مفاوضات “الفرصة الأخيرة”.. صفقة أم اجتياح رفح ؟
وهج الخليج – وكالات
يحبس الكثيرون أنفاسهم انتظارا لما ستتمخض عنه جولة المفاوضات الأحدث في عمر الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ نحو سبعة أشهر، والتي وصفت بـ”الفرصة الأخيرة”.
ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن مصدر قالت إنه منخرط في محادثات غزة صباح اليوم الأحد أن حركة حماس ستعرض أعدادا “معقولة” للرهائن الإسرائيليين الذين يمكن أن تطلق سراحهم، مما يشير إلى “تحول إيجابي”.
ووفقا للمصدر ذاته، “تضخم حماس عدد الرهائن الذين يمكنها تسليمهم كتكتيك للتفاوض، وهو ما نأمل أن يشير إلى الرغبة في إحراز تقدم في الصفقة”.
وبينما تحدثت تقارير عن تقديم دولة الاحتلال “تنازلات”، نقلت الصحيفة عن مسؤول دبلوماسي، لم تكشف عن هويته، أن “إسرائيل لم توافق على وقف القتال أو الانسحاب من غزة”.
وتصر حماس على أنها تريد وقفا دائما للحرب، وقد سعى الوسطاء إلى دفع القضية إلى الأمام دون معالجة هذه النقطة على الفور، وفقا لصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية.
ويعزو العديد من المحللين خطورة ما ستسفر عنه الساعات القادمة إلى ربط إسرائيل اجتياح مدينة رفح جنوب القطاع بقبول حماس إبرام صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين.
فوزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أعلنها صراحة : “إذا تم التوصل إلى اتفاق فسيتم تعليق العملية العسكرية (المزمعة) في رفح”.
ويرى محللون أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ربما يجد نفسه هذه المرة في اختبار هو الأصعب منذ بداية العدوان الإسرائيلي بعد عملية “طوفان الأقصى” في7 أكتوبر، في ظل تزايد الضغوط الداخلية عليه للتجاوب مع جهود الوساطة الرامية إلى إبرام صفقة التبادل من جهة، ودعوات المعسكر المتطرف في ائتلافه الحاكم إلى عدم الالتفات إلى هذه الجهود والمضي قدما في خطة اقتحام رفح من جهة أخرى.
وعلى وقع التطورات الأخيرة، تواصل عائلات الأسرى الذين تحتجزهم حماس التظاهر في مدن إسرائيلية عدة، للضغط على حكومة نتنياهو من أجل إبرام الصفقة.
وتفاعلت هذه العائلات مع مقطع فيديو نشرته كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أمس السبت لاثنين من الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها يتحدثان فيه عن ظروف احتجازهما في غزة، وعقبت عليه بالقول إن “الضغط العسكري (الإسرائيلي) أدى إلى مقتل عشرات الأسرى الذين بإيدينا وحرم البقية من الاحتفال بعيد الفصح مع أعزائهم”.
فبعد نشر الفيديو، قالت عائلات المحتجزين إنه “يتعين على إسرائيل الاختيار ما بين رفح والصفقة”. وأضافت أنه “يجب إنهاء الحرب ودفع الثمن لإعادة المحتجزين”.
وعلى الجانب الآخر، يضغط أعضاء في الحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل على نتنياهو، ولا يريدون وقف الحرب.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير تخييرهما نتنياهو بين “شن عملية عسكرية في رفح أو حل الحكومة”. ورأى سموتريتش أن “أي صفقة تؤدي إلى وقف الحرب ستعني نهاية عمر الحكومة”.
من جهتها، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن مصر تسعى إلى إحداث نقطة تحول في قضية المحتجزين ومنع قيام الجيش الإسرائيلي بعملية عسكرية في رفح، لاسيما وأن القاهرة لطالما حذرت من تداعيات تنفيذ مثل هذه العملية.
ويقول خبراء إنه على الرغم من تغير الكثير من المفاهيم وتبدل المواقف كثيرا على مدار الأشهر الماضية، فإن فشل جهود الوساطة هذه المرة سيفتح الباب أمام “احتمالات صعبة”.
فخلال هذه الفترة بذلت العديد من جهود الوساطة الإقليمية والدولية لوقف الحرب، لكن دون جدوى، وينظر حاليا إلى المسعى التفاوضي باعتباره طوق نجاة ربما يحول دون انتقال الصراع إلى نقطة خطيرة تختلف عن الأشهر السابقة جملة وتفصيلا.
ومن هنا، فرضت التطورات في غزة نفسها على الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية ست دول عربية على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي أمس السبت في العاصمة السعودية الرياض.
وشهد الاجتماع ، الذي ضم وزراء خارجية مصر والسعودية والإمارات والأردن وقطر وفلسطين، مباحثات مطولة حول الجهود المبذولة لوقف الحرب الإسرائيلية، وجهود الوساطة المصرية القطرية بالتعاون مع الولايات المتحدة وتنسيق المواقف العربية، فضلا عن سبل تنفيذ الرؤية العربية الخاصة بإنهاء الحرب، وفقا لبيان صدر عن وزارة الخارجية المصرية.
وفي هذا الإطار، جدد وزير الخارجية المصري سامح شكري التحذير من “مخاطر إقدام إسرائيل على القيام بعملية عسكرية برية في مدينة رفح الفلسطينية، لتداعياتها الإنسانية الكارثية على أكثر من 4ر1 مليون فلسطيني وتأثيراتها الأمنية على استقرار المنطقة”.
وأكد الوزراء الستة رفضهم القاطع لأية “محاولات لدفع الفلسطينيين للتهجير خارج أرضهم أو تصفية القضية الفلسطينية”.
وفي ظل هذه المواقف الرسمية والشعبية والتي تجلت في انتشار المظاهرات الطلابية في العديد من الجامعات الأمريكية والغربية، تثار العديد من التساؤلات بشأن من بيده حسم الأمر والتحرك نحو حل يجنب المنطقة تصعيدا خطيرا، ومن لا يرغب في ذلك ويدفع باتجاه تأجيج الوضع.