نهاية الطغاة
بقلم: مسلم بن أحمد العوائد
الطغيان سلوك بشري تجاوز العنف، والظلم، والاستبداد، والقهر، والإقصاء، ويعتمد سياسة القمع والإخفاء القسري لكل من يخالف عقيدة الطاغية السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية وغيرها، وحتى من يخالف حاشيته. ومن المعلوم علميًا وتاريخيًا أن الطاغية صفة لشخصه و توصيفا لنظامه الذي يصنعه بطانة مختارة بمعايير وضوابط خاصة، مهمتها إبراز شخصية الطاغية – سواء كان مسؤولًا كبيرًا أو صغيرًا – بأنه حيد زمانه، عدلًا ورحمةً، وكرما، وأبوة حانية. مع مراقبة كل من يُلمّح أو يُصرّح برأي مخالف، ثم دعوته إلى وليمة خاصة به وبأمثاله.
هذا قبل…
أما بعد…
الطغيان نظام شامل يقوم على السلطة المطلقة المسلوبة من المؤسسات العامة والخاصة، ومن الأفراد والمجتمع، وحتى من التاريخ والثقافة والأعراف. الطغاة : ﴿صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون﴾؛ صمّ عن سماع النصيحة، بكمٌ وعميٌ عن الحق وأهله، لا يرجعون عن طغيانهم وضلالتهم. حيث يرى الطاغية نفسه ونظامه أقوى من أن يُقهر، وكأن لسان حاله يقول 【أنا ربكم الأعلى】 . يدعمه في جبروته وطغيانه اصدقاء المصلحة من الداخل والخارج. و غالبًا ما يقتصر طغيانه على حدود بلده وشعبه.
قاتل الله الطغيان الطائفي؛ فقد دمّر بلدانًا عامرة، وشوّه تاريخًا ناصعًا، وشرّد شعوبًا كانت آمنة مستقرة، متعايشة رغم اختلافاتها المذهبية.
أخيرًا…
نهاية الطغاة واحدة، طال الزمن أو قصر، وهي الخزي والذل والعار والهروب والنفي والفقر، هذا على أقل تقدير، فعلى سبيل المثال، النمرود صاحب بابل، الذي يُقال إنه تجبر في حكمه أربعمائة عام، ثم عذبه الله أربعمائة عام أخرى، ببعوضة دخلت في منخره، ليستجدي أقرب واحب الناس إليه من حاشيته وأهله أن يضربوه بالمطارق والأيدي، وربما حتى بالأحذية. كذلك فرعون، الذي قال: (يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) ثم مات غرقًا، وحفظ الله جثته لتكون عبرةً لأمثالهم الطغاة من مختلف ثقافات العالم، وحتى قيام الساعة.
فهل من معتبر؟
ختامًا…
عندما يُقيض الله للمظلومين فرجًا من حيث لا يحتسب الطاغية، ولا يخطر ذلك على قلوب قاداته واصدقائه، ولا يظهر في أقمارهم الصناعية، ولا تكشفه تقنيات مخابراتهم، ولا تمنعه صواريخهم العابرة للقارات. حينها يتبرأ منه الجميع: جيشه، وبطانته، وأهله، وأصدقاؤه، سواء من الداخل أو الخارج. وتتحول السلطة المطلقة إلى ذل مطلق.
من احب الناس بقلبه وعقله سيحبه الناس، ومن طغى وظلم الناس، فنهايته على يد الناس. قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إنما ينصرُ اللهُ هذه الأمةَ بضعيفِها بدعوتِهم وصلاتِهم” وإخلاصِهم”. فالتاريخ لايرحم