الهبطات.. أول فعاليات استقبال عيد الفطر عند العُمانيين
وهج الخليج – مسقط
تشهد عدد من محافظات سلطنة عُمان منذ الرابع والعشرين من رمضان هبطات العيد – وهي أسواق تقليدية مفتوحة لعرض العديد من السلع والبضائع بما فيها المواشي بأنواعها-، والتي تمثل أول فعاليات استقبال عيد الفطر المبارك ويتوافد إليها المواطنون والمقيمون والسياح.
وتسمى هذه الأسواق التقليدية أيضا /الحلقة/، وما زالت تقام حتى الآن على مساحات مفتوحة من الأراضي أو تحت ظلال أشجار النخيل والمانجو والغاف أو بالقرب من القلاع والحصون، وتشهد إقبالًا كبيرًا من مختلف فئات المجتمع العمرية، وتعد هبطات ولايات: نزوى والرستاق وسناو وعبري، من أكبر الهبطات التي تشهد إقبالًا كبيرًا من عدة محافظات استعدادًا للعيد.
واستهلت ولاية بوشر بمحافظة مسقط وفنجاء التابعة لولاية بدبد بمحافظة الداخلية ووادي بني خالد وإبراء بمحافظة شمال الشرقية أولى هبطات العيد وذلك في الـ 24 من شهر رمضان المبارك، أما في الـ 25 من رمضان فبدأت الهبطات في كل من قريتي “الثابتي” و”اليحمدي” بولاية إبراء، وكذلك هبطة ولاية الحمراء وهبطة (نفعا) التابعة لولاية بدبد.
وفي اليوم الـ 26 من رمضان أقيمت الهبطات في ولايات نزوى، وسمائل (سرور)، وصور، ووادي المعاول / حبراء ومسلمات/، والخابورة، والمنترب بولاية بدية، أما في اليوم الـ 27 من رمضان فأقيمت الهبطات في ولايات الرستاق وجعلان بني بوعلي، والسويق، وبهلاء، وبركاء، وجعلان بني بوحسن، ونخل، والسيب، وسمائل وقرية أفي بولاية وادي المعاول.
وفي الـ 28 من رمضان تقام هبطة المضيرب بولاية القابل، وتختتم ولاية الكامل هبطات محافظتي شمال وجنوب الشرقية وذلك يوم الـ 29 رمضان.
وهناك بعض الهبطات الصغيرة التي تقام في العديد من القرى خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، كما أن هناك توقيتا ثابتا لأغلب الهبطات في سلطنة عمان، حيث تبدأ من شروق الشمس حتى الساعة 11 صباحًا، وتمتد أحيانًا إلى الواحدة ظهرًا بحسب حالة الطقس، وتشهد إقبالًا كبيرًا منذ ساعات الصباح الأولى، ويتوافد إليها الناس من مختلف القرى التابعة للولاية ومن الولايات القريبة والمجاورة، كما أن بعض الهبطات في الولايات الرئيسية تستمر عدة أيام.
وقال سعيد بن عبيد الهنائي مسؤول المناداة في سوق الرستاق لبيع المواشي: شهدت الهبطة حركة بيع وشراء كبيرة من خلال الأعداد الكبيرة من الأبقار والأغنام والخراف سواء المحلية أو المستوردة، مشيرا إلى أن الأسعار تعتبر في المتناول وذلك لعدة أسباب والتي منها ارتفاع أسعار أعلاف الحيوانات.
وأضاف: شهدت هبطة الخامس والعشرين من شهر رمضان المبارك جلب عدد كبير من الاغنام وخاصة المحلية والتي يتم جلبها من قرى ولاية الرستاق كوادي السحتن ووادي بني هني ووادي بني غافر ووادي بني عوف وعدد من القرى الجبلية، كما تم جلب عدد كبير من المواشي من قرى ولايات العوابي ونخل ووادي المعاول وغيرها من ولايات محافظة جنوب الباطنة، مؤكدا أن هناك اقبال كبير لشراء المواشي المحلية.
من جانبه قال حمود بن حمد الجابري من قرية الطو التابعة لولاية نخل: إن هبطة ولاية نخل التي تقام في السابع والعشرين من رمضان استعدادا لعيد الفطر وفي السابع من ذي الحجة لعيد الأضحى يحرص على التوافد إليها البائعون والمشترون من الولايات المجاورة ومن محافظات أخرى قريبة خاصة لشراء المواشي، وتقام بالقرب من قلعة نخل ومن السوق القديم الذي تم ترميمه.
وأوضح أن من بين المشتريات التي يحرص العمانيون على شرائها من الهبطات، السمن البلدي العماني، وعيدان المشاكيك المصنوعة من جريد النخيل، وخصفة الشواء المصنوعة من سعف النخيل، إضافة إلى الحطب، والسكاكين، والأدوات المستخدمة في الذبح وتقطيع اللحم، وأوراق الموز التي تستخدم في لف لحم الشواء قبل وضعه في (التنور)، إضافة الى شراء العسل، والتوابل، والمكسرات، والحلوى العمانية التي تعد من وجبات الضيافة العُمانية الأساسية والمهمة خصوصًا في الأعياد والمناسبات، وهناك أيضا الحلويات التي تنسب الى دول عديدة والملابس المستوردة والألعاب والمكسرات وما يتعلق بفرحة الأطفال من مستلزمات يحتفى من خلالها بالعيد.
وأشار إلى أن عددا من الهبطات تشهد بيع الأسلحة التقليدية الخفيفة التي يتزين بها الرجال بمختلف أعمارهم، مثل: البنادق، والخناجر، والعصي، والأحزمة التقليدية، والسيوف، والملابس العُمانية مثل المصار والكميم.
من جانبه قال عبدالله بن عبيد الحجري من ولاية بدية – بائع متجول بين هبطات محافظتي شمال وجنوب الشرقية – : إن هبطة العيد حاليا تمثل مناسبة خاصة للأطفال الذين يحرص الكثير منهم على حضورها وهم يرتدون الملابس التقليدية، حيث إن أغلب البضائع المعروضة مخصصة لهم كالألعاب والملابس الجاهزة، إضافة إلى اقتناء الرجال والنساء لاحتياجاتهم من المواد الغذائية التي يتم بها إعداد الأكلات العمانية التقليدية ومستلزمات “الشواء “.
وأضاف: إن أغلب البضائع المعروضة في الهبطات حاليا هي بضائع مستوردة تخص الأولاد والبنات، وأن هناك إقبالا جيدا من الأطفال خاصة في الأيام التي تكون فيها الهبطة خلال أيام الإجازات، مشيرا إلى أن الهبطات التي تقام قبل عيد الفطر لا تشهد حضور الأكلات العمانية بسبب الصوم في شهر رمضان المبارك، فيما يكون حضورها أكثر خلال هبطات عيد الأضحى مثل المشويات والهريس والمعجنات والحلويات.
وقال يحيى بن محمد الحجري في هبطة المضيرب بولاية القابل: إن “الهبطات” تعد فرصة لمربي المواشي لبيع مواشيهم المختلفة بأسعار جيدة حيث يحرص العديد منهم الى التنقل من هبطة الى أخرى بحثا عن أسواق وأسعار جيدة، مشيرا إلى أن المواطنين من محافظتي شمال وجنوب الشرقية يحرصون على شراء صغار المواشي المعروفة بـ (المواليد) لإعداد الوجبة العمانية التقليدية المعروفة بـ (العرسية) – وهي وجبة تؤكل عادة قبل الذهاب إلى مصلى العيد وتتكوّن من الأرز واللحم ويضاف إليها السمن البلدي -.
وأوضح أن هبطات العيد قديما كانت تشهد حضورا من أبناء الولاية والقرى التابعة لها لصعوبة التنقل، ويتم خلالها تخصيص أماكن لبيع التمور وأخرى للمواشي، وثالثة للمنتجات الزراعية مثل الحبوب، وقسم للاحتياجات المنزلية مثل الاواني، وكان يوم الهبطة يوم فرح كبير حيث يذهب إليها الرجال بخناجرهم وبنادقهم التقليدية ومحازمهم، والنساء والأطفال بملابسهم التقليدية، وكانت تشهد سباقات للهجن والخيل وفن العرضة، كما أن أغلب المنتجات المعروضة – خاصة الزراعية – هي من الإنتاج المحلي، وقليل من المكسرات مستوردة، كما أن الحلوى العمانية كانت تباع في التغليفة المصنوعة محليا من سعف النخيل، مؤكدا أن كافة مستلزمات العيد قديما كانت صناعة محلية ينتجها الصائغ والنساج والمزارع والفخار وحرفيّ المنتجات السعفية، والتي تفتقدها العديد من الهبطات حاليا.