ماذا بعد أعمال الشغب في المملكة المتحدة .. وهل انتهت ؟
وهج الخليج – وكالات
بعد أسبوع على عودة الهدوء، تأمل المملكة المتحدة في طي صفحة أسوأ أعمال عنف منذ العام 2011 تخلّلتها هجمات على مساجد ومراكز إيواء مهاجرين.
ـ هل انتهت أعمال الشغب؟
بدأت أعمال الشغب في 30 يوليو في مدينة ساوثبورت الواقعة في شمال غرب إنكلترا في أعقاب هجوم بسكّين أودى بحياة ثلاث فتيات تتراوح أعمارهن بين ستة وتسعة اعوام، خلال حصّة رقص. وتصاعدت أعمال الشغب هذه جراء شائعات نُشرت على الإنترنت أفادت بأنّ المشتبه به طالب لجوء مسلم، في حين أنّه مراهق يدعى أكسل روداكوبانا (17 عاماً) وُلد في كارديف لعائلة تتحدّر من رواندا ذات الغالبية المسيحية. وطالت أعمال الشغب حوالى 12 مدينة في إنجلترا، من ساندرلاند (شمال شرق) إلى بلايماوث (جنوب غرب) مرورا بلندن، وأيضا وصولا إلى إيرلندا الشمالية.
وفي إنجلترا، شهدت بلايماوث آخر الاشتباكات الإثنين الماضي، بينما وقعت هجمات يومي الأربعاء والخميس على متاجر يديرها مهاجرون في إيرلندا الشمالية. ولم يتمّ الإبلاغ عن أيّ حوادث مهمّة خلال نهاية الأسبوع، في وقت أشادت الحكومة بـ”خفض التصعيد” مؤكدة أنّها تظلّ “في حالة تأهّب”.
ـ ما هي الحصيلة؟
أُصيب العشرات من عناصر الشرطة بجروح، كما نُهب عدد من المتاجر. وتعرّضت فنادق تؤوي مهاجرين لهجمات فيما اندلعت حرائق في بعضها، خصوصا في هول وروثرهام وتاموورث. واستُهدفت مساجد في ساوثبورت وليفربول وساندرلاند. وأُلقي القبض على أكثر من 900 شخص بينما وُجّهت اتهامات بالقيام بأعمال عنف والتحريض على الكراهية عبر الإنترنت إلى أكثر من 450 شخصا.
ـ ما هي التبعات القانونية؟
قام رئيس الحكومة كير ستارمر الذي كان يرأس النيابة العامّة في السابق، بتفعيل الآلية القضائية لردع مثيري الشغب. ومثُل أمام المحاكم عشرات الأشخاص، بما في ذلك خلال نهاية الأسبوع، حيث صدرت أحكام قاسية على مثيري الشغب والمتهمين بالتحريض عبر الإنترنت. واستجابة لرغبة الحكومة، يتمّ بثّ الأحكام القضائية عبر القنوات التلفزيونية، بينما تنشر الشرطة المحلية صور وأسماء الأشخاص الملاحَقين على شبكات التواصل الاجتماعي. ومن بين الأشخاص الذين سيمثلون أمام المحاكم، هناك العديد من المراهقين الذين لا تتجاوز أعمارهم 12 عاما. وحذّر رئيس النيابة العامّة ستيفن باركينسون من أنّ الاستجابة القضائية ستدخل “مرحلة جديدة” خلال نهاية هذا الأسبوع، مشيرا إلى أنّ الملاحقات لم تعد تتعلّق بـ”أعمال العنف” ولكن أيضاً بـ”أعمال الشغب” التي يمكن أن تصل عقوباتها إلى السجن لمدّة عشر سنوات.
من جهتها، أشارت وزيرة العدل شبانة محمود إلى أنّه مع امتلاء السجون واكتظاظ المحاكم منذ الجائحة، فإنّ “تأثير هذه الأيام القليلة من الفوضى سيكون محسوسا على مدى أشهر وسنوات” بالنسبة للنظام القضائي.
ـ ما هي التبعات السياسية؟
حتّى الآن، ركّزت الحكومة كلّ جهودها على عودة النظام، مشدّدة على أنّه لا يوجد أي مطلب سياسي يبرّر أعمال العنف. مع ذلك، يبدو أنّ الجلسة البرلمانية الافتتاحية التي ستُعقد في سبتمبر ستشهد نقاشا حاميا بشأن مسألة الهجرة. ويشير بعض النواب المحافظين إلى ضرورة معالجة هذه القضايا التي تشكّل مصدرا للتوترات. ومن دون الدعوة إلى العنف، يبرّر النائب عن اليمين المتشدّد نايجل فاراج ذلك بمخاوف السكّان البيض الذين تتجاهلهم النخبة. من جهتها، تؤكد الحكومة العمّالية رغبتها في خفض مستويات الهجرة الشرعية وغير الشرعية. وقد تواجه استجوابا بشأن قرارها التخلّي عن خطّة المحافظين لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، خصوصا أنّ قناة المانش شهدت عبور الكثير من المهاجرين خلال الطقس الجيد في الأيام الأخيرة.
ـ ماذا عن شبكات التواصل الاجتماعي؟
سلّط كير ستارمر الضوء على المسؤولية القانونية لمستخدمي الإنترنت والمنصّات الرقمية. وصدرت أحكام قاسية بالسجن على الأشخاص الذين يقفون وراء منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي تدعو إلى التعرّض للمهاجرين. وهناك قانون جديد صدر في العام 2023 يركّز على حماية الأطفال كما يشدّد العقوبات على المنصّات ومديريها في حال وجود محتوى غير قانوني. ورغم أنّه لم يدخل حيّز التنفيذ بعد، إلّا أنّ البعض يطاب بتشديده. فضلاً عن ذلك، أعلنت الحكومة نيّتها دمج مكافحة المعلومات المضلّلة في البرامج الدراسية.