المنتدى الحكومي لمكافحة الاتّجار بالأشخاص في الشرق الأوسط يخرج بعدد من التوصيات
وهج الخليج – مسقط
أوصى المنتدى الحكومي لمكافحة الاتّجار بالأشخاص في الشرق الأوسط في دورته الخامسة الذي جاء تحت عنوان “مكافحة الاتّجار بالبشر عبر تشريعات وإجراءات العمل” الذي عُقد بمسقط اليوم على أهمية المراجعة الدورية للتشريعات النافذة، سواء المعنية بشكل مباشر بمكافحة الاتجار بالأشخاص، أو المعنية بالعمل في القطاعات الأهلية، لضمان مواكبتها تطورات الجريمة ووسائل ارتكابها، إلى جانب تضمينها الأدوات اللازمة للتوسع في تفعيل الدور الرقابي والوقائي لمفتشي العمل.
وأكّد المنتدى على إنشاء مجموعة عمل فنية تضم ممثلين عن الجهات المشاركة، والأمانة العامة الدائمة للمنتدى، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومنظمات وأجهزة الأمم المتحدة ذات الصلة، للعمل على وضع خارطة لتنفيذ التوصيات، ومتابعة ما تم بشأنها، لضمان تحقيق الأهداف المرجوة من المنتدى.
ودعا إلى الاستفادة من خبرات الدول المشاركة في مجال إجراءات تفتيش العمل وقواعد الرقابة ومتابعة شركات الاستقدام والتوظيف وآليات التنسيق بين الدول المستضيفة للعمالة ودول المصدر في مجال التعاون الشرطي والتعاون القضائي الخاص بإدارة الملف التحقيقي في حالات الاتّجار بالأشخاص في قطاع العمالة.
وأوصى المنتدى بأهمية تعزيز الاستفادة من تجارب الدول المشاركة في حفظ حق العمالة في التقاضي العمالي، بإجراءات ميسرة، إلى جانب تقديم الدعم القانوني والفني بالشراكة مع الأجهزة القضائية من جهة، وأداة التعرف على مؤشرات الاتّجار بالأشخاص من جهة أخرى، ضمن إطار قانوني منظّم.
كما أوصى بمواصلة العمل على رفع الوعي المجتمعي بحقوق وواجبات العمالة الوافدة، وتعزيز ثقافة التصدي للعمل الجبري، من خلال تنظيم الفعاليات والحملات التوعوية بالشراكة والتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومنظمات وأجهزة الأمم المتحدة الأخرى ذات الصلة في اليوم العالمي لمكافحة الاتّجار بالأشخاص.
ودعا المنتدى إلى أهمية حث الدول المصدِّرة للعمالة على بث الوعي للعمال بحقوقهم وواجباتهم، ورفع وعيهم بالممارسات المرتبطة بالاتّجار بالأشخاص وطرق الإبلاغ.
وهدف المنتدى الذي رعى افتتاح أعماله معالي الدكتور محاد بن سعيد باعوين وزير العمل، إلى إيجاد رؤية موحدة لمكافحتها على نحو يتماشى مع التطوُّرات والأساليب الإجرامية بما يضمن استدامة وفعالية مكافحتها، وتعزيز وتنمية قدرات العاملين في مجال مكافحة جريمة الاتّجار بالأشخاص ومساعدة الضحايا من خلال البرامج التدريبية المتخصّصة المراعية لطبيعة المنطقة.
وأكّد سعادة الشيخ خليفة بن عيسى الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتّجار بالبشر، أنّ سلطنة عُمان اتخذت العديد من الإجراءات لحماية العمال من التعرض للاستغلال أو الاتّجار بالبشر، منها: إصدار قانون العمل الجديد بموجب المرسوم السُّلطاني رقم (53 / 2023) الذي تضمن موادَّ حظرت العمل القسري والممارسات المرتبطة به.
وأضاف سعادته أنّ من بين الجهود تشكيل فريق من مختلف الجهات الحكومية المعنية لتعزيز التعاون الثنائي مع الدول المصدرة للعمالة، وقام هذا الفريق بزيارة 10 دول بهدف توقيع مذكرات تفاهم في مجال العمل ومكافحة الاتجار بالبشر، كما تمّ تدشين نظام حماية الأجور – وهو نظام إلكتروني مشترك بين وزارة العمل والبنك المركزي العماني يهدف لرصد عمليات صرف الأجور في منشآت القطاع الخاص ومتابعتها للتأكد من التزامها بتحويل أجور العاملين لديها لحساباتهم في المصارف المحلية المعتمدة -، وفقًا لما نصّ عليه قانون العمل في المادة الـ (87).
وأشار سعادته إلى أنّ سلطنة عُمان استحدثت وحدة التفتيش المشتركة بين وزارة العمل ومؤسسة الأمن والسلامة بهدف رفع جودة وكفاءة عمليات التفتيش وزيادة الفعالية في أداء المهام المرتبطة، ودعم عمليات التفتيش بخدمات المساندة الأمنية، بما ينعكس إيجابا على تكثيف الحملات التفتيشية على المنشآت المخالفة والأيدي العاملة السائبة، وكذلك تبسيط إجراءات العمال.
وأفاد سعادته بأنّ اللجنة الوطنية لمكافحة الاتّجار بالبشر أطلقت هذا العام خطة العمل الوطنية لمكافحة الاتّجار بالبشر (2024-2026م) لتعزيز جهود سلطنة عُمان في منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر بمختلف صوره وأشكاله وتوفير الحماية اللازمة للضحايا، معربًا عن أمله في أن يتمّ خلال الأشهر القادمة إصدار قانون جديد لمكافحة الاتّجار بالبشر، بعد تعديل وتطوير القانون الحالي.
ولفت سعادته إلى أنّ مواثيق حقوق الإنسان عالمية في طبيعتها، ويجب على العالم أن يطبقها بعدالة ومساواة، ولكن للأسف هذا ما لا نراه على أرض الواقع الآن، فما يجري للفلسطينيين في قطاع غزة حاليًا من قتل وتجويع وتهجير من قبل سلطة الاحتلال الإسرائيلي أظهر بما لا يدعو للشك أنّ هناك ازدواجية صارخة في المعايير وانفصاما في المبادئ والمواقف.
كما بيّن سعادته أنّ جريمة الاتّجار بالأشخاص جريمة عالمية واسعة الانتشار يستخدم فيها الرجال والنساء والأطفال من أجل الربح، وتستهدف الأشخاص الضعفاء واليائسين الذين يبحثون عن حياة أفضل وتُعدُّ الجريمة من أخطر الجرائم وأكبر التجارات غير المشروعة التي تهدد الأمن البشري؛ ما يستدعي التعاون الدولي لمكافحتها، وإعداد استراتيجية واضحة المعالم تأخذ بعين الحسبان طبيعة الجريمة وخطورتها؛ كونها تتنافى مع الطبيعة البشرية، ومع تعاليم الشريعة الإسلامية ومختلف الأديان السماوية التي قدست كرامة الإنسان وحرمت الاعتداء عليه بأي شكل من الأشكال.
من جانبه ثمّن القاضي الدكتور حاتم علي الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الجهود التي تبذلها دول مجلس التعاون فيما يتعلق بمكافحة الاتّجار بالبشر عبر منهجية واضحة وشاملة في دعم الضحايا وتوعية المجتمع بهذه الجريمة، مؤكدًا على أهمية المنتدى الذي تستضيفه سلطنة عُمان حيث يسعى لتبادل الخبرات والتجارب والرؤى بشأن الجهود التي تبذلها هذه الدول في المنطقة.
وأقيمت ضمن أعمال المنتدى حلقة نقاشية تطرقت إلى مجال منع ومكافحة الاتّجار بالأشخاص عبر تشريعات وإجراءات العمل وسن القوانين والتشريعات الوطنية، واستعراض تجارب الدول المشاركة والتحدّيات التي تواجهها في هذا المجال وشارك فيها عدد من ممثلي الدول والمنظمات الدولية والإقليمية.
وتطرّقت المناقشات إلى التشريعات والإجراءات العملية التي تعتمدها الدول لمكافحة الاتّجار بالبشر وتبادل الأفكار والتجارب الناجحة في هذا المجال والتركيز على الأدوات القانونية والإجراءات الإدارية التي تحظى بتأييد وتقدير المشاركين، التي تؤدي دورًا حاسمًا في مكافحة هذه الجريمة.
واستعرضت الحلقة أيضا تجارب الدول المشاركة لتحقيق نجاحات في مكافحة الاتّجار بالبشر وتقديم تفاصيل محددة عن التحديات التي واجهتها الدول وكيفية التغلب عليها بفضل الجهود المبذولة، كما تمّ تبادل التجارب الناجحة والممارسات المبتكرة التي أثبتت فعاليتها في الحدّ من حالات الاتّجار بالبشر.
وأكد المشاركون في الحلقة النقاشية على ضرورة تعزيز التشريعات وتنفيذ الإجراءات العملية المبتكرة، وتعزيز التعاون الدولي لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة وحماية حقوق الضحايا.
وشارك في أعمال المنتدى عدد من أصحاب المعالي الوزراء رؤساء وأعضاء اللجان المعنية بمكافحة جرائم الاتّجار بالأشخاص في دول مجلس التعاون، والأردن، ومصر، والأمانة العامة لمجلس التعاون، وجامعة الدول العربية، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ووزارة الخارجية الأمريكية، والاتحاد الإفريقي، ورابطة دول جنوب شرق آسيا.