هجوم موسكو يشعل خوف أوروبا من صيف خطير للغاية
وهج الخليج – وكالات
جاء إعلان ما يسمى بتنظيم “داعش خراسان” الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم الإرهابي على قاعة احتفالات “كروكس سيتي هول” في العاصمة الروسية موسكو وسقوط أكثر من 137 قتيلا لكي يحيي المخاوف الغربية من خطر تنظيم “داعش” بعد سنوات تراجع فيها هذا الخطر في أعقاب تفكيك معاقله في العراق وسوريا بشكل أساسي.
فخلال السنوات الماضية اتجهت أنظار الغرب إلى الغزو الروسي لأوكرانيا وتصاعد التهديدات الروسية والصينية للمصالح الغربية، وتصور الغربيون أن خطر “داعش” أصبح من الماضي، لكن جاء هجوم موسكو الإرهابي ليقول إن التنظيم الدموي قد تحول إلى خطر جديد خبيث.
وقبل أيام من أعنف هجوم إرهابي تتعرض له روسيا منذ 2002، استبعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحذيرا علنيا صدر عن مسؤولين أميركيين من عمل إرهابي منتظر في روسيا، وقال إنه محاولة أميركية لتحويل الأنظار بعيدا عن حرب أوكرانيا.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن ألكس يانجر الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني إم16 إن “بوتين، يغض الطرف عن خطر داعش بسبب الحرب في أوكرانيا”، مضيفا أنه في حين ما يزال الغرب محظوظا بتجنب هجمات داعش، “فإن خطره لم يتلاشى بعد”.
هذه الصورة القاتمة لخطر إرهاب داعش لا تقتصر على روسيا ولكنها تمتد إلى غرب أوروبا التي تستعد لاستضافة سلسلة من الأحداث الرياضية الكبيرة وأبرزها دورة الألعاب الأوليمبية في باريس الصيف المقبل. كما يمكن أن يلعب تجدد خطر الإرهاب في الغرب دورا في تأجيج معركة انتخابات الرئاسة الأمريكية والتي يبدو أن قضايا السياسة الخارجية ستلعب فيها دورا أكبر من المعتاد.
ففي جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأمريكي خلال الشهر الحالي قال أفريل هاينس مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية إن داعش “مازال خطرا إرهابيا مهما”. في الوقت نفسه جاء هجوم موسكو الأخير ليدفع الحكومات الغربية إلى إعادة تقييم مستويات التهديدات الأمنية التي تواجهها والتي كانت محل مراجعة بالفعل على خلفية الحرب الدائرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قطاع غزة. ورفعت فرنسا مستوى الاستنفار الأمني إلى الدرجة القصوى قبل شهور من انطلاق أوليمبياد باريس. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن هذا الاستنفار يأتي “بناء على معلومات ملموسة وذات مصداقية” وأن تنظيم داعش خرسان حاول بالفعل تنفيذ هجمات في فرنسا خلال الشهور الماضية.
كما تستعد ألمانيا لاستضافة نهائيات بطولة أمم أوروبا لكرة القدم “يورو 2024” في يونيو المقبل، وهي ترى أن خطر الإرهاب “حادا” بحسب نانسي فيزر وزيرة الداخلية. وفي الأسبوع الماضي تم القبض على اثنين يشتبه في انتمائهما لتنظيم داعش في مدينة تورينجن شرق ألمانيا، باعتبارهما شركاء في مؤامرة لمهاجمة البرلمان السويدي. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية في برلين “التقييم كان مرتفعا بالفعل بموجب الإجراءات التي اتخذتها السلطات الأمنية في الأسابيع الأخيرة ضد مشتبه في صلتهم بالإرهاب من جماعة خراسان”، مضيفا أن جماعة خراسان هي “بحسب معلوماتنا حاليا أكثر فروع تنظيم داعش عدوانية”، مشيرا إلى أنه كانت هناك عدة اعتقالات مرتبطة بهذه الجماعة في الأشهر الأخيرة.
وأشار نويمان أيضا إلى أنه حدث مؤخرا تغيير في نهج الإرهابيين، حيث رُصدَ في السنوات الأخيرة تزايدا في الجناة المنفردين، وهم أنصار تنظيم “داعش” الذين تلقوا دعاية التنظيم على الإنترنت ثم قاموا بشيء ما بمبادرة منهم، مضيفا أن هناك خطرا تنظيميا مجددا يتمثل في جماعة خراسان، وهي “مجموعة محترفة تماما” قادرة أيضا على تنظيم شبكات، ما يزيد من مثل هذه المخاطر، بحسب نويمان.
كما حذرت بريطانيا مرارا وتكرار من الخطر المتزايد لتنظيم داعش خراسان خلال الشهور الأخيرة بحسب مسؤول بريطاني. ورفعت هولندا مستوى التهديد الإرهابي لديها إلى “كبير” في ديسمبر الماضي وحذرت من “المخاطر التي يمثلها الأفراد المتشددون” الذين يستلهمون تحركاتهم من المنظمات الإرهابية.
ولعل مما يزيد خطورة موجة إرهاب داعش الجديدة، حالة انعدام الثقة بين روسيا والدول الغربية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، وهي الحالة التي دفعت بوتين لرفض التحذيرات الأمريكية قبل أيام من وقوع هجوم قاعة الاحتفالات الموسيقية واعتبرها محاولة أمريكية لتشتيت الانتباه عن أوكرانيا. كما أن غياب التنسيق بين روسيا والغرب يخلق ثغرات أمنية ستستغلها التنظيمات الإرهابية مثل داعش لاستعادة قوتها واستقطاب أعضاء جدد.
ويرى محللو السياسة الخارجية أن خطر داعش خراسان تذكرة بالتداعيات غير المقصودة لقرار الرئيس بايدن الانسحاب من أفغانستان وإنهاء أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة والتي استمرت 20 عاما، بهدف القضاء على خطر الإرهاب الإسلاموي، وهو ما لم يحدث بالفعل.
ووفقا لتقرير لوكالة بلومبرج للأنباء قالت كريستين أبوزيد مديرة المركز الوطني الأمريكي لمكافخة الإرهاب في جلسة استماع بالكونجرس الأمريكي في الأسبوع الماضي إن “داعش خراسان هو الخطر الإرهابي الأكثر إثارة لقلقي”.