حسابات العناكب السامة
وهج الخليج – بقلم الدكتور سالم الشكيلي
لا يزال البعض ينشر الهلاوس التي تأتيهم في أحلام اليقظة وفي المنام ، والخزعبلات التي سيطرت على عقولهم المريضة فيسيئون إلى وطنهم وشعبه ورموزه ، ختمت على قلوبهم وأسماعهم ، وأطبقت على عيونهم غشاوة سوداء من الحقد الدفين ، لم يستطيعوا مواراة ذلك ، فأظهروه للعلن ، لتتكشف من خلفه مآرب شتى هم يعرفونها أكثر من غيرهم ، معتقدين أن أضاليلهم وأراجيفهم وزيفهم وافتراءاتهم ستنطلي على هذا الشعب ، أصيل المعدن ، الشامخ شموخ جباله الشمّ ، المدرك للمؤامرات الدنيئة لتفتيت وحدته .
وبالرغم من تحطم تلك الدسائس والمكائد والمؤامرات على صخرة الوحدة الوطنية ، إلا أنهم مستمرون في مشروعهم ، لكن هيهات هيهات لما يطلبون ويرجون .
ومن بين تلك الافتراءات والوسائل ، أن يظهر أحدهم مستخدماً حساباً وهمياً ينشر من خلاله أباطيله وسمومه وادعاءاته الخاوية من أي دليل أو برهان ، تارة يقدح في الذات السلطانية السامية ، ويلفق التهم جزافاً لرموز الوطن وقياداته تارة أخرى ، كما لم يسلم من أذاه عموم الشعب العماني الذي بالتأكيد – وهو يعلم ذلك – لا يسكت على الضيم ولا يقبل الإساءة لوطنه وسلطانه من أي أحد كان ، فقد آمن هذا الشعب بقدسية الوطن وانتمائه له ، كما آمن بولائه لسلطانه وتعاهد جلهم على أنّ عمان وطناً جامعاً لهم وليس ملجأً أو مغارات أو مُدّخلاً كمآل هؤلاء الموتورين في بلدان الشتات يقتاتون من موائد اللئام ، يستجْدون الفتات ، ويتسكعون في الحانات ، بل هم في وطن جامع متسع حاضن لكل أبنائه المخلصين .
ويخرج لنا أخر على قناته الخاصة على اليوتيوب ، مستهلاً حديثه بفقاعة قذرة كقذارة وجهه ، مدّعياً أنه سيكشف لنا سراً من الأسرار التي لا يعلمها إلا هو ، وقد يحسبه المتلقي أنه سيخبرنا عن معرفته بمفاعل نووي فإذا به يقرأ من كتابٍ يحكي عن بعض الأحداث التاريخية ، التي مرت بها عمان منذ عقد العشرينيات وحتى عقد الستينيات من القرن الماضي ، ويركز كثيراً على اتفاقية السيب التي وقعت بين السلطة الشرعية ونظام الإمامة أنذاك ، ولم يدر المفتون بنفسه بأن كل هذه الأحداث بما فيها هذه الاتفاقية موثقة في كثير من الكتب التاريخية لعلماء وفقهاء أجلاء سواءً من العمانيين أو من غيرهم ، وعلى رأسهم العلامة نور الدين عبدالله بن حميد السالمي في “تحفة الأعيان” ، والفقيه والمؤرخ الشيخ سالم بن حمود السيابي في كنزه الثمين عمان “عبر التاريخ” .
لم يكتفِ المذكور بسرد ما يقرأه من كتابٍ ، لا يتمتع مؤلفه بالحياد ، وإنما ظل ينفث سمومه على كل من يخالف ما يهرج به ووصفهم بالمطبلين والنفعيين ، بل اتهم شيوخ ووجهاء عمان بأنهم باعوا ضمائرهم ” بجونية عيش ” على حد قوله ، فيا لخساسة الهدف والغاية الذي يرتجيه من حقارة القول والأسلوب التي تأباه النفوس السوية ، لذا لم أجد عنواناً مناسباً لهذا المقال سوى “حسابات العناكب السامة ” .
وقد اتضح أن تلك الفقاعة القذرة ، ارتدت وانفجرت على وجهه الذي وجدته مرتعاَ وبيئة خصبة لها ، لأن الأرض العمانية الطيبة لا تنبت إلا طيباً ولا تقبل إلا طيباً ، وكذلك هم العمانيون .
إن مثل هؤلاء القذارات ، ظهروا من مراقد الفتنة النائمة ، وباعوا وطنهم ومجتمعهم بثمن بخس ، ولم يتعلموا من محاولات غيرهم البائسة ، ولم يدركوا حق الإدراك أصالة ومعدن العمانيين وإخلاصهم وولائهم لوطنهم ؛ الذي لا يرضون عنه بديلا ، مهما اشتدت عليهم قسوة الظروف والمحن ، وأنهم لا يقبلون المتاجرة بظروفهم المعيشية الصعبة التي لن تدوم بإذن الله تعالى وبحرص القيادة الرشيدة .
ولكي لا يُقال بأنّ هذا مصادرة لحرية الرأي والتعبير عنه ، فنحن من أكثر الذين نادوا بحرية الرأي المتزن والحوار الهاديء الهادف البنّاء ، فما أحوجنا لتبادل الأفكار والرؤى التي تبني ولا تهدم ، وتجمع ولا تفرق ، وهذا ما نمارسه – أنا وغيري – وبشكل صريح وعلمي ، تدفعنا مصلحة عمان أولاَ ، دون سبّ أو قذف أو تجريح أو إثارة أو اتهام لأحد ، مالم يكن لدينا دليل قاطع دامغ ، وفي نفس الوقت لا نزكي أحدا على الله لا نمدح مسؤولاً على عمله ، فذلك واجبه ومهمته . ولكن من العقوق للوطن عندما نتجاهل منجزاته التي لولا حكمة ولي الأمر وتضافر العمانيين جميعاً ما تحققت .
أقول وبنفس صافية وخالصة لهؤلاء المغرّر بهم : عودوا إلى رشدكم ولا تسمحوا لجهة أو فرد أن يلوث أفكاركم ويسمم عقولكم ، ويغريكم بالدراهم والدنانير ، فوالله الذي لا إله إلا هو ، لن ينفعوكم وعندما تنتهي مصلحتهم سيتركونكم بل سيدوسونكم بأقدامهم ، لأنهم لن يثقوا في أقوام باعوا أوطانهم بحفنة من الدراهم ، وحينها سوف لن تجدوا لكم ارضاً تقلّكم، ولا سماء تظلكم ، عودوا إلى وطنكم وتعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم .