بطولة كأس الخليج.. إرث وحدث رياضي مميّز في ذاكرة أبناء المنطقة
وهج الخليج ـ مسقط
تشكل بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم التي انطلقت أولى نُسخها في عام 1970م إرثًا وحدثًا رياضيًّا مميّزًا في ذاكرة أبناء المنطقة يعكس روح المحبة والتنافس الودي بين المنتخبات الخليجية المشاركِة، وتستعد دولة الكويت الشقيقة لاستضافة النسخة السادسة والعشرين من البطولة يوم السبت المقبل.
وشهدت البطولة خلال مسيرتها العديد من المحطات انطلاقًا من المنشئات الرياضية التي شُيدت لاستضافة البطولة بالإضافة إلى العديد من اللاعبين الذين تألقوا في البطولة، ومن أبرز هذه المحطات كان انطلاق النسخة الأولى من مملكة البحرين التي حقق المنتخب الكويت لقبها، وكان نظام البطولة من دور واحد بمشاركة منتخبات قطر والسعودية والكويت والبحرين، واستمر نظام البطولة حتى عام 2004 باستثناء خليجي 3 عام 1974 م والذي شهد المشاركة الأولى لسلطنة عُمان والإمارات التي أقيمت بنظام المجموعات لتستمر البطولة بعدها بنظام المجموعتين، فيما كانت المشاركة الأولى للمنتخب اليمني في خليجي 2003.
ويعد المنتخب الكويتي صاحب الرقم القياسي للفوز بهذه البطولة، إذ فاز بعشرة ألقاب في أعوام 1970 و1971 و1974 و1976 و1982 و1986 و1990 و1996 و 1989 و 2010 ، وجاء المنتخب العراقي في المركز الثاني، حيث حقق 4 بطولات في 1979 و1984 و1988 و2023، وحصل المنتخب السعودي على المركز الثالث بثلاثة ألقاب في 1994 و2002 و2003 وكذلك المنتخب القطري بثلاث ألقاب في 1992 و 2004 و 2014 ويأتي مُنتخبنا الوطني في المركز الرابع بلقبين في عامي 2009 و 2017 وكذلك المنتخب الإماراتي في 2007 و2013 وجاء المنتخب البحريني في المركز الخامس بلقب واحد حققه عام 2019 في خليجي 24 بالدوحة.
ويلتقي في المباراة الافتتاحية مُنتخبنا الوطني الأول لكرة القدم وصيف النسخة الماضية بنظيره الكويتي مستضيف البطولة ضمن منافسات المجموعة الأولى التي تضمّ أيضًا منتخبي الإمارات وقطر، أما المجموعة الثانية فتضم منتخبات السعودية والبحرين والعراق حامل اللقب واليمن.
ويستضيف استاد جابر الدولي مباريات المجموعة الأولى، وهو أكبر الملاعب في دولة الكويت وتم افتتاحه في عام 2009 بسعة إجمالية تبلغ 60 ألف متفرج، وكان حاضنًا لتتويج منتخبنا الوطني بخليجي 23 أمام المنتخب الإماراتي بالضربات الترجيحية، فيما تُقام مباريات المجموعة الثانية على ملعب جابر المبارك الصباح الذي يتسع لنحو 15 ألف متفرج ويتميز بإطلالة بحريّة وتصميم فريد من نوعه، ويأتي الهيكل الخارجي للملعب على شكل قوقعة مع إضاءة خارجية متعدّدة الألوان.
وأنهى مُنتخبنا الوطني الأول لكرة القدم استعداداته للبطولة من خلال المعسكر الإعدادي الذي انطلق يوم الأربعاء الفائت الـ 11 من ديسمبر الجاري، وأقام مباراة ودية مع المنتخب اليمني وفاز عليه بنتيجة 1/صفر، ويعول مُنتخبنا على لاعبي الخبرة خصوصًا الذين شاركوا في النسختين الأخيرتين من بطولة كأس الخليج ومنهم حارب السعدي ومحمد المسلمي وصلاح اليحيائي ومحسن الغساني والمنذر العلوي وزاهر الأغبري وأرشد العلوي بالإضافة إلى اللاعبين الجدد الذين تم اختيارهم لقائمة المنتخب لتحقيق النتيجة الإيجابية في هذه النسخة والترشح إلى الأدوار المتقدّمة وصولًا إلى لقب البطولة الذي بلا شك سيكون دافعًا معنويًّا كبيرًا لتكملة مشوار التصفيات الآسيوية المؤهّلة إلى كأس العالم 2026.
وأكّد خالد الرواس مدير منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية على أهمية البطولة حيث إنها تأتي في توقيت مهمّ لوقوف المدربين على مستويات منتخباتهم استعدادًا للجولة القادمة من التصفيات الآسيوية النهائية المؤهلة لكأس العالم 2026، وأن هدف جميع المنتخبات المشاركة في البطولة هو المنافسة وتحقيق اللقب مشيرًا إلى أن المنتخب سيكون فيها حاضرًا بقوة، حيث يمتلك الخبرة والحافز ،وقد وصل المنتخب الوطني الأول لكرة القدم 5 مرات إلى النهائي في النسخ الماضية منذ 2004م وهذا يؤكد على حضورنا ومنافستنا في كل البطولات.
ووضح الرواس أن المنتخب في أتم الجاهزية والاستعداد حيث تم تجهيز اللاعبين من جميع النواحي البدنية والفنية والتكتيكية التي يحتاجها المدرب، وقد شهدت مباراة المنتخب مع نظيره اليمني مشاركة مجموعة من اللاعبين الجدد الذين تم استدعاؤهم والوقوف على إمكاناتهم.
وأضاف الرواس أن الجماهير العُمانية تدعم المنتخب دائما وتكون خلفه في كل الأوقات حتى في المباريات التي لم يقدم فيها المنتخب الأداء ولا الفوز، وهذا بحدّ ذاته حافز معنوي كبير لكل اللاعبين.
من جانبه قال زاهر الأغبري، لاعب منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم إن بطولة كأس خليجي 26 في الكويت مهمة جدًّا بالنسبة للمنتخب، ومجموعتنا ليست سهلة وكذا الأمر بالنسبة للمجموعة الثانية بسبب المستويات المتقاربة ومشاركة المنتخبات بلاعبي الصف الأول مما سيجعل البطولة استثنائية وتحمل مزيدًا من التنافس والإثارة، وطموحنا هو الفوز في كل مباراة نلعب فيها بالبطولة، حيث سيتم التركيز في كل مباراة على حدة وتركيزنا الآن على المباراة الافتتاحية مع المنتخب الكويتي.
وأضاف أن الفوز في المباراة أمام المنتخب اليمني دافع كبير لنا حيث خرجنا من هذه المباراة بالكثير من الفوائد الإيجابية منها مواصلة الاستعدادات ضمن معسكرنا الإعدادي، مشيرًا إلى أن بطولات كأس الخليج تحمل رونقًا خاصًّا وتشهد تنافسًا كبيرًا، ونسعى جاهدين لتقديم كل ما نملك في هذه البطولة وإسعاد الجماهير العُمانية.
وقال الصحفي ناصر بن حمد درويش في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية إن بطولات كأس الخليج العربي أسهمت بشكل كبير في تطور كرة القدم بالمنطقة من النواحي الفنية والإدارية وعلى صعيد البنية الأساسية، لتصل المنتخبات الخليجية بعد ذلك للتتويج بالبطولات القارية والمشاركات العالمية.
وأشار إلى أن منتخبنا الوطني منذ ٢٠٠٤ منافس في دورات كأس الخليج عندما تم استحداث نظام المجموعتين، وفرصته قائمة من أجل المنافسة، كما أنها فرصة سانحة لاستثمار هذه البطولة من الناحية التنافسية في ظل حاجة سبعة من أصل المنتخبات الثمانية المشاركة لرفع جاهزيتها لاستكمال بقية مشوار التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2026 موضحًا أن وجود سبعة منتخبات في المرحلة الثالثة والحاسمة من تصفيات مونديال 2026 سينعكس بشكل جيد على المستوى الفني للبطولة، كما أن توقيتها سيكون مناسبًا في ظل فترة التوقف الحالية للتصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم التي ستنطلق من جديد اعتبارا من شهر مارس المقبل.
وأضاف أن البطولة لها الكثير من الذكريات والمحطات الجميلة منها خليجي 19 النسخة التي استضافتها سلطنة عُمان عام 2009 وهي من أجمل الذكريات التي لا تنسى خصوصًا وأنه تم تتويج مُنتخبنا الوطني بالبطولة للمرة الأولى في تاريخه.
من جانبه قال الصحفي أحمد بن محمد السلماني رئيس القسم الرياضي بجريدة الرؤية إن بطولة كأس الخليج العربي تعد واحدة من أبرز الفعاليات الرياضية والجماهيرية في المنطقة، إذ تمثل أكثر من مجرد حدث رياضي، فهي تجمع شعوب الخليج العربي في أجواء تنافسية رياضية، وتعزز الوحدة والترابط بين الدول المشاركة.
وذكر أنه منذ انطلاقها في عام 1970، أصبحت البطولة منصة لإبراز المواهب الشابة، وتقوية الروابط الثقافية والاجتماعية بين دول الخليج، كما أسهمت في تطوير كرة القدم في المنطقة من خلال رفع مستوى التنافسية والالتقاء بالخبرات المختلفة، فضلا عن تطور وتنامي البُنى الرياضية الأساسية بجميع دول الخليج ويعزى ذلك إلى بطولات كأس الخليج.
وحول مشاركة مُنتخبنا الوطني، بيّن السلماني أن المنتخب الوطني أحد المنتخبات التي فرضت حضورها بقوة في بطولات كأس الخليج، خاصة منذ خليجي 17 بقطر وفي النسخ الأخيرة حيث فاز المنتخب بلقب البطولة مرتين، كانت الأولى في النسخة الـ 19 التي أقيمت بمسقط عام 2009، والثانية في النسخة الـ 23 بالكويت عام 2017.
وأشار إلى أن المنتخب بقيادة المدرب الوطني رشيد جابر يدخل النسخة الحالية وسط تحديات عديدة بعد أداء متذبذب في التصفيات الآسيوية الأخيرة، مما زاد من الضغط على الفريق، ومع ذلك يملك المنتخب قاعدة جماهيريّة كبيرة تدعمه بقوّة، بالإضافة إلى لاعبين مميزين قادرين على تقديم أداء لافت في البطولة، متى ما وجدوا التوظيف الصحيح.
وأضاف أن هذه النسخة من البطولة تشهد تنافسًا قويًّا وأن المنتخب السعودي أبرز المرشحين لنيلها، حيث يمتلك نخبة من اللاعبين المميزين المحترفين في الدوري المحلي والدوريات الأوروبية، ولديه القدرة على الذهاب بعيدًا بفضل جودة لاعبيه وخبرة جهازه الفني، وحظوظه الكبيرة للوصول إلى نصف النهائي وربما النهائي.
ووضح أن المنتخب العراقي يدخل البطولة بثقة كبيرة لأنه حامل لقب النسخة الماضية ويمتاز بروح قتالية وشعبية جماهيرية هائلة مع تشكيلة تضم لاعبين شُبّانًا ومُميزين، ويُتوقع أن ينافس بقوة للدفاع عن لقبه والوصول إلى الأدوار النهائية.
وذكر السلماني أن الكويت الأكثر تتويجًا بلقب كأس الخليج بمعدل 10 بطولات، تستضيف النسخة الحالية مما يمنحها دفعة معنوية كبيرة، وعلى الرغم من التراجع في أداء منتخبها خلال السنوات الماضية، فإن عاملي الأرض والجمهور قد يساعدانه على استعادة بريقه بوجود لاعبين شباب ووجوه جديدة، وستسعى الكويت لتحقيق نتيجة إيجابية، وحظوظها قائمة للوصول إلى نصف النهائي إذا استغلت ميزة الاستضافة.
وأضاف أن المنتخب القطري أيضا هو أحد أقوى المنتخبات المشاركة، بفضل تاريخه وامتلاكه قائمة مميزة من اللاعبين الشباب وأصحاب الخبرة، وقدرته على الأداء الجماعي معروفة، وبالرغم من بعض التغييرات الفنية التي أثرت على استقراره، يبقى المنتخب القطري مرشّحًا قويًّا للوصول إلى المراحل النهائية والمنافسة على اللقب.
وأكد على أن المنتخب البحريني بطل نسخة 2019 سيدخل البطولة بثقة، وهو يتمتع بتنظيم تكتيكي قوي وانسجام بين لاعبيه بقيادة مدربه الخبير دراغان تالاييتش ويمتلك القدرة على مقارعة الكبار، وحظوظه جيدة للوصول إلى نصف النهائي، وربما المنافسة على اللقب إذا استمر في تقديم أداء مميز كما فعل في النسخة التي توج بها، أما المنتخب الإماراتي فقد قال عنه السلماني إنه يمتلك تاريخًا قويًّا في البطولة ويعتمد على نجومه ولاعبيه المخضرمين الذين قد يصنعون الفارق في المباريات الحاسمة. ومع التحسن في الأداء، فيمكن للإمارات أن تكون منافسًا جديًّا على المراكز المتقدمة، بشرط تماسك الفريق خلال البطولة، بينما قال عن المنتخب اليمني إنه الفريق الأقل حظوظًا بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها، سواء على المستوى الفني أو الإداري. ورغم ذلك، فيُعرف المنتخب اليمني بروحه القتالية العالية، وهدفه الأساس تحقيق أداء مشرف واكتساب الخبرة، وأي نقطة يحققها الفريق ستكون بمثابة إنجاز كبير، وعلى الرغم من توازن مستويات الفرق، يبدو أن منتخبي السعودية والإمارات يملكان الحظوظ الأقوى للتتويج، لكن المفاجآت ستبقى واردة في مثل هذه البطولات.