المقالات

البساطة قوة والتعقيد هُوة

بقلم: مسلم بن أحمد العوائد

من المعلوم علميًا وعمليًا أنه كلما كانت الإجراءات الإدارية والمالية معقدة، زاد معها الوقت والجهد والتكلفة المطلوبة لتنفيذها، ويترتب على هذا التعقيد تداعيات خطيرة على المؤسسات الرسمية والخاصة، من بينها هروب اموال المستثمرين المحليين والإقليميين والدوليين، فضلًا عن إحباط المخلصين وتثبيطهم. والأسوأ من ذلك، أن الإجراءات المعقدة تخلق بيئة خصبة للفساد والرشوة، حيث لاتُنجز أبسط المعاملات الا بتسهيلات غير قانونية.
هنا قد يتساءل البعض: ما قيمة الوطن والمجتمع، بل وحتى من أصدر القوانين، في ميزان الإجراءات المعقدة وفرسانها؟. بل وقد يتساءل المتحذلق: هل لما يُسمى اصطلاحًا بـ(الدولة العميقة) دور خفي وعميق في ذلك؟.

هذا قبل…
اما بعد…
يُعد تبسيط الإجراءات من الركائز الأساسية والضرورية لنجاح وتقدم الدول. فاعتماد سياسات تسهّل الإجراءات ومراقبة تنفيذها يسهم في رفع كفاءة الأداء المؤسسي، وزيادة الإنتاجية، وحفظ الموارد المالية. كما يعزز الشفافية والعدالة، ويسرّع إنجاز المعاملات بعيدًا عن الواسطات أو الرشاوى وتسهيلات الفساد القانوني.

اخيرا…
من أهم أسباب تعقيد الإجراءات تعيين موظف ضعيف، يعاني من عقدة المسؤولية التي مُنحت له دون أن يكون أهلًا لها، خاصة عندما يحيط به زملاء أكثر كفاءة منه علميًا وأخلاقيًا، ونفورًا واضحًا من المجتمع. هذه الشخصية المضطربة تتعمد تعقيد الإجراءات والمعاملات عبر تقريب موظفين ضعفاء الشخصية يدينون لها بالولاء المصلحي، لكنهم يجيدون الظهور الإعلامي لتغطية النقص الحاد في الإنجازات الفعلية. يضاف إلى ذلك نشوة السلطة والتعصب الفئوي.

ختاما…

يُقال إن الإجراءات المعقدة والشخصيات المضطربة تشبهان دابة الأرض التي أكلت منسأة سليمان عليه السلام. ولذلك وجب اتخاذ الإجراءات اللازمة قبل فوات الأوان، من خلال تشكيل لجان محايدة تخضع مباشرة للسلطات العليا لمراجعة الإجراءات بشكل مستمر، بهدف تسهيلها وتبسيطها للمجتمع والمستثمر، حيث يتم تحديد مدد زمنية محددة لكل نوع من المعاملات، والإعلان عنها رسميًا ليكون الجميع على اطلاع بها.
إلى جانب إطلاق حملة رقابية صارمة لمراجعة مؤهلات المسؤولين وإنجازاتهم الفعلية وليس الإعلامية، ثم اتخاذ القرارات المناسبة في حينها بتوجيه من القيادة العليا وليس من رئيس الوحدة، هذا الاجراء سيكون له أثر إيجابي ومؤشرات اقتصادية واجتماعية ووطنية شاملة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى