المقالات

بين الرهبة والهيبة

بقلم: مسلم بن أحمد العوائد (أبو خالد)

الرهبة والهيبة مشاعر تنبع من النفس البشرية؛ فالرهبة تعني الخوف والقلق والحيرة الفكرية والعقد النفسية، أما الهيبة فتعني الاحترام والتقدير والطمأنينة والبصيرة والقلب السليم والعقل الحكيم والصدق في القول والفعل.

ينتج عن هذه المشاعر سلوك بشري على المستوى الفردي والجمعي، فالهيبة؛ قوة وتلاحم وأفكار خلاقة وتنمية مستدامة. والرهبة؛ ضعف وتفكك وتخلّف، وبروز الرويبضة، الذين لهم عيون لا يُبصرون بها وقلوب لا يفقهون بها.

هذا قبل…
اما بعد…

أثبتت التجارب التاريخية أن سياسة الرهبة ابادت مجتمعات كانت ناجحة في خططها وقدراتها ومكتسباتها وانجازاتها وتلاحمها، بينما سياسة الهيبة أحيت مجتمعات ودول كانت على وشك الانهيار التام. فالهيبة هبة من الله تعالى لمن يتصف بالصدق في قوله وفعله وسياسته. على سبيل المثال، جاء في الأثر أن الهرمزان قال: “والله إني قد خدمت أربعة من ملوك الأكاسرة أصحاب التيجان، فما هبت أحداً منهم هيبتي لصاحب هذه الدِّرَّة”؛ أي عمر الفاروق رضي الله عنه”. انها هيبة العدل ايها القوم.
وجاء عن عثمان رضي الله عنه؛ ” إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن” لان غياب هيبة السلطان يؤدي إلى الفوضى والخراب.

ختامًا…

الدول الناجحة والصاعدة اليوم بعضها لا يتجاوز عمرها أربع مائة سنة وبعضها عشرات السنين تقريباً، انتهجت سياسة غرس الهيبة في نفوس وقلوب مجتمعاتها افرادا وجماعات، تعليما وتطبيقا احتواء وتخفيزا، في المقابل، هناك دول انتهجت سياسة الرهبة، رغم أن عمرها يمتد لآلاف السنين، اليوم عالة على الدول المتقدمة الفتية. لأن الرهبة تدمر العقول والقلوب والطموح، وضعف في الانتماء والولاء.

إن الأجيال الصاعدة مع المتغيرات المتسارعة والتحولات الأمنية والاقتصادية والسياسية والتقنية، تحتاج فعلا الى ان تعيش هيبة العدل، حتى تبدع وتفكر وتبادر بحرية لخدمة مجتمعاتها، بعيداً عن الرهبة والشك والاتهامات الطازجة والمعلبة.

نسأل الله أن يحفظ أوطان الإسلام من سياسات الرهبة، وأن يكسبها هيبة العدل والأمن والأمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى