ما مبادرة البحار الثلاثة؟ وهل هي أولوية أوروبية؟
وهج الخليج ـ وكالات
تمتلك الدول الأوروبية ، المدعومة بالبحار الأدرياتيكي والبلطيق والأسود المفتاح للأمن والأزدهار والانخراط العالمي لأوروبا القوية والمرنة . ويتعين على القادة الأوروبيين في ظل دعم أمريكي قوي أن يعلنوا عن رؤية واستراتيجية مناسبة لتحقيق هذه النتيجة في القمة المقبلة لمبادرة البحار الثلاثة في بولندا في شهر أبريل المقبل، حسبما ورد في تقرير لثلاثة من المحللين الساسيين.
وقال المحللون كوش أرها ، رئيس منتدى المحيطين الهندي والهادىء الحر والمفتوح ،وسلافومير ديبسكي أستاذ الاستراتيجية في كلية أوروبا في ناتولين بوارسو.وتيت رييسالو وزير الاقتصاد والتكنولوجيا السابق في إستونيا في تقرير نشرته مجلة ناشونال انترست الأمريكية ، إن المبادرة ، التي يؤيدها الرئيس البولندي أندريه دودو، حظيت بدعم قوى من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى. ويتعين الآن على رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن يغتنم الفرصة للتواصل مع الرئيس ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية اورسولا فون دير لاين لإعطاء أولوية للمبادرة . ويجب على بولندا السعى للتواصل مع الدول الأعضاء في مبادرة البحار الثلاثة والمفوضية الأوروبية للإعلان عن رؤية جسورة وممتدة تخدم كل من المصالح الأوروبية والأمريكية من خلال دعوة ترامب لحضور القمة. وتشهد الأهمية الاقتصادية والعسكرية لمنطقة وسط وشرق أوروبا صعودا. وتعد مبادرة البحار الثلاثة وسيلة مناسبة لتحقيق الأهمية المتنامية للمنطقة عبر اوراسيا بشكل مثالي. ويستطيع توسك البناء على إرث دودا في رفع مبادرة البحار الثلاثة إلى مشروع أوروبي يحظى بالأولوية.
وأضاف المحللون أن هناك طريقتين رئيسيتين لدعم مبادرة البحر الثلاثة كأولوية أوروبية وتعزيز المصالح الأمريكية . أولهما ،ترسيخ مبادرة البحار الثلاثة بوصفها القناة لاقامة ممرات للتحرك العسكري لتعزيز الموقع الأمامي لحلف شمال الأطلسي (ناتو) على طول جبهة ممتدة من فنلندا إلى رومانيا . ويجب إجراء تقييم سريع بين الناتو والمفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في مبادرة البحار الثلاثة لتحديد وإعطاء الأولوية لمسارات البنية التحتية والنقل التي تحقق أعلى المنافع الاقتصادية والأمنية. ويتمثل العنصر الرئيسي لهذه الرؤية في تحسين الطرق وشبكة السكك الحديدية التي سوف تربط خطوط الناتو الأمامية بالمناطق الاقتصادية الداخلية في المنطقة والموانئ الثلاثة الرئيسية وهى تريستي على البحر الأدرياتيكي وجدانسك على بحر البلطيق وكونستانتا على البحر الأسود.
وتابع المحللون أن هذا التواصل المعزز سوف يربط البحار الثلاثة ويدعم الردع ضد روسيا . وعلاوة على ذلك، فإن هذا الربط سيكون أمرا لا غني عنه لجهود إعادة إعمار وأمن أوكرانيا في فترة ما بعد الحرب. ومن خلال القيام بذلك ، سوف تدمج مبادرة البحار الثلاثة تعافي أوكرانيا في إطار العمل الأمني والاقتصادي الأوسع لأوروبا وترسخ نفسها بقوة كنقطة ارتكاز للاستقرار والازدهار الإقليمي.
والطريقة الثانية هي العمل على جعل مبادرة البحار الثلاثة ،بالتنسيق الوثيق مع المفوضية الأوروبية ، نقطة الإنطلاق الرئيسية لمبادرة البوابة الأوروبية العالمية . ويمكن بهذه الطريقة تحقيق اتصال موثوق مع المناطق المجاورة في الجنوب والشرق والشمال. وفي اتجاه الجنوب، تتصل منطقة البوابة العالمية ومبادرة البحار الثلاثة من خلال ميناء تريستي بالتجارة الهندية المتوسطية الناشئة المدفوعة بأسرع أكبر اقتصاد نموا في العالم ،الهند، إضافة إلى دول الخليج وإسرائيل. وسوف تكون منطقة مبادرة البحار الثلاثة بعد تجديدها وارنباطها بالممر الاقتصادي الهندي الشرق أوسطي الأوروبي في وضع جيد لتدشين طريق ذهبي جديد يمكن أن يدفع التجارة الهندية الأوروبية إلى أفاق أعلى جديدة في القرن الحادي والعشرين. وأعلن الرئيس ترامب مؤخرا أنه ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اتفقا على العمل سويا للمساعدة في تشييد واحد من أكبر طرق التجارة في التاريخ ، يمتد من الهند مرور ا بإسرائيل إلى إيطاليا ثم إلى الولايات المتحدة ، ويربط شركائنا وطرقنا والسكك الحديدية والكابلات تحت سطح البحر”.
وفي جهة الشرق ، تتصل مناطق مبادرة البحر الثلاثة بالقوقاز وبحر قزوين وآسيا الوسطى. وهذا وقت مناسب لإنشاء ممر اقتصادي يربط آسيا الوسطى والقوقاز وأوروبا(سي أيه سي إي). وسوف يؤدي هذا الممر لتعزيز حرية الملاحة في البحر الأسود ويضمن سلامة الساحل الأوكراني.
وإلى الشمال، تتصل منطقة مبادرة البحار الثلاثة بكيان متجدد يضم دول البلطيق والناتو، يطلق عليه الشمال الحر . وتواجه الدول الإقليمية حاجة ملحة بشدة لتنسيق أكبر لدفع المصالح الامنية والاقتصادية المشتركة من خليج فنلندا إلى خليج ألاسكا.
وتعد مبادرة البحار الثلاثة في وضع جيد لتكون الحصن لتعاون أكبر عبر الأطلسي في الشمال الحر. وتعزز مبادرة البحار الثلاثة الاتصال بين المناطق المجاورة ذات الاهمية الجيوسياسية والجيو اقتصادية الكبيرة ، وتخدم كمرساة ومقدمة لجهود البوابة العالمية الأوروبية وسوف يدعم التماسك الداخلي والمرونة اتتمدد الإقليمي لمبادرة البحار الثلاثة بشكل أوسع نطاقا.
وتوفر القمة المقبلة للمبادرة منصة مناسبة ليس لتوسيع رؤية مبادرة البحار الثلاثة فحسب ،ولكن أيضا لزيادة عدد الأعضاء فيها. ويتعين أن تحاول مبادرة البحار الثلاثة ضم كل الدول الأوروبية الرئيسية المشاطئة للبحار الثلاثة وبصفة خاصة إيطاليا وأوكرانيا. ومن خلال إضافة هاتين الدولتين ، فإن مبادرة البحار الثلاثة التي تضم 15دولة تصبح فاعلا إقليميا لاغني عنه في تشكيل مستقبل أمن أوروبا وازدهارها.
ويجب أن تؤمن المبادرة أيضا هيكلا ماليا مناسبا لتنفيذ رؤيتها الموسعة من خلال الاستفادة من اعضائها والشركاء المقربين، ويتمثل الهدف الأساسي في جذب المستثمرين المؤسسين لإقامة مشاريع البنية التحتية. ويمكن أن يعزز الجمع بين الصناديق السيادية المتماثلة، والتمويل المفيد، وضمانات الائتمان الاستثماري بشكل كبير البنية التحتية لمبادرة البحار الثلاثة بوصفها استثمارات مرغوب فيها. وربما تدرس الدول الأعضاء تأسيس صندوق لمبادرة البحار الثلاثة والناتو مع اسهامات يتم تخصيصها في الميزانية للاستفادة من صناديق خاصة مماثلة في إنشاء ممرات ذات استخدام مزدوج للتنقل العسكري.
واف المحللون أنه من خلال دعم قوي من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، ربما تتطلب مبادرة البحار الثلاثة تشكيل مجموعة عمل من دول المبادرة ومجموعة الدول الصناعية السبع، تضم مؤسسات تمويل التنمية لتقديم ضمانات التمويل والائتمان لمستثمرين خاصين مؤهلين في المشاريع الخاصة بالبنية التحتية الإقليمية.
وسيكون التأثير الجماعي للرؤية والعضوية الموسعة لمبادرة البحار الثلاثة هائلا . وإذا ما تم تنفيذ الاستراتيجية أنفة الذكر بشكل مثالي ، فإنها ربما تحول أوروبا الشرقية إلى درجة مماثلة لما حققته خطة مارشال لأوروبا الغربية.
واختتم المحللون الثلاثة تقريرهم بالقول إنه ربما ينظر أيضا الرئيس ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين ،مع رئيس الوزراء توسك والرئيس دودا، إلى هذه الفرصة على أنها واحدة من أفضل جهودهم في تقوية أوروبا والتحالف عبر الأطلسي.