الخسائر فوق الاستيعاب في غزة ..والفاجعة أكبر من طاقة الفلسطينيين
وهج الخليج – وكالات
مثقلة بالحزن تبكي سيدة فلسطينية بشدة في ساحة مجمع الشفاء الطبي في غزة بعد صدمتها بفقدان ابنتها البكر في غارة إسرائيلية خلال تعيد العدوان لليوم العاشر.
تصرخ الأم المكلومة بحرقة وهي بحالة هستيريا “قتلوا العروس، لا تزال بدلة الزفاف في غرفتي، كان يوم الجمعة حفل الزفاف وقتلوها وهي عروس”. وتتزايد بشكل قياسي أعداد الشهداء والجرحى من المدنيين الفلسطينيين مع كل غارة جوية تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع في الشهر الجاري. وتقول وزارة الصحة في غزة إن نحو نصف الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء.
وفي مخيم الشاطئ للاجئين غرب غزة حفر رجال بأيديهم العارية في وقت متأخر من في محاولة يائسة لإنقاذ أحبائهم من تحت أنقاض ما كان منزلهم في السابق. وتخيم الصدمة على أقارب العائلة المستهدفة وجيرانهم بعد انتشال أكثر من 15 شهيدا غالبيتهم أطفال. ويسرد سعد حسين ،في نهاية الأربعينات من عمره، أمام كاميرات الصحفيين، أسماء الأطفال الذين قُتلوا في هذه الضربة الأخيرة، ومن بينهم ابنة أخته التي كان عمرها بضعة أشهر فقط. وهذه الطفلة هي واحدة من بين أكثر من 700 طفل ، وتقول وزارة الصحة في غزة إنهم قتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية. وتقول سلطات الاحتلال الإسرائيلي إنها تقصف أهدافاً لحماس لكن السلطات الحكومية في غزة تقول إن الأحياء السكنية والمرافق المدنية والمدارس دُمرت وتضررت بشدة. وتدمرت أحياء مثل الرمال والكرامة في غزة بشكل شبه كلي بكل مبانيها ومنازلها السكنية ومنشآتها ونزح أغلب سكانها إلى المجهول. وعلى مدار الساعة تقريبا ، تفترش جثث الشهداء ساحات المستشفيات مع امتلاء المشارح في وقت يتم تنظيم مراسم التشييع على عجل وبمشاركة محدودة للغاية.
ومع توالي غارات الاحتلال الإسرائيليي يتصاعد نزوح السكان في غزة بحثا عن ملجأ آمن لكن من دون جدوى. ويتحدث نبيل طافش الذي نزح من حي الشجاعية شرق غزة، :”قال جيراننا إن الجيش الإسرائيلي اتصل بهم وأخبرهم بإخلاء المنطقة، لذلك جئنا لنقيم مع أقاربنا هنا في مخيم الشاطئ”. ويضيف لـ وكالة الأنباء الألمانية (د. ب.أ) “لكن في صباح اليوم التالي عندما استيقظنا لصلاة الفجر وقعت الغارة الجوية ولم يكن هناك أي تحذير فصدمنا بالضحايا والدمار في المكان”.
ويعيش في قطاع غزة المكتظ بالسكان والذي يخضع لحصار إسرائيلي بري وبحري وجوي منذ عام 2007 أكثر من مليوني شخص حوالي 47% منهم تحت 18 عاما. ويضطر الكثيرون من السكان منذ بدء جولة القتال إلى النزوح لمدارس تديرها الأمم المتحدة وسط ظروف إنسانية معقدة. وداخل مدرسة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” تشتكي الطفلة ميساء عيد “ليس هناك ماء نشربه ولا ماء نغتسل به حتى نتمكن من الصلاة”. وتقول :”لقد قصفوا مدارسنا لقد قُتل العديد من الأشخاص هذا ليس عدلاً للأطفال مثلنا لماذا يحدث هذا لنا؟”.
والحياة تحت الحصار هي كل ما عرفه أطفال غزة على الإطلاق مع حروب متكررة وجولات قتال دامية منذ عام 2008 حتى اليوم. بالنسبة للبعض مثل نادين رشيد البالغة من العمر 13 عاماً من الصعب تخيل مستقبل يتجاوز هذا الصراع الذي لا هوادة فيه. وتقول إن “الأيام الأخيرة كانت الأسوأ في حياتي، هذه ليست حياة بل مجرد وجود نحن لا نخطط لمستقبلنا بعد الآن نحن نحاول فقط البقاء على قيد الحياة”.
لكن البقاء على قيد الحياة في غزة يصبح أكثر صعوبة ، يوماً بعد يوم الوضع الإنساني يتدهور بسرعة. وبحسب وزارة الصحة في غزة ، فإن المستشفيات في حالة انهيار وكل ما تحتاجه لاستمرار عمل الطواقم الطبية ينفد ببطء. في مقدمة ذلك وقود المولدات التي تحافظ على تشغيل المستشفيات والأدوية، والإمدادات الأساسية ببساطة لا يتم تجديدها بفعل الإغلاق الإسرائيلي.
وحذرت الأمم المتحدة من خطر إغلاق مستشفيات غزة خلال 48 ساعة القادمة بفعل احتمال إغلاق المولدات ما يعرض حياة آلاف المرضى لخطر داهم. في هذه الأثناء تبقى المستشفيات تزدحم في جميع أنحاء غزة بآلاف الجرحى الذين يتم وضعهم على الأرض في الممرات ولم تعد هناك أسرة متبقية وغرف العمليات تعمل فوق طاقتها. ووفقاً للأمم المتحدة ، هناك 50 ألف امرأة حامل في غزة لا يحصلن على الرعاية الصحية جزئياً بسبب القتال ولكن في جزء أخر لأن العاملين في مجال الصحة وجميع المرافق يركزون على علاج الجرحى.
ويقول حسان عبدالله الذي قُتل 12 من أقاربه :”لا أحد يبكي علينا لقد ماتت القلوب ولم يبق إلا الصدمات والأشلاء”. ويضيف لـ (د.ب.أ):”لا نستطيع العثور على طعام في المنازل وهنالك وضع اجتماعي صعب للغاية في غزة بفعل الحصار فوق الحصار، أين يجب أن نذهب لا نعرف”.
ولليوم الخامس على التوالي، انقطعت الكهرباء عن غزة، مما دفع الخدمات الحيوية، بما في ذلك الصحة والمياه والصرف الصحي، إلى حافة الانهيار وتفاقم انعدام الأمن الغذائي. ويعاني سكان غزة من محدودية شديدة في إمكانية الحصول على مياه الشرب النظيفة. وكملاذ أخير، يستهلك السكان المياه قليلة الملوحة من الآبار الزراعية، مما يثير مخاوف جدية بشأن انتشار الأمراض المنقولة بالمياه. وبينما أدانت المنظمات الدولية الحصار الإسرائيلي “غير القانوني” على غزة وعشوائية الغارات الجوية الإسرائيلية فإن “هنالك أملا ضئيلا في أن تنتهي إراقة الدماء قريبا”.