك بين.
وعودة إلى العلاقة العمانية بالحوثيين، فقد ظهر مقالا جديدا يذكر أن مسقط قد منحت ملاذًا لقادة الحوثيين، مثل محمد عبد السلام، مما يثير الشكوك حول حياديتها المعلنة، ويعتقد صاحب المقال أن هذه الخطوات قد ساهمت في تمكين الحوثيين من تهديد الممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر، مما يشكل تهديدًا للتجارة الدولية، ان هذه النوعية من المقالات عادة ماتهدف لممارسة الضغوط السياسية على الدول لثني الدول عن مسار سياسي معين او لتغيير موقفها السياسي او للحصول على مصالح سياسية من تلك الدولة، وان هذه المقالات والتقارير التي بدأت تظهر في واشنطن وتل ابيب على المنصات الاعلامية ذات التوجه اليميني المتطرف تهدف إلىشيطنة الدور العماني المحايد لإنهاء الصراع في اليمن وإظهار عمان وكأنها تهدد الممرات الملاحية التجارية في البحر الأحمر.
على الرغم من هذه الإتهامات، يجب الإشارة إلى أن الجميع يعلم أن عُمان لطالما اتبعت سياسة عدم التدخل العسكري، مفضلة الحلول الدبلوماسية لحل النزاعات، هذا الموقف جعلها وسيطًا موثوقًا به في العديد من القضايا الإقليمية، ومع ذلك يبدو أن هذا النهج المثالي قد وضعها في مواجهة مع قوى إقليمية ترى في سياساتها تهديدًا لمصالحها، وخاصة بعد هجوم السابع من أكتوبر وارتكاب إسرائيل جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، واتخاذ سلطنة عمان موقفا إنسانيا متعاطفا مع الشعب الذي يباد هناك.
إن هذا الموقف الإنساني العماني أثار انتقادات من بعض الأطراف، بما في ذلك اليمين المتطرف في إسرائيل وأمريكا وأوروبا وبعض المتصهينين العرب، الأمر الذي جعل عُمان هدفًا للهجمات الإعلامية والسياسية من قبل هذه الجهات، التي ترى في الموقف العماني عقبة أمام مصالحها الإقليمية وعقائدها وأهدافها الاستعمارية في دعم إسرائيل.
في الختام، نستطيع القول إن عمان لعبت دورًا محوريًا في تعزيز الهدنة في اليمن، حيث ساهمت جهودها الدبلوماسية في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة، مما أدى إلى تهدئة الأوضاع الميدانية وفتح آفاق جديدة للحوار والسلام. هذه الحقائق جاءت بعد العديد من الشهادات الدولية خاصة للإدارة الامريكية السابقة والمملكة العربية السعودية والأمم المتحدة التي أكدت على حيادية عُمان والتزامها الثابت بالسلام، وتُبرز استحالة قيامها بتأجيج الصراعات، حيث تركز جهودها على الحلول الدبلوماسية وتخفيف المعاناة الإنسانية، مما يعزز مكانتها كوسيط نزيه وفاعل في المنطقة. كما أن موانيها البحرية والجوية كانت ومازالت ملاذا لكل محتاج وإغاثة لكل ملهوف، وظلت موانيها عبر تاريخها الطويل مفتوحة أمام الجميع لممارسة التجارة وتعزيز الصلات مع الأمم والشعوب.