المقالات

لا خوف على سلطنة عمان

وهج الخليج – بقلم الدكتور سالم الشكيلي

ألْقت حادثة الوادي الكبير في المدينة الهانئة الوادعة مسقط العامرة ، ولا زالت تُلقي بظلالها على الأحداث المحلية والإقليمية ، وتتصدّر عناوين الأخبار والصحف ؛ نظرًا لندرتها واستحالة أن يتخيل أحد بحدوثها في بلد يُنظر إليه على أنه واحة للأمن والاستقرار ، وعنوان للهدوء والسكينة ، ليس في منطقة الخليج فحسب ، بل في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم أجمع .

ولقد فتحت هذه الحادثة شهية الكثير من الكتّاب والمحللين وقنوات ووسائل الإعلام المختلفة ، وهذا أمر طبيعي ومألوف فدورها لا يقتصر على نقل الخبر فقط ، وإنما ومن خلال رسالتها تساهم بشتى أنواعها من خلال المعلومة الصحيحة والتحليلات المبنية على الحقائق والبيانات والإحصائيات المؤكدة في تشكيل الوعي المجتمعي لدى شريحة كبيرة من الأفراد ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار هذا الدور المتنامي للإعلام ووسائله في ظل الطفرة التقنية الحديثة التي جعلت من العالم قرية صغيرة يطير ما يحصل في شرقها إلى غربها بسرعة وميض البرق ، أو أقل من ذلك .

إلا أنه من غير الطبيعي والمألوف ، بل والمرفوض دينيًّا والمنبوذ اخلاقيًا وقانونيًا ، هو استغلال الحدث لنقل الشائعات المرجفة والأخبار الكاذبة من قبل البعض غير مدركين لمخاطرها وأضرارها ، وما قد تحدثه من بلبلة وانقسام للمجتمع والتأثير عليه سلباَ ، خاصة وان هناك الكثيرين ممّن يهتمون بالمعلومة وليس بمصدرها ، ويطربون للإثارة وإن كانت على حساب الحقيقة ، كما يترتب على الشائعات المساس بالأمن الوطني والعمل على خلق حالة من الفوضى والذعر والرعب بين المواطنين والمقيمين ، ناهيك عن تصدير الشكّ حول مصداقية الجهات الرسمية المختصة ، وهي قبل وبعد كل شيء ستؤدي إلى صرف النظر عن إيجاد الحلول والمعالجات للمشكلات الرئيسة في الدولة ، أي دولة وليست عمان فحسب ، وتستنزف الفرد والمجتمع فكريًا وذهنيًّا .

لقد استغل البعض في الخارج حادثة الوادي الكبير أسوأ استغلال ، وبصور شتى اختلطت بالتدليس والتهويل عن قصد وعن خبث ، كما ظهرت لدى من ابتُلي الإعلام بهم ، كوامن الحقد والكراهية والشماتة التي يُخفونها ، من خلال التحليلات السياسية الشامتة التي تنفث السموم، وقد أظهروا ما توغره صدورهم وتكبته تجاه سلطنة عُمان ، واستغلوا تلك المنصات الإعلامية في نفث تلك السموم والأحقاد بهدف ضرب الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي والاقتصادي والسياحي الذي تنعم به الدولة العمانبة .

وبعيداً عن التهويل في هذه الحادثة الذي لا أرى له موجوباً ، فهي إذا نظرنا لها بموضوعية وتجرد تام ليست ، إن شاء الله ، إلا حادثة عارضة نادرة وعابرة في بلد رسخ فيه الأمن والأمان والاستقرار ، مستندين فيما نقوله إلى ثلاثة عوامل تبدد أية هواجس أو مخاوف وهي : –

الأول ؛ رفض الشعب العماني بكل طوائفه ومذاهبه وتياراته الفكرية لأي نوع من انواع العنف والتعصب ، أو اعتناق للأفكار الضالة، ولديهم الاستعداد التام في كل الأوقات وتحت أية ظروف للدفاع عن وطنهم ومكتسباته ، وعن لُحمتهم الوطنية ونسيجهم الاجتماعي، الذي طرزوه بتعايشهم السلمي وحبهم لبعضهم البعض ، وإيمانهم الراسخ بأن الوطن للجميع لا إقصاء لطائفة أو مذهب أو تيار مهما اختلفت الرؤى والأفكار ، وقد أثبتت الأيام صدق المواقف ومعدن وأصالة الرجال.

الثاني ؛ رفض التربة العمانية لأي نوع من الغلو والتطرف من أي ريحٍ ساقَته ، فتربة عمان لا ينبت فيها إلا الطيب من القول والفعل ، طاهرة زكية كطهارة القائم إلى الصلاة وكرائحة المسك الزكية ، وستظل كذلك ، وهي قادرة بحول الله على لفظ أية نباتات سامة موبوءة متطفلة .

الثالث ؛ يقظة الأجهزة الأمنية بكافة تشكيلاتها ، والتي اكتسبت خلال العقود الماضية خبرة تراكمية في الدفاع عن الوطن والذود عن حياضه ، ولدى رجالها ، والحمد لله ، المهارة الكافية للتعامل مع الخارجين على القانون وبما يحفظ استقرار الوطن وسلامة المواطنين والمقيمين على ترابه .

وفي الختام لا بد لي من تثبيت ثلاث مسلّمات :-

الأولى ؛ ستظل سلطنة عُمان مصنع السلام وأيقونة الوئام ، ولن تتوانى عن إيصال هذا المعنى للشعوب المحبة للسلام .

الثانية ؛ لن تتأخر سلطنة عمان عن مناصرة الشعوب المظلومة مسلوبة الأرض والحقوق ، وفقا لقواعد القانون الدولي ومواثيقه ، انطلاقًا من مباديء الحق والعدل التي يجب أن تسود كافة بقاع العالم ، وهي لن تخضع للترهيب والابتزاز . وهذه مسلّمة أخرى لن نتوقف عن الصدع بها في المحافل الدولية ، وفي آذان الحكومات ؛ فمن كان مع الحق كان الله معه ، وكفى بالله ناصراً ومعينًا .

الثالثة ؛ سيظل العمانيون قيادةً وحكومةً وشعباً يمثلون الاعتدال في أحلى وابهى صورة له ؛ لأنهم للاعتدال أصل ومبتدأ ومنتهى . وهذه المسلّمة الثالثة سنصدع ونصدح بها في وجوه الجميع ، أيًّ كان .

أقولها وبمنتهى الثقة والاطمئنان ، أنْ لا خوف على سلطنة عمان ، أما الحاقدين فلهم مكرهم وخبثهم ، ويمكرون ويمكرُ الله ، والله خير الماكرين . وستبقى عمان تطاول الأنجم والشموس ، تجعل من أولئك الحاقدين منكّسين الرؤوس ، عسى أن يستوعبوا الدروس .
نقول عسى من كل قلوبنا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى