المقالات

تأملات في الأحداث الأخيرة

بقلم: مسلم بن احمد العوئد( ابوخالد)

اجمع أهل العلم والحكمة على أن مصلحًا واحدًا أحب إلى الله من ألف صالح.
لماذا؟ لأن الصالح يعمل لنفسه، أما المصلح فيعمل لنفسه ولمجتمعه ولأمته.
قال تعالى: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}.
دين الله الإسلام منهج حياة، صالح لكل زمان ومكان، وهو سياسة شرعية ودنيوية. ومن تعلق بغيره، سواء بقوة مادية أو تحالفات دولية أو عقائدية، فالنتيجة كما نرى اليوم هي خسارة الدنيا والآخرة، طال الزمن أو قصر.

“لا تنازعوا الأمر أهله” توجيه من الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته، بمعنى دع السياسة لأهلها، وكذلك الأمور الأخرى، وإلا فقد يختلط الحابل بالنابل، خاصة في الولاءات والإحراجات الدولية والإقليمية، فالمصلحون قدوات شرعية وطنية، هم صمام الامان

هذا قبل…
أما بعد…

تابع العالم الأحداث السياسية والأمنية الأخيرة التي بدأت في 7 أكتوبر 2023م، ثم بدأت مرة أخرى في 27 سبتمبر 2024م، بمعنى كأنها بدأت ولن تنتهي – ويبدو والله أعلم – حتى يتم تغيير استراتيجية المنطقة وربما العالم.
هناك محطات مهمة وخطيرة ومستفزة؛ اغتيالات شخصيات سياسية ودينية، تدخل سافر في سيادة الدول وانتهاكها، اصطفاف مع قرار القنابل والصواريخ والاغتيالات، واصطفاف على مدرجات ملاعب مباريات الديربي، هناك من يصرخ ويعوي، وهناك من يبكي، ومن يطبل.

أخيرًا…

هناك مفردات مهمة تتكرر حاليًا في القنوات العربية الإخبارية، وقد قال أحد الخبراء إنه لا يجب إغفالها أبدًا، وهي: الطائفية، الدولة المدنية، ضعف الوطنية، الهوة بين الحاكم والمحكوم، وغيرها في السياق نفسه.
فالأحداث الأخيرة استهدفت الدول التي تغلغلت فيها الفرق التي يبدو أنها تعمل لصالح دول أخرى ضد أبناء جلدتها ومؤسساتها الوطنية، حتى أصبحت دولهم فاشلة: لا أمن، لا اقتصاد، لا عزة، ولا سيادة.

حذر العديد من العقلاء والمحققين في كتابة تاريخ الدول والحضارات التي سادت ثم بادت، من خطر تمكين الطائفية والحزبية المقيتة، والتي تؤدي إلى زوال الحضارات والدول. فالدولة الطائفية تعني القهر، والخوف، والفقر، والإخفاء القسري، وتحويل الولاءات داخليًا وخارجيًا. حينها تصبح الوطنية ضعيفة، وهنا تبدأ التدخلات القوية لتشتت مقدرات البلد وتاريخه، باسم أبناء البلد الذين غشاهم التعصب الطائفي والمناطقي، لينتهي تاريخ ويبدأ تاريخ آخر.

الحل: من وجهة نظر تاريخية، يتمثل في تمكين وتعزيز دور محاضن التربية، وأهمها المسجد، فقد انتشرت الحضارة الإسلامية من المسجد، وكذلك انتهت حضارات إسلامية بعد أن أهمل دور المسجد. وهذا أمر بينه الله تعالى لخطورته، قال تعالى: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم}.
ثم محاربة الفساد بكل أشكاله: الإداري، والمالي، والديني، بشكل فوري وبكل شفافية، لأن الهدف هو حماية وبناء الدولة الوطنية المدنية.
والاهتمام بجودة التعليم وتطويره باستمرار، وتخصيص موازنات كبيرة للباحثين وللبحث العلمي. وهذا لن يتحقق إلا باختيار الكفاءات الوطنية الخالصة، التي تعمل لله أولًا ثم للوطن بمفهومه الشامل.
وكذلك تشجيع وتفعيل الجمعيات الخيرية والتطوعية لاستغلال طاقات الشباب الوطني من أجل تعزيز دور جهات الاختصاص لخدمة الدولة المدنية.

حفظ الله الأمة الإسلامية من كل شر وسوء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى