هل يمكن أن تفسح هجمات إسرائيل ضد حزب الله الطريق لضرب المنشآت النووية الإيرانية؟
وهج الخليج – وكالات
مع تصاعد الضربات الإسرائيلية في لبنان، تصبح مسألة معرفة نواياها الاسترتيجية أكثر إلحاحا. وقالت برونوين مادوكس المديرة والرئيسة التنفيذية للمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس) في تقرير نشره المعهد إن حكومة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اختارت تصعيد الصراع مع “حزب الله” على حدودها الشمالية، على الرغم من أنه لم يتم بعد التوصل إلى حل للحرب مع حركة حماس في قطاع غزة، وفي وقت يتصاعد فيه العنف في الضفة الغربية، بما في ذلك عنف المستوطنين الإسرائيليين.
وتساءلت مادوكس عن سبب قيام إسرائيل بهذا، قائلة إن معظم التفسيرات تشير إلى أهداف تكتيكية، تتعامل مع التهديدات المنفردة عند ظهورها. ولا يوجد أي مؤشر على استراتيجية أساسية لتأمين السلام. وبدلا من ذلك، يشعر بعض المحللين بالقلق من أن نوايا إسرائيل ربما تكون خلق ظروف لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية. ويبرر وزراء إسرائيليون الهجمات على لبنان بالرغبة الملحة في علاج الوضع في شمال إسرائيل. فقد نزح نحو 60 ألف إسرائيلي من منازلهم في المنطقة الحدودية بسبب الهجمات الصاروخية التي يشنها حزب الله.
وترى مادوكس أنه من الممكن أخذ هذا التفسير على محمل الجد إلى حد ما. فقد كان الضغط السياسي لحل مشكلة السكان النازحين من شمال إسرائيل يتصاعد على الصعيد الداخلي في إسرائيل، على الرغم من أن المشكلة أقل وضوحا بكثير لمن هم خارج دولة الاحتلال.
وتزداد حدة المشكلة مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لأحداث “طوفان الأقصى” ويقول وزراء إنه “غير مقبول” تماما بالنسبة لدولة أن تكون مجبرة على التنازل عن استخدام أراضيها بهذا الشكل. ومع ذلك من الصعب رؤية كيف يمكن أن يكون سكان شمال إسرائيل واثقين بما يكفي للعودة إلى منازلهم بدون عمل عسكري لإبعاد قوات حزب الله لمسافة كبيرة عن الحدود. وأشارت مادوكس إلى أن القادة العسكريين يتحدثون بثقة بشأن توغل سريع لإبعاد حزب الله، إلا أن مثل هذه الخطط لا تظل دائما محكمة، مثلما أظهرت تحركات إسرائيل السابقة في جنوب لبنان. ومن المرجح أن تكون الهجمات التي استهدفت أجهزة الاتصالات اللاسلكية في لبنان وسوريا في الأسبوع الماضي والتي أسفرت عن مقتل وإصابة قادة بارزين في حزب الله قد دمرت الكثير من اتصالات الحزب.
إلا أن قوات الحزب لا تزال متمركزة في القرى بالقرب من الحدود وأي عملية عسكرية إسرائيلية في جنوب لبنان لن تكون عملية سهلة. كما أنه من غير المرجح أن تؤمن الضربات الصاروخية وحدها المنطقة وستستفز صواريخ حزب الله ردا عليها، كما يحدث الآن.
وبعيدا عن الرغبة في تقليص قدرات حزب الله، يرى معلقون آخرون أن العوامل السياسية قصيرة المدى ربما تكون هي السبب وراء الهجمات، حيث لا يزال نتنياهو تحت الضغط من قضايا الفساد في المحاكم. وتعد حالة الصراع المستمر ملائمة بالنسبة له، حيث تسمح له بالاستمرار في السلطة وإبعاد المطالبات بأن يدلي بشهادته.
كما أن الشعور بوجود أعداء من جميع الجهات، يمنح الأعضاء الأكثر تطرفا في حكومته – وخاصة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير- غطاء للمضي قدما في توسيع المستوطنات والطرق في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية.
وأشارت مادوكس إلى أنه ربما تكون هناك خطة استراتيجية أوسع نطاقا وراء هجمات إسرائيل الجديدة، وهي التحرك بشكل مباشر ضد إيران. ومنذ قيام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسحب الولايات المتحدة من “خطة العمل الشاملة المشتركة”، وهو الاتفاق الذي وافقت بموجبه طهران على تقييد برنامجها النووي، جعلت إيران من نفسها دولة على عتبة تطوير أسلحة نووية. وقد ناشدت إسرائيل الإدارات الأمريكية لفترة طويلة لشن هجمات ضد المنشآت النووية الإيرانية أو دعم هجوم إسرائيلي عليها، إلا أن رد واشنطن كان دائما بالرفض.
ومن خلال القضاء على اتصالات حزب الله بتفجير أجهزة “البيجر”، اضعفت إسرائيل تماسك الحزب كقوة قتالية وربما تختار إضعاف الحزب بشكل أكبر من خلال هجوم داخل لبنان أو بشكل آخر. وربما تأمل إسرائيل في أنه من خلال تحييد حزب الله بشكل كاف في الأشهر المقبلة، تستطع التحرك ضد إيران دون أن تشعر بالقلق بشأن الحدود الشمالية.
ويشعر المحللون بالقلق من أن تقرر إسرائيل شن ضربة بغض النظر عن نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية، على أمل الحصول على دعم من المرشح الجمهوري دونالد ترامب حال فوزه بالرئاسة ومع الاستعداد لتقبل النقد من إدارة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس حال فوزها، إذا كان هذا ضروريا. إلا أن هذه الاستراتيجية ستكون خطيرة للغاية، حيث أن تصعيد الصراع إلى الشمال أو الشرق لن يمنح إسرائيل حلا للصراع في غزة. وقالت مادوكس إن المحادثات مع حماس بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن لا تمضي بشكل جيد، وفقا لمسؤولين غربيين. وقد أضاف كل طرف شروطا جديدة: وترغب إسرائيل في الاحتفاظ بالسيطرة على “ممر فيلادلفيا” على الحدود بين غزة ومصر، بينما ترغب حماس في إفراج إسرائيل عن المزيد من الأسرى من السجون الإسرائيلية. واختتمت مادوكس تحليلها بالقول إنه بدون وقف إطلاق النار ثم الاتفاق على مسار لإقامة دولة فلسطينية، تخاطر إسرائيل بخسارة المزيد من الدعم الدولي. وعلاوة على ذلك، فإنه من خلال توسيع الصراع، لن تتمكن إسرائيل من الوصول إلى الجائزة الدبلوماسية التي لا تزال مطروحة أمامها، وهي تطبيع العلاقات مع السعودية، ومن خلال ذلك، المساعدة من جيرانها في احتواء التهديد الإيراني.