إسقاط التماثيل
بقلم: مسلم بن أحمد العوائد
التماثيل هي هياكل أو مجسمات تُصنع من مواد مختلفة، وتتنوع في دلالاتها؛ فمنها ما يرمز إلى زعماء بصورهم وأشكالهم، ومنها ما يرمز الى شخصيات ثقافية، ومنها حيوانات، ومنها رموز دينية. العجيب أن بعض التماثيل لها دلالات رعب وخوف.
التماثيل في الجاهلية، كانت ترمز للآلهة، مثل “هُبل” في مكة، و”اللات” في الطائف، و”العُزى”، و”مناة”، وغيرها. بل بعض التماثيل كانت تُصنع من التمر ليُعبدها الناس، ثم يقضمونها عند الجوع! . يُقال إنه كان حول الكعبة ثلاثمائة وستون تمثالًا عند فتح مكة، وأسقطها المسلمون بعد أن حرر الإسلام العقول والقلوب قبل تحرير المكان. وكان ذلك أول إسقاط حقيقي للتماثيل في التاريخ، وبداية نظام حضاري إنساني صالح لكل زمان ومكان.
هذا قبل…
أما الآن…
مشاهد إسقاط التماثيل تتكرر من وقت لآخر، خصوصًا تلك التي ترمز إلى أشخاص بعينهم. ورغم أنها مجرد مجسمات لا تنفع ولا تضر، وليست أولوية معيشية أو أمنية، لكن يتسابق الناس الى اسقاطها قبل اي عمل آخر، وذلك إعلانًا بإسقاط نظام كامل بشموليته الفكرية، والأخلاقية، والدينية، والاجتماعية، والقانونية، والعسكرية. وفي كثير من الأحيان، يكون ذلك بداية لبناء نهضة جديدة على انقاض رموز تلك التماثيل، تقوم على اللحمة الوطنية وجمع الشتات،و نشر العدالة، والعلم، والمعرفة، واحتضان الكفاءات الوطنية المخلصة.
أخيرًا…
إسقاط التماثيل ليس حدثًا جديدًا، ولن يكون الأخير، فهو جزء من صراع الخير والشر إلى يوم القيامة. ولذلك على أصحاب القرار أن يُحسنوا اختيار الناصحين المخلصين الذين يدعونهم إلى خدمة الناس بصدق وإخلاص.
أما “التماثيل الحية” التي تقف وراء صناعة تلك المجسمات، فهم العدو الذي يجب الحذر منه.
ختامًا…
الرجال الأوفياء الأمناء الأقوياء يصنعون الأوطان ويبنون الأجيال، ولا ينشغلون بصناعة التماثيل أو المجسمات المعدنية.
قال تعالى:
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}